الوقت- منذ انقسام الكوريتين عام 1953، لم يلتقِ قادة كوريا الشمالية وأمريكا ولكن هذا العداء البالغ من العمر 65 عاماً قد يتلاشى في وقتنا الحاضر وقد تتحسن العلاقات بين البلدين وذلك بسبب اللقاء الذي جمع "كيم جونغ أون" الزعيم الكوري الشمالي بنظيره الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في 12 يونيو في سنغافورة، اللذان اشتهرا بسلوكهما الهجومي على المستوى الدولي وقد نشرت العديد من وكالات الأنباء والصحف الأجنبية والإيرانية هذه الأخبار بشغف وحماس، لكن النظرة العامة التاريخية للاجتماعات والاتفاقات المماثلة بين قادة الدول المتخاصمة في الثمانين سنة الماضية، تؤكد بأن هذا اللقاء لن تكون له أي ثمار إيجابية وسيؤول في نهاية المطاف إلى الفشل ولذا فلقد قامت مجلة "الإيكونوميست" بتحليل ستة من اللقاءات للقادة المتخاصمين على مدى الثمانين سنة الماضية وكانت طريقة اختيار هذه الحالات مبنية على مستوى القوة الاقتصادية والعسكرية للأطراف خلال تلك المفاوضات وفيما يلي سوف نسلط الضوء أكثر على تلك اللقاءات:
لقاء "تشامبرلين" و"هتلر" في ميونيخ
سافر رئيس وزراء بريطانيا "نيفيل تشامبرلين" إلى ميونيخ في عام 1938 في محاولة أخيرة منه لمنع نشوب الحرب بين بلاده مع ألمانيا ولقد عقد مفاوضات مباشرة مع "هتلر" وفي ذلك الوقت حذّرت مجلة "الإيكونوميست" السلطات البريطانية من التفاؤل بهذا التوقيع وبالفعل بعد مرور عام واحد على تلك المفاوضات، شنّت ألمانيا هجومها على بريطانيا.
لقاء "ستالين" و"تشرشل" و"روزفلت" في يالطا
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، خطط الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي، جنباً إلى جنب مع رئيس الوزراء البريطاني ورئيس أمريكا، لرسم مستقبل العالم وفي ذلك الوقت، تنبّأت مجلة "الإيكونوميست" بقليل من التفاؤل بأنه إذا بقي الرؤساء المتفاوضون سويّة في "خدمة" النظام الدولي، فلن تستطيع الدول الأصغر أن تفرض هيمنتها على ذلك التحالف ولكن للأسف الشديد لم يصمد ذلك التحالف طويلاً.
لقاء "خروتشوف" و"كينيدي" في فيينا
التقاء زعماء دول التكتل الشرقي والغربي بعد ثماني سنوات من وفاة "ستالين" في فيينا لمنع نشوب مواجهات عسكرية بين القوتين في "كوبا" و"لاوس" ولقد كتب بعض المحللين السياسيين حول هذا السياق: "طالما استمر هذا التوازن في القوى، فمن المرجح ألا يقوم أي من الطرفين بتصرف يؤدي إلى نفاد صبر الطرف الآخر" ولكن بعد عام واحد فقط أي في عام 1962، اشتدت الأزمة الكوبية بسبب معارضة أمريكا لنشر الصواريخ السوفيتية في كوبا وكان من المرجح أن تنشب حرب نووية ولكن لم يحدث ذلك.
لقاء "نيكسون" و"ماو" في بكين
في نهاية الحرب الأهلية الصينية عندما حكم الشيوعيون "بكين"، قامت واشنطن بتقديم الكثير من المساعدات للقوميين الصينيين وذلك من أجل الحفاظ على الحكومة الصينية السابقة في منطقة "تايوان" فقط ولم تعترف واشنطن أيضاً بالحكومة الجديدة في "بكين" وهذا الأمر أثار غضب "ماو" والقادة الثوريين للصين وأدّى إلى عقدين من العداء بين الصين وأمريكا.
ولكن "نيكسون" ذهب شخصياً إلى "بكين" عام 1972، ليعيد بناء العلاقات بين البلدين وبعد سبع سنوات، اعترفت أمريكا بالصين، على الرغم من أن العديد من المحللين لم يأملوا في أن يكون لاجتماع "ماو" و "نيكسون" أي نتائج إيجابية على مستوى الساحة السياسية.
لقاء "ريغان" و"غورباتشوف" في ريكيافيك
منذ بداية رئاسته، كان لدى "ريغان" موقف معادٍ تجاه الاتحاد السوفييتي وقد وصف الاتحاد السوفييتي صراحة بأنه "إمبراطورية الشيطان" في عام 1983 ومع ذلك وبعد عامين، اجتمع "ريغان" مع الأمين العام الجديد للحزب الشيوعي السوفييتي "غورباتشوف" وفي تلك المفاوضات الكبرى، حاول "غورباتشوف" إقناع خصمه بالتخلي عن خطط الدفاع الصاروخية التي كان يطمح إليها والتي اشتهرت فيما بعد بحرب النجوم.
لقاء "كيم جونغ إيل" و"كيم داي جونغ" في بيونغ يانغ
بعد 47 عاماً من انفصال الكوريتين، اجتمع قادة هذين البلدين في يوليو 2000 ولقد نزل الرئيس والأب الروحي لكوريا الشمالية في ذلك الوقت ضيفاً عند الرئيس الكوري الجنوبي السابق وفي ذلك الوقت حذّرت مجلة "الإيكونوميست" من أن هذه الزيارة لن تثمر شيئاً وبالفعل أظهرت تلك الزيارة مدى الاختلافات الموجودة بين البلدين.
لقاء "كيم جونغ أون" و"دونالد ترامب" في سنغافورة
على نقيض الروتين المعتاد في العلاقات الدولية، التقى قادة كوريا الشمالية وأمريكا بشكل مباشر بعد قطيعة دامت لعدة سنوات تخللها الكثير من إطلاق التهديدات والوعيد من كلا الجانبين والتراشق ببعض العبارات الجارحة وبعد عقد هذا اللقاء، أعرب الرئيس الأمريكي بأن هذه المفاوضات كان لها ثمار إيجابية تمثلت في التوافق والتوقيع على العديد من ملفات التعاون المشترك بين البلدين وهنا ترى مجلة "الإيكونوميست": "بأنه يجب على كلا الطرفين الآن تحويل العبارات الدعائية والإعلامية إلى نصوص حقيقية وواقعية".
على أي حال، فإن المحللين السياسيين يعلّقون الكثير من الآمال في الوقت الحالي على تلك المفاوضات بين أمريكا وكوريا الشمالية وهنا يجب الانتظار لفترة من الوقت لمعرفة ما إذا كانت نتائج تلك المفاوضات سوف تُؤتي ثمارها أم إنها ستكون مماثلة لتلك المفاوضات التي تم عقدها في الماضي خلال الثمانين سنة الماضية.