الوقت- ولدت ميتة، لربما يكون هذا الوصف هو الوصف الأكثر دقة للهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن، حيث لم تستجب السعودية وحلفاؤها لمبادرة الأمم المتحدة وأعلنت أنها غير معنية بهذه الهدنة، الأمر الذي يعني عزمها على الاستمرار في قتل أبناء الشعب اليمني ودفنهم تحت أنقاض منازلهم على مرأى العالم ومسمعه، غير آبهةٍ بكل النداءات والمبادرات التي حاولت وضع حد لهذا الإجرام الجاهلي.
الدموع والآهات، رائحة البارود والموت المنتشرة في أنحاء اليمن، حولت هذا البلد العربي إلى فلسطين ثانية ولكن مع فارق وحيد، أن المعتدي هذه المرة هو دولةٌ عربيةٌ تدعي حرصها على مصالح الإسلام والمسلمين وتلقب حاكمها بـ "خادم الحرمين الشريفين."
فمنذ الساعات الأولى لإعلان الأمم المتحدة بدء الهدنة الإنسانية في اليمن، عمدت السعودية إلى خرق هذه الهدنة وقامت طائراتها الحربية باستهداف مناطق متفاوتة من اليمن، ولم تكتف آلة الحرب السعودية بما فعلته في اليوم الأول للهدنة من قتل وتدمير بل استمرت بفعلها هذا إلى لحظة كتابة هذا المقال، وآخر ما أضافته السعودية وحلفاؤها إلى سجلهم الدموي في اليمن مجزرة جماعية راح ضحيتها 25 مدنياً وحوالي 50 جريحاً جلهم من الأطفال والنساء، عندما قامت طائرات التحالف السعودي في ثالث أيام الهدنة باستهداف مدينة العمال في حي سعوان في العاصمة صنعاء، الأمر الذي أدى إلى تدمير عدد من المنازل فوق رؤوس ساكنيها ومقتل عدد كبير من المدنيين.
إلى ذلك استمرت طائرات التحالف السعودي في شن غاراتها على محافظات اليمن المختلفة، حيث سجل يوم أمس قيام طائرات التحالف باستهداف مناطق جبل هيلان ووادي الجفينة ومنطقة المخدرة في محافظة مأرب وسط البلاد، كما قامت هذه الطائرات بشن غارات عدة على المجمع الحكومي والأحياء المجاورة له في مدينة الخرم في محافظة الجوف، كما تسببت غارات الطيران السعودي على معمل للإسمنت في محافظة عمران في استشهاد 3 مواطنين وجرح 10 آخرين، وكذلك جُرح قرابة أربعين مدنياً معظمهم من النساء والأطفال إثر شن طائرات التحالف غارات استهدفت منطقتي الخمسين والسواد في العاصمة اليمنية، كما استشهدت امرأتان وجرح ثلاثة مواطنين آخرين في مدينة إب جنوب اليمن بعد تعرض منزل في منطقة الجحب في المدينة لغارة نفذتها الطائرات السعودية، كما أكدت مصادر يمنية اشتعال النيران في خزانات وقود مصفاة عدن بعد إستهدافها بثلاثة صواريخ.
الوضع الإنساني إلى مزيد من التدهور:
أعلنت وزارة الصحة اليمنية يوم أمس توقف الخدمات الطبية بشكل كامل في 11 محافظة وذلك بسبب استمرار العدوان السعودي والحصار الجائر المفروض على اليمن، وذكر مصدر مسؤول في الوزارة أن الخدمات الطبية والصحية قد توقفت بشكل كامل في محافظات عدن، لحج، صعدة، تعز، حجة، الضالع، أبين، البيضاء، شبوة، مأرب والجوف. وأرجع المصدر سبب توقف الخدمات الطبية والصحية في هذه المحافظات إلى نقص حاد في المستلزمات والمعدات الطبية والأدوية ومغادرة أغلب الكادر الطبي الأجنبي من أطباء وممرضين البلاد. ودعا المصدر كافة المنظمات والهيئات الإنسانية الدولية إلى التحرك العاجل من أجل إنقاذ حياة الملايين من اليمنيين، وأكد المصدر ذاته عدم دخول أي مساعدات إنسانية إلى اليمن على الرغم من إعلان الأمم المتحدة لهدنة إنسانية لتهيئة فرصة لإدخال المساعدات الإغاثية والطبية والإنسانية العاجلة، وأشار المصدر إلى عدم توفر أسرَّة عناية مركزة في المستشفيات العامة والخاصة في اليمن، وإلى نقص كبير في الكادر الطبي نتيجة لمغادرة الكادر الطبي الأجنبي اليمن مع بدء العدوان السعودي. وكرر المصدر توجيه الدعوة إلى جميع المنظمات الإنسانية الدولية للاستجابة للنداءات المتكررة التي وجهتها وزارة الصحة اليمنية.
خيبة أمل أممية:
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن خيبة أمله إزاء عدم الالتزام بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن في وقت اتهمت فيه صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية المؤسسات الدولية بالتقاعس عن الضغط على السعودية وحلفائها لوقف عدوانهم على اليمن وأرجعت الصحيفة فشل الهدنة الإنسانية إلى هشاشة الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية.
حركة أنصار الله الإسلامية دعت على لسان رئيس مجلسها السياسي صالح الصماد المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لوقف العدوان السعودي ورفع المعاناة عن الشعب اليمني، وأضاف الصماد: "بالرغم من دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لهدنة إنسانية في أواخر شهر رمضان ورغم أن هذه الدعوة لا ترقی إلی مستوی حجم العدوان والحصار الجائر وما ترتب عليه من آثار كارثية علی كل المستويات وبالرغم من ترحيب الناطق الرسمي للجيش وكذلك ترحيب القوی السياسية بهذه الدعوة إلا أن النظام السعودي تجاهل كل ذلك واستمر في عدوانه وجرائمه بما في ذلك تعزيز مرتزقته في عدن بمئات العربات والمجندين لتحقيق مكاسب ميدانية"، ودعا الصماد أبناء الشعب اليمني للتحرك الجاد إلى جانب الجيش واللجان الشعبية من أجل اتخاذ خطوات جديدة من شأنها وضع حد للعدوان السعودي ولجرائم النظام السعودي بعد أن أدار العالم ظهره لهم.