الوقت- عادت أزمة حيازة السلاح في أمريكا إلى الواجهة من جديد بعد عدة محاولات باءت بالفشل منذ مطلع العام الحالي، ولاسيما بعد مذبحة مدرسة ثانوية فلوريدا في 14 شباط (فبراير) الماضي التي راح ضحيتها 17 قتيلاً، ليخرج مئات الآلاف من المراهقين وأنصارهم في مسيرات حاشدة في واشنطن ومدن أمريكية أخرى في واحدة من أضخم التظاهرات الشبابية منذ حرب فيتنام مطالبين بتقييد حيازة السلاح في بلادهم.
جاءت هذه التظاهرات استجابة لنداء الناجين من مذبحة مدرسة فلوريدا، حيث تم تنظيم مسيرات في مختلف أرجاء الولايات المتحدة يوم السبت للمطالبة بتشديد قوانين حيازة السلاح، ليؤكد المحتجون على تمسكهم بتحقيق مطالبهم بتقييد حمل السلاح في أمريكا.
وانطلقت هذه التظاهرات الشبابية التي تعدّ الأضخم منذ حوالي 20 عاماً تحت مسمى "مسيرة من أجل حياتنا"، ودعا المحتجون في مختلف المدن، المشرعين والرئيس دونالد ترامب إلى تلبية مطالبهم وتقييد حمل السلاح.
"مسيرة من أجل حياتنا" جمعت محتجين في بنسلفانيا أفينيو بواشنطن واستمعوا إلى كلمات لناجين من حادث إطلاق النار الذي وقع يوم 14 فبراير شباط في مدرسة مرجوري ستونمان دوغلاس الثانوية في باركلاند بفلوريدا.
خلال تجمّع المحتجين قرأت إيما جونزاليس (واحدة من الناجيات) أسماء الضحايا وعددهم 17، وانهمرت الدموع على خديها وهي تلقي كلمتها التي استمرت ست دقائق و20 ثانية وهي نفس المدة التي استغرقها المسلح في قتل الضحايا، ما أثار حزن المتظاهرين وأشعل غضبهم جراء قوانين حيازة السلاح في بلادهم.
يشار إلى أن الهدف من هذه المسيرات "إنهاء مأزق تشريعي يعرقل منذ وقت طويل تشديد القيود المفروضة على بيع الأسلحة" ولاسيما بعد سقوط عشرات الضحايا من طلاب المدارس والجامعات جراء هجمات كانت على غرار هجوم فلوريدا.
التظاهرات بحسب وكالات الأنباء ازدادت إلى أكثر من 800 تظاهرة داخل الولايات المتحدة، في لوس أنجلوس ونيويورك وشيكاغو وبوسطن وهيوستن، إضافة إلى فلوريدا. كما نُظمت تظاهرات في دول أخرى، بينها استراليا وإيرلندا الشمالية وموريشيوس والسويد واليابان.
وخلال الاحتجاجات رفعت لافتات كُتب عليها "نحن التغيير" و"لا مزيد من الصمت"، وأخرى تدعو إلى إخراج "أموال" لوبي السلاح النافذ "من السياسة".
وامتدت المظاهرات حتى البيت الأبيض حيث احتشد المتظاهرون في شارع بنسلفانيا. ورجّحت تقديرات أن المشاركة وصلت لنصف مليون شخص في مسيرة واشنطن لمطالبة الكونغرس بمكافحة العنف عن طريق استخدام أسلحة.
من جانبها أكدت ديلاني تار، وهي ناجية من مجزرة مدرسة فلوريدا قائلة: «سنواصل المعركة من أجل أصدقائنا القتلى». وطالبت بحظر أسلحة الحرب على الجميع، باستثناء الجنود.
في حين صرحت بدموع تملأ عينيها التلميذة آلايا إيستموند (17 عاماً) التي أُنقذت حياتها من المجزرة حين احتمت وراء جثة أحد رفاقها: خسرت اثنين من أصدقاء صفّي وأُصيب ستة آخرون. تحرُكنا ضروري. يجب ألا يتكرّر ذلك. مضى 36 يوماً ولم يحصل شيء. يجب أن نسارع إلى التحرّك، وهذه المسيرة ليست سوى بداية. سنناضل ليحصل التغيير.
وأما "آشلي شلايغر" (18 عاماً) الذي قاد مسيرة واشنطن مع أصدقائه فقد صرّح: لا أريد أن يتحوّل أي طفل آخر لـ (مجرد رقم) إحصائي. وفي منطقة فورت لودرديل في باركلاند، حمل كثيرون لافتات كُتبت عليها عبارات، بينها: "هل أنا التالي؟، والكونغرس = قتلة".
من جانبه أشار زعيم بارز للحقوق المدنية يدعى "جون لويس" إلى أن الاحتجاجات التي يقودها الطلاب تذكّره بالأيام الأولى من حقبة معركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وزاد: «إنه أمر رائع، سيكونون قادة القرن الحادي والعشرين».
كما شارك خلال التظاهرات وسط العاصمة الأمريكية نجوم بارزون، بينهم أريانا غراندي وجنيفر هدسون وديمي لوفاتو وجاستن تيمبرلايك وميلي سايروس. كما قدّم جورج كلوني وأوبرا وينفري وستيفن سبيلبرغ 500 ألف دولار لدعم التحرّك. وكتب الرئيس السابق باراك أوباما مخاطباً الطلاب: ساهمتم في صحوة الأمّة.
من جهته قال كاميرون كاسكي (17 عاماً)، وهو من مدرسة مرجوري ستونمان دوغلاس، للحشد "الساسة: إما أن يمثلوا الناس أو أن يرحلوا. قفوا معنا أو احذروا. الناخبون قادمون".
يشار إلى أن المواطنين الأمريكيين يتهمون السلطات والكونغرس بالتقاعس عن التحرّك ضد لوبي السلاح النافذ، وعرقلة تشديد القيود المفروضة على بيع الأسلحة، في بلد يشهد بشكل متكرر إطلاق نار عشوائي، في المدارس والجامعات وأماكن أخرى، تُسفر سنوياً عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص في الولايات المتحدة.