الوقت- مسيرات العودة الأسبوعية التي بدأ "الغزاويّون" تنظيمها أسبوعياً؛ ألقت بظلالها الثقيلة على الداخل الإسرائيلي، إذ بدا ذلك واضحاً من خلال ما نشرته الصحف العبرية، والتصريحات التي أطلقها ساسة الكيان، حيث إنّ الجماهير الفلسطينية خرجت وكما يقول القيادي بحركة الجهاد الإسلامي محمد شلح "بحضور مميز على امتداد حدود غزة"، من جميع فئات الشعب الفلسطيني، كما أنها لم تحمل طابعاً فصائلياً، بل حمل الجميع علم فلسطين الذي يُمثل كل شرائح المجتمع، وشهدت المسيرات مشاركة واسعة من الأطفال والشباب والشيوخ والنساء والرجال.
حماس تنتصر
"أثبتت حركة المقاومة الإسلامية حماس أنها التنظيم الأقوى من دون منافس في قطاع غزة، حيث نجحت بشد الانتباه الدولي لقطاع غزة، وكسب التأييد والدعم في الحلبة الدولية"، بهذه الكلمات وصف المحلل الإسرائيلي "آفي يسسخاروف" في مقالٍ له بموقع "والا" الإسرائيلي الوضع الذي آل إليه قطاع غزة مؤخراً، مشيراً إلى أنّه وفي تظاهرات جمعة "الكوشوك"، تمكنت حماس من حشد حوالي 20 ألف متظاهر على الحدود مع دولة الكيان الإسرائيلي، كما أثبتت حماس قدرتها على تجنيد الجماهير، وقدرتها على دحض كل التوقعات بأنها لن تستطيع حشد "الغزاويّين" للتظاهر على الحدود مرة أخرى.
وفي سياق متصل ينقل الصحفي "ناحوم برنيع" في مقالة له في "يديعوت" عن أحد ضباط جيش الاحتلال قوله: "لقد بدأت مسيرة العودة في مسيرة التواصل الاجتماعي، حماس استوعبت الأمر بسرعة ووجهت المبادرة لاتجاهاتها، حماس تريد احتجاجاً شعبياً، ولكنه عنيف والهدف منه إعادة غزة على رأس الأجندة العربية والدولية، واستخدمت من أجل ذلك شعار حق العودة".
فشل إسرائيلي
أثبتت أحداث مسيرات العودة حالة الفشل الذريع لدول الاحتلال، وظهر هذا الفشل الذريع من خلال عدم قدرة سياسيّي الكيان على التعامل مع الحدث، حيث قال وزير الحرب الصهيوني، أفيغدور ليبرمان إنه ليس هناك مشكلة في نشر وبقاء قوات الجيش الإسرائيلي قرب السياج الحدودي الفاصل مع قطاع غزة، لسنوات في حال استمرت التظاهرات، الأمر الذي فسّره مُحللون بأنّه استنزاف كبير لطاقة الجيش الإسرائيلي الذي لن يقوى على البقاء عامين فقط مرابطاً على حدود القطاع.
وفي السياق ذاته يقول الصحفي "ألون بن دافيد" وهو مراسل عسكري ومحلل في القناة 14: "قادنا عدم القدرة على اتخاذ القرار إلى حرب مدتها 50 يوماً مع حماس، وهي تهدد بأن تقودنا إلى حرب أخرى، يجب ألا نقلل من أحداث نهاية الأسبوع في غزة، لقد خرجت حماس منها منتعشة، وحظيت باهتمام العالم، والآن سوف ترغب في الاستمرار بقوة أكبر، نحن ندخل فترة ستظل فيها احتمالية حدوث حريق مرتفعة، ويأمل نتنياهو مرة أخرى أن يُخلصه "الجيش الإسرائيلي" من الحاجة إلى اتخاذ قرار، وسوف يفعل القناصة الإسرائيليون كل شيء للحفاظ على الحدود، لكن هذا بالضبط ما تريده حماس، مقاتلونا ليسوا بديلاً عن صنع القرار السياسي".
مساومة عربية
وعلى المقلب الآخر ظهرت ردود فعل عربية ربما كانت متوقعة بعد التقارب الأخير بين دولة الكيان وبين مملكة آل سعود ومصر، إذ حاولت الدولتان ثني الفلسطينيين عن مواصلة مسيرات العودة، حيث قالت تقارير إعلامية إنّ القاهرة والرياض تسعيان لإيقاف مسيرات العودة على حدود قطاع غزة وإيقاف المواجهات مع إسرائيل حتى لو كلف ذلك أن تقوم القاهرة بتقديم مبادرة لحركة حماس لفتح معبر رفح البري بشكل كامل للتخفيف من وطأة الحصار المفروض على سكان قطاع غزة.
وقالت صحيفة الخليج اون لاين إنّ مسؤولاً في وزارة الخارجية المصرية أكد أنّ مصر تقود تحرّكاً عربياً، بتوجيه من السعودية، للضغط على حركة "حماس" لإيقاف مسيرة العودة الكبرى التي دخلت أسبوعها الثاني على التوالي.
وكشفت الصحيفة أن وفداً رفيع المستوى من جهاز المخابرات المصرية، برئاسة اللواء عباس كامل، سيصل غزة هذا الأسبوع، وسيعقد اجتماعاً مع حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية للتباحث في ملف "مسيرة العودة"، وإمكانية إيجاد حلول لمنع تدهور الأوضاع في القطاع، خاصة في ظل التهديد الإسرائيلي المتكرر لسكان غزة.
يُشار إلى أنّ كل التصريحات الفلسطينية تؤكد المُضي في مشروع "مسيرات العودة"، إذ بدأت هذه المسيرات تؤتي أُكلها على الصعيد الداخلي الإسرائيلي وعلى الصعيد الدولي، أما الضغوط التي تمارسها عدد من الدول العربية لا تعدو كونها حبراً على ورق، حيث إنّ القرار الفلسطيني بات أكثر رغبة باستمرار مسيرات العودة بهدف الضغط على دولة الكيان لاستعادة الحقوق الفلسطينية.