الوقت- بعد شهور طويلة من التحليلات وبثّ الشائعات والأخبار التي تنفي أو تؤكد، خرج ترامب يوم الثلاثاء 8 مايو/ أيار من الاتفاق النووي الإيراني لينهي هذ السجال، فاتحاً آفاقاً جديدة لمجموعة من الاحتمالات التي دفعت به للخروج من الاتفاق النووي، هذا الانسحاب الذي خالفته كل أوروبا وحذّرت من تبعات الخروج منه وما زالت مصرّة على عدم إفشاله لكونها تعي جيداً إلى أين يمكن أن تؤدي نتائج الانسحاب منه، وفي مقابل ذلك كان هناك سعادة منقطعة النظير لدى "إسرائيل، السعودية والإمارات" لخروج ترامب منه.
والسؤال هنا لماذا أيّد نتنياهو خروج أمريكا من الاتفاق النووي واعتبره من مصلحته في الوقت الذي دافعت عنه العديد من الشخصيات الإسرائيلية وحذّرت من الخروج منه؟!، ألم يكن الاتفاق النووي الإيراني في مصلحة "إسرائيل"؟!، وما هي نتائج الانسحاب الأمريكي منه على كيان الاحتلال؟!.
مصالح الكيان الإسرائيلي من الاتفاق النووي
يبدو أن الصهاينة كانوا يرون مصالحهم في الاتفاق النووي من خلال التالي: السيطرة على قدرة إيران النووية، الحدّ من الصناعة النووية الإيرانية والقبول طواعية بالعديد من البنود النووية (وفقاً لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي) والتي تتلخص في منع إيران من التخصيب الصناعي وبالتالي بالنسبة "للصهاينة والغرب" إن إيران وفقاً لهذا الاتفاق لن تحصل على القنبلة النووية.
الفائدة الأخرى للصهاينة تتمثل في كونها تصبح قادرة على مراقبة أنشطة إيران النووية واحتواء هذه الأنشطة، وبالتالي تتمكن من احتكار السلاح النووي لنفسها في غرب آسيا وشمال إفريقيا.
النقطة الثالثة تتمثل في كون الكيان الإسرائيلي يراقب بحذر تحوّل بعض الدول في المنطقة إلى دول نووية مثل السعودية ومصر اللتين تلهثان للحصول على النووي تحت ذريعة صناعة الطاقة النووية لأغراض سلمية، وبما أن إيران تمكّنت خلال العقود القليلة الماضية من تطوير قدراتها في هذا المجال، أصبح لدى هاتين الدولتين الدافع للحاق بها في هذا المجال، لكن بنود الاتفاق النووي التي تم توقيعها مع إيران كانت بمثابة "مكابح" لطموحاتهم وهنا يجد الإسرائيلي مصلحته، في الحدّ من هذا الانتشار النووي لمنع وجود منافس له في المنطقة.
أسباب معارضة نتنياهو للاتفاق
على الرغم من المصالح المذكورة أعلاه للكيان الإسرائيلي، نجد أن نتنياهو كان دائماً يحارب الاتفاق مستخدماً أشد العبارات ضده ولطالما أراد إيقافه، لماذا؟، من المتوقع أنه كان يريد المزيد من التنازلات وربما النقاط التي سنذكرها الآن ستضيء لكم جانباً من الحقيقة:
1- مدة الاتفاق مؤقتة: يرى نتنياهو أن صفقة الاتفاق النووي غير مجدية بالنسبة له لكونها تستمر فقط "عشرة أو خمسة عشر عاماً"، وبالتالي يخشى نتنياهو أن تتمكن إيران من الحصول على القنبلة النووية بعد هذه المدة بسرعة كبيرة.
2- خفض العقوبات: يرى نتنياهو أن رفع العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني ستكون عاملاً مهماً في تعزيز قدرة الحكومة الإيرانية ومن ثم مساعدة الاقتصاد المحلّي وحلّ المشكلات الداخلية في إيران، وفي نهاية المطاف تمتين السياسة الخارجية وإكسابها مزيداً من القوة والقدرة.
3- زيادة النفوذ الإقليمي: ولكي يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحدّ من قلقه في هذا الاتجاه، عمل على إخافة الدول العربية من النفوذ الإيراني وحوّلها إلى "بعبع" في إعلام بلاده وتمكّن خلال ذلك من إيجاد نقاط مشتركة مع بعض الأنظمة العربية مثل الإمارات والسعودية.
4- موضوع الصواريخ: من الأسباب الأخرى التي تدفع نتنياهو للقلق من الاتفاق النووي هو عدم تضمّنه أي بند عن مسألة الصواريخ الإيرانية البالستية، وبالتالي يخشى نتنياهو أن يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى زيادة القوة الاقتصادية الإيرانية ثم مواصلة اختبار وتحسين صناعة الصواريخ الإيرانية.
نتائج الانسحاب الأمريكي من الاتفاق على كيان الاحتلال
إن سعي نتنياهو إلى خروج ترامب الأحادي الجانب من الاتفاق النووي وترحيبه به يمكن أن يكون للأسباب التالية:
1- عودة العقوبات: تتمثل النتيجة الأولى والأهم لانسحاب أمريكا في استعادة العقوبات وإعادة العقوبات المفروضة على الشركات التي ستواصل التعاون مع إيران.
2- زيادة الاحتجاجات المحلية في إيران: يعتقد نتنياهو أن انسحاب ترامب من الاتفاق وعودة العقوبات سترخي بظلالها مجتمعة على الشعب الإيراني وبالتالي زيادة أمله في أن تعود الاحتجاجات إلى الشارع الإيراني بقوة أكبر، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تحوّل النظام الإيراني إلى حل المشكلات الداخلية والتراجع عن الوجود الإقليمي والتأثير، وبالتالي إيجاد حل لقلق نتنياهو من الوجود الإيراني في سوريا والعراق وهذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة الضغوط على حزب الله.
3- إجبار إيران على الدخول في اتفاقيات جديدة: نتنياهو لا يتطلّع فقط إلى تمزيق الاتفاق النووي؛ بل يسعى للتوصّل إلى إيجاد اتفاق جديد بين إيران و 5 + 1، يتعلق بالصواريخ البالستية ونفوذ إيران في المنطقة وتضمينه للاتفاق الجديد.
4- تنسيق إسرائيلي - عربي على أعلى مستوى: الانسحاب الأمريكي من الاتفاق سيكون له دور كبير في إيجاد نقاط مشتركة بين "إسرائيل" والسعودية والدول التي تلف لفيفهما.