الوقت- بعد قرارها بالخروج من الاتحاد الأوروبي قبل نحو عامين بدأت بريطانيا تواجه أزمة اقتصادية حادة تسببت بفقدان الآلاف من مواطنيها لوظائفهم في شتى المجالات، ووضع هذا الأمر حكومة "تيريزا ماي" أمام وضع حرج دفعها لأن تزيد من صادرات بلادها للأسلحة لتعويض النقص الحاصل في القطاع الاقتصادي.
وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة التي تواجهها حكومة ماي داخل وخارج وبريطانيا إلّا أنها مازالت تصرّ على مواصلة بيع المزيد من الأسلحة التي يذهب أكثرها إلى أنظمة قمعية وديكتاتورية ومنتهكة لحقوق الإنسان وفي مقدمتها الكيان الصهيوني والنظام السعودي.
في هذا السياق ذكرت صحيفة "الغارديان" أن الحكومة البريطانية باعت أسلحة للكيان الصهيوني بقيمة تجاوزت الـ 350 مليون دولار خلال السنتين الماضيتين على الرغم من القمع الذي يمارسه هذا الكيان ضد الشعب الفلسطيني والذي وصل ذروته خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أدى إلى استشهاد 123 فلسطينياً وإصابة 13000 آخرين جراء قمع التظاهرات التي خرجت بمناسبة "يوم العودة".
من جانيها ذكرت الحملة المناهضة لتجارة السلاح المعروفة اختصاراً باسم "CAAT" أن بريطانيا باعت أسلحة إلى السعودية بقيمة 14 مليار دولار بينها 48 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، مشيرة إلى أن هذه الصفقة تم إبرامها خلال زيارة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" إلى بريطانيا قبل أكثر من شهرين.
وجاء عقد هذه الصفقة في وقت شهدت فيه لندن ومدن بريطانية أخرى تظاهرات غاضبة ضد زيارة ابن سلمان منددة بالجرائم البشعة التي ترتكبها السعودية ضد الشعب اليمني والتي أدت إلى إزهاق أرواح الآلاف من الأبرياء بينهم الكثير من النساء والأطفال وتدمير البنى التحتية لليمن في شتى المجالات.
ووفقاً لتقرير أعدته صحيفة "الاندبندنت" تضاعفت قيمة الأسلحة البريطانية التي تم بيعها للسعودية منذ بداية عدوانها على اليمن قبل أكثر من ثلاث سنوات إلى نحو 500 في المئة، رغم التقارير المتكررة عن الجرائم والمجازر التي ترتكب جراء هذا العدوان.
وكانت القنابل المصنوعة في بريطانيا قد رُصدت في أماكن القصف السعودي للشعب اليمني، لكن لندن تابعت دعمها التسليحي للرياض على الرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهت لها من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية في هذا المجال.
ولم تكتف بريطانيا ببيع السلاح إلى السعودية التي شملت القنابل والصواريخ، بل قامت أيضاً بإرسال حوالي سبعة آلاف من كوادرها لدعم الرياض في مختلف الميادين العسكرية والأمنية.
وكانت السعودية قد وُضعت على القائمة السوداء التي نشرتها الأمم المتحدة العام الماضي لتسببها في قتل الأطفال في اليمن.
وتشير أرقام قسم التجارة الخارجية في بريطانيا أن العامين السابقين للعدوان السعودي على اليمن شهدا مبيعات أسلحة بقيمة 33 مليون جنيه، لكن في العامين التاليين وصلت هذه المبيعات إلى 1.9 مليار جنيه، أي ما يعادل زيادة قيمتها 457 في المئة، كما تضاعفت قيمة مبيعات الطائرات البريطانية المقاتلة بنحو 70 في المئة لتصل إلى 2.6 مليار جنيه في الفترة ذاتها.
ومن بين الأسلحة التي باعتها بريطانيا للسعودية قنابل "رايثيون بيفواي" وصواريخ "بريمستون" و"ستورم شادو" و"بي جي إم 500 " والتي تم استخدامها في قصف اليمن طوال السنوات الثلاث الماضية، ويبدو أن تسارع مبيعات الأسلحة سيتصاعد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكست".
وتفوقت بريطانيا في السنوات الأخيرة على كل من روسيا والصين وفرنسا لتصبح ثاني أبرز مصدّر للأسلحة في العالم بعد أمريكا بحسب ما كشفت صحيفة "الإندبندنت" نقلاً عن أرقام حكومية رسمية.
وبحسب الصحيفة، فإن ثلثي الأسلحة المصنّعة في بريطانيا منذ 2010 استوردتها دول في الشرق الأوسط ما أدّى إلى تأجيج الصراعات فيها.
ومن بين الدول التي باعت إليها بريطانيا أسلحة، دولٌ مصنّفة "غير حرة" أي من غير المسموح امتلاكها هكذا أسلحة وفق مؤسسة "فريدوم هاوس" الأمريكية غير الحكومية.
وخلصت دراسة مشتركة أجرتها منظمات مناهضة لتجارة الأسلحة إلى أن 10 مليارات جنيه استرليني من تراخيص الأسلحة قد تم تصديرها بشكل غير قانوني من بريطانيا إلى عدد من الأنظمة منها السعودية ودولة الإمارات.
كما باعت بريطانيا أسلحة بقيمة 7.9 مليارات جنيه استرليني إلى بلدان وضعتها وزارة الخارجية البريطانية سابقاً ضمن قائمة الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان وفي مقدمتها السعودية والكيان الصهيوني والبحرين.
وكشف تقرير لموقع "ميدل ايست اي" البريطاني أن لندن تستخدم تراخيص سرية لإخفاء حجم صادراتها من الأسلحة إلى دول لديها سجلات خطيرة في مجال انتهاكات حقوق الإنسان.
وتابع التقرير أن الشركات التي استخدمت تراخيص سرية لبيع أسلحة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 باعت ما قيمته 4.2 مليارات دولار لدول في الشرق الأوسط.
هذه الأرقام وغيرها تكشف حقيقة السياسة البريطانية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان لكنها تقوم في الوقت ذاته بدعم الأنظمة الأكثر القمعية والديكتاتورية في العالم ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين الإنسانية والأعراف الدولية.