الوقت- تنتمي كل من إيران وباكستان إلى منظمة ايكو كعضوين رئيسيين وقد اتخذ هذان البلدان خطوات تقاربية إيجابية تدل على أن طهران واسلام آباد تتبعان سياسة مشتركة تشمل التعاون الثنائي من أجل الحفاظ على المصلحة القومية لكل من هذين اللاعبين الاقليميين المهمين.
وفي هذا السياق وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم الاثنين إلى اسلام آباد على رأس وفد سياسي وعسكري واقتصادي رفيع المستوى، ويمكن تلخيص أهداف هذه الزيارة في النقاط التالية:
توسيع العلاقات الاقتصادية مع باكستان
أوردت صحيفة "فايننشال تريبون" في خبر لها أن حجم المبادلات التجارية بين إيران وباكستان قد شهد تراجعاً بعد أن كان بحدود مليار و 400 مليون دولار بين عامي 2008 و2009 ، وهذا الرقم لم يتكرر منذ ذلك الحين في وقت كان فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد أعلن في مؤتمر تجاري إيراني باكستاني في عام 2016 أن مسؤولي البلدين خططوا لإيصال المبادلات التجارية الثنائية إلى 5 مليارات دولار خلال 5 سنوات.
ولدى إيران وباكستان دوافع متعددة لبلوغ هذا الهدف فإيران تريد بشكل جدي توسيع علاقاتها التجارية مع الشرق ولذلك تسعى لتصبح عضواً دائماً في منظمة شنغهاي منذ نشأتها في عام 2001 ، وتعتبر باكستان من أعضاء هذه المنظمة منذ عام 2016 ولديها سوق استهلاكي كبير وهي تقع في طريق الحرير الجديد الذي تطمح الصين لاحيائه.
إن إيران تراقب بدقة التقارب الموجود بين باكستان والسعودية فحجم التجارة بين إيران وباكستان هو أقل من المساعدات السعودية ومساعدات دول الخليج الفارسي لباكستان والتي تصرف في كل عام على الجيش الباكستاني وعلى قطاعي التعليم والصحة وغيرهما.
إن المسؤولين الإيرانيين يريدون توسيع التعاون والمبادلات التجارية مع باكستان آخذين بعين الاعتبار القضايا الجيوسياسية الحساسة ووجود مئات الكيلومترات من الحدود المشتركة بين البلدين والهواجس الأمنية المطروحة، كما أن كلام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بداية زيارته إلى اسلام آباد عن حجم المبادلات التجارية مع باكستان وإمكانية إيصاله إلى 5 مليارات دولار يشير إلى هذه الهواجس والمشكلات الاقتصادية التي تعاني منها باكستان، وفي المقابل يؤكد المسؤولون الباكستانيون وقادة الجيش بأنهم ينظرون بشكل خاص إلى العلاقات مع إيران ولن يسمحوا بتأثر هذه العلاقات بالتطورات الحالية في المنطقة، وكانت زيارة رئيس الأركان الباكستاني الجنرال "باجوه" إلى طهران قبل 5 شهور بمثابة رسالة واضحة للجميع.
الحيادية تجاه خلافات باكستان مع الهند
لقد كانت علاقات إيران وباكستان تاريخية ومستقرة منذ استقلال باكستان حتى الآن، فإسلام آباد هي أول عاصمة اعترفت بتغيير النظام في إيران في عام 1979 وقد اتسمت الرؤية الإيرانية تجاه باكستان بالواقعية مع حفظ التوازن في العلاقات مع الهند.
ومنذ التسعينيات تجري زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى الهند وباكستان بشكل متزامن وفي مستويات متساوية لكن العام الحالي شهد زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الهند وهي زيارة تاريخية فتحت آفاقاً جديدة في التعاون بين البلدين وقد أكدت كل من إيران والهند على رفع مستوى التعاون الثنائي وخاصة إمكانية إيصال حجم التجارة بين البلدين إلى ما بين 15 و30 مليار دولار خلال السنوات القادمة وهذا ما أثار قلق باكستان.
وكانت إيران قد أعلنت في التسعينيات عن خط أنابيب الغاز المشترك مع باكستان والهند تحت اسم "أنابيب السلام" لكن الهند قد انسحبت من هذا المشروع تقريباً في عام 2014 بسبب مرور هذه الأنابيب في أراضي باكستان وعدم توقيع معاهدة سلام معها حتى الآن والحفاظ على حالة وقف إطلاق النار فقط، بالإضافة إلى الضغوط التي مارستها أمريكا، وقد طالبت نيودلهي بأن يمرّ خط أنابيب الغاز الإيراني في بحر عمان من دون أن يمر في الأراضي الباكستانية وصولاً إلى الهند.
لكن رغم وجود هذه القضية، استطاعت إيران إيصال حجم علاقاتها التجارية مع الهند من 10 إلى 15 مليار دولار.
ومن الطبيعي أن يثير توسيع العلاقات مع الهند الحساسية لدى غريمتها باكستان لذلك ترسل إيران مسؤوليها إلى إسلام آباد لتطمينها بأن تعزيز العلاقات الإيرانية الهندية لا يؤثر سلباً على علاقات طهران وإسلام آباد.
القضايا الإقليمية
من القضايا الأخرى التي يبحثها ظريف في اسلام آباد هي أمن الحدود والتهريب والإرهاب والقضية الأفغانية وانتشار جماعة داعش في أفغانستان وتبعاته، إن هذه الزيارة حتى لو اكتسبت صبغة اقتصادية وتجارية لكنها تأتي لإثبات حيادية إيران بين الهند وباكستان كما أنها تدل على أهمية حفظ وتوسيع العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية الإيرانية مع باكستان.
وأخيراً يمكن القول إن حجم العلاقات الإيرانية الباكستانية يتوسع باستمرار في إطار المصالح المشتركة وخاصة القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية في ظل التطورات الحالية في المنطقة علماً بأن المسؤولين الإيرانيين كانوا على الدوام حريصين على حفظ التوازنات وتعزيز التعاون الاقليمي مع الجارة الشرقية.