الوقت- مع نهاية الحرب على "داعش في العراق، بدأ جليد العلاقات السعودية العراقية يشهد ذوباناً تدريجياً، وعلى أكثر من صعيد، وأخذت العلاقة منحىً آخر، بعد سنوات من العداء وتبادل الاتهامات في العلن، لمعرفة مستقبل هذه العلاقة وأبرز التقاطعات والمشتركات ما بين الرياض وطهران حاورنا النائب العراقي السابق "وائل عبد اللطيف".
السيد وائل عبد اللطيف أهلاً ومرحباً بك معنا، بداية كيف تقيّم عودة العلاقات العراقية السعودية؟
شكراً لكم .. عام 1990 وما قبل هذا التاريخ كان العراق يتمتع بعلاقات استراتيجية مع مملكة "آل سعود" ولكن عند غزو الكويت 1990/08/02 قادت السعودية حملة على العراق وجيّشت الجيوش، وأصبحت العلاقة سيئة جداً آنذاك، وبعد 2003/04/09 فتح العراق الأبواب وعلى مصراعيها أمام كل العالم عدا الكيان الإسرائيلي، وقلنا يا إخوان نحن أبوابنا مفتوحة لكل الدول الإقليمية والعربية والإسلامية ودول أوروبا وكل دول العالم، ونريد أن نبدأ بفتح صفحة جديدة، ولكن فوجئنا أن السعودية آنذاك لا تريد أن تعيّن سفيراً لها في العراق، ولا تريد أن يستمر النظام السياسي في العراق، واستطاعت أن تدفع بأكثر من (5 آلاف) انتحاري لإراقة دماء العراقيين، ونجحت في زعزعة الوضع العراقي كما نجحت في التأثير على الدول العربية أو الدول الإسلامية السائرة بركبها بأن تتعثر وتتلكأ في الاعتراف بالحكومة العراقية والتعاون معها لتعود وتحتل مكانتها الدولية كما كانت سابقاً.
لماذا انتهجت الرياض هذه السياسة، هل لديها مخاوف من العملية الديمقراطية في العراق أم إن هناك أسباباً أخرى؟
بالتأكيد.. عائلة "آل سعود" تقوم على الفكر الوهابي وهذا معروف للجميع، وإن العراق يقف ضدّ الفكر الوهابي كما تعلمون.
بالتالي لم نستطع النجاح في عملية "خلق مرونة" ما بين السياسة العراقية والسياسة السعودية إلى ما قبل نحو ستة أشهر، حتى لمسنا بعض المرونة في السياسة السعودية إزاء العراق، وشهدت العلاقة بعض المتغيرات وآخرها الضيافة البصرية للفريق السعودي التي قوبلت بإعلان من قبل ملك السعودية بالتبرع في بناء ملعب يسع لأكثر من مئة ألف متفرج.
ما السبب وراء هذا التغيير في السياسة السعودية إزاء بغداد .؟
اعتقد جازماً بأن العصا الغليظة الأمريكية تلعب دوراً كبيراً في توجيه سياسة المملكة التي استطاعت أن تجمع أكثر من "54" دولة لكي تحتفي بهم في زيارة دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي) وهذا العطاء السخي الذي تجاوز "500" مليار دولار كان له نتائج إيجابية على السياسة الأمريكية التي أصدرت قانون "جاستا" الذي كان سيُفقر السعودية ويجعلها تابعاً ذليلاً لأمريكا، لكنهم استطاعوا أن يهمشوا هذا الموضوع، وهناك أيضاً أكثر من "400" مليار دولار مهيّأة للتسليم إلى أمريكا لكي يكتمل المشهد بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي كدولة ذات سيادة من قبل السعودية ومحمد بن سلمان الذي صرح تصريحات خطيرة في زيارته الأخيرة لواشنطن ولم يذكر فلسطين والقدس إطلاقاً.
ما الذي تريده الرياض من بغداد تحديداً؟
تريد أن تُخضع بغداد إلى نفوذها شأنها شأن الدول الأخرى التي تهيمن عليها بالعطايا والأموال والفكر الوهابي، ولا شكّ من أن بغداد سوف لن تلوي الذراع وتساير سياسة ونهج السعودية، وبالتالي هناك تقاطع كبير بين الاتجاه الذي تسير عليه العملية السياسية في العراق وسياسة السعودية.
كيف تنظر إلى الاستثمارات السعودية في العراق ومستقبلها؟
للسعودية موقفان الأول توقيعها على سبعة عقود في معرض النفط والغاز في مدينة البصرة، وقبل أسبوع أيضاً قررت السعودية استثمار أكثر من "مليون" دونم في مدينة الرمادي في مشاريع زراعية، نضع أمام المشروع الأخير ألف علامة استفهام، على اعتبار أن مياه الفرات التي تمر من هناك لا يمكن لها أن تسدّ هكذا حاجة مشاريع عملاقة جداً، وهذا المشروع سوف يتسبب بضحالة المياه العراقية وبالأخص في المناطق الجنوبية ولاسيما الديوانية والسماوة والعمارة والبصرة.
كيف تصف آفاق هذا التقارب ومستقبله؟
أعتقد أن الإدارة في السعودية مسيّرة من قبل الإدارة الأمريكية، ولا يمكن لنا أن نعزل سياسة الإدارة الأمريكية عن السياسة الصهيونية، وبالتالي عملية تقريب وجهات النظر بين العراق والسعودية هي مطلب أمريكي، ولكن وسط سخونة أزمات المنطقة ولاسيما المشهد السوري يصعب التكهن بالمستقبل. فكل الملفات الإقليمية اليوم متشابكة ولا يمكن أن نقرأ مستقبل علاقة بلدين من دون دراية بالمجريات، والمشهد الإقليمي لا يزال ضبابيّاً ما يضعف إمكانية قراءة المستقبل.
هل هناك مخاوف لدى بعض التيارات "الشيعية" على وجه الخصوص من أن يكون لهذا التقارب تأثير على وضع العملية الديمقراطية المرتقبة "الانتخابات" في العراق؟
لا توجد مخاوف بهذا الجانب طالما أن صناديق الاقتراع هي الحكم، والأغلبية المتحققة هي أغلبية سياسية ناتجة عن أغلبية شعبية ما ينتج أغلبية برلمانية، وهذه الأغلبية لا يمكن لأحد ما أن يغيرها، وبالتالي لا توجد مخاوف بهذا الجانب، المخاوف الحقيقية في التأثير السلبي باتجاهات متعددة منها المشاريع الاستثمارية العملاقة التي تزداد في المناطق الكردية والمناطق السنية أكثر مما هي عليه في المناطق الشيعية في جنوب العراق وهذا التمييز جعل هذه المناطق أكثر تأخراً من نظيراتها.