الوقت-أجرت صحيفة "جام جم" الإيرانية مقابلة مع "محمد جواد ظريف" وزير الخارجية الإيراني، حول قضايا تتعلق بالاتفاق النووي والقدرات الدفاعية والإنجازات الإقليمية والنفوذ الإقليمي، وأسباب تصاعد الضغوط الأمريكية على الاتفاق النووي وغيرها.
تمحور خطاب الرئيس روحاني في عام 2013 على السياسة الخارجية والتعامل البناء مع العالم، ما هي إنجازات وزارة الخارجية الأخرى غير الاتفاق النووي، في المجالات الدبلوماسية والإقليمية؟
في قمة جنيف 1، تم استبعاد إيران من القمة، وعلى الرغم من دعوة إيران لحضور مفاوضات جنيف 2 في مونترو لكن تم سحب الدعوة، أما في السنوات القليلة الماضية كانت إيران تحدد البُلدان التي ستشارك في المحادثات، حتى المحادثات التي يقودها الغرب مثل لوزان، التي دعا لها جون كيري، وعندما لم تشارك هذه الدول في المحادثات، رفضت إيران الحضور ايضا، وبالتالي تمت دعوة بعض جيران سوريا.
واليوم في اجتماعات سوتشي أو أستانا، أصبحت إيران جهة فعالة وهامة جدا في المنطقة، وهنالك بلدان مختلفة لها علاقات سياسية واقتصادية برغبة وعلى مختلف المستويات مع إيران. ويعكس هذا النهج حقيقة أن إيران أصبحت جهة فاعلة على الساحة الدولية، وهذا يجسد شعار التعامل البناء التي لا تزال في طور الاستمرار.
نحن نتابع حساب التويتر الخاص بك، وإن معظم تغريداتك تتعلق بترامب ومواقفه. في السنوات الأربعين الماضية، واجهنا أكبر التحديات مع السياسة الخارجية الأمريكية، ما هي استراتيجيتنا تجاه إيران فوبيا ترامب؟
ان سياسة إيران فوبيا التي ينتهجها ترامب، هي استمرار لذات السياسة السالفة لأمريكا، وعلى مدى العامين الماضيين، انتهج الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية في المنطقة هذه السياسة بشكل مُكثّف، ولكن الاتفاق النووي تسبب في خلل لسياسة إيران فوبيا الذي كان الكيان الصهيوني، بوصفه الراعي الرئيسي لهذا المشروع، يسعى لخلق مؤامرة عالمية ضد إيران من خلال الموضوع النووي.
ولكن الاتفاق النووي جعل إسرائيل تشعر بأن مشروعها الطويل الأجل ينهار فجأة، مما أدى بزيادة حجم الدعاية ضد إيران بشكل حاد. ويرى ترامب أنه خلال عهد أوباما، تضائل تأثير المشروع نوعا ما، على رغم شعورنا أنها كانت مستمرة عبر فروع في أمريكا وخاصة الكونغرس والسلطة التشريعية، لكن ما حدث هو ان فقد هذا المشروع مصداقيته وهو ما يشير الى تأثير ايران. وبإمكان إيران القيام بدور في تعزيز وتدمير مشاريعهم والكيان الصهيوني.
ويطرح البعض فرضية ان يكون الاتفاق النووي قد كُتب مع فرض فوز الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية بعد اوباما. وفي الواقع، يقول النقاد ان الاتفاق النووي لم تتكهن بسوء التزام حكومة الجمهوريين.
إن فهمي لحديثك هو في حال فوز كلينتون، فإننا سنواجه مواقف مماثلة ضد الاتفاق النووي. هل هذا صحيح؟ وبشكل عام، أود أن أعرف ما إذا كانت مواقف ترامب شخصية أو نموذجاً لاستراتيجية أمريكا لتعطيل الاتفاق النووي.
انا شخصيا كنت لا اُرجّح تشكيل حكومة كلينتون. وبطبيعة الحال، وعندما اٌسفر عن الاتفاق النووي، لم يكن هناك شخص مُقترح كشخصية ترامب لرئاسة الجمهورية، ولا ننسى عندما كان الاتفاق النووي في مراحله الأخيرة، كتب 47 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ رسالة لنا تنص على عدم السعي وراء الاتفاق النووي.
ولكننا كنا وما زلنا نعتقد، أن الاتفاق النووي قوي لدرجة أن الحكومة الأمريكية لا تستطيع تجاهله بسهولة رغم معارضتها له، كما ان على مدى العام الماضي، على الرغم من تهديد ترامب ان من أولوياته تمزيق الاتفاق النووي، لكنه لم يحصل شيء الى الان.
في الوقت نفسه، إذا انتُخبت كلينتون رئيسة للولايات المتحدة، فإن سياسة إدارتها مع أوباما كانت ستختلف بالتأكيد؛ الجميع كان يعرف أن سياسة الحكومة كلينتون قياساً أوباما ستكون أكثر توجها نحو السياسة الأمريكية التقليدية في المنطقة.
إذا تحققت تهديدات ترامب وخرجت واشنطن من الاتفاق النووي، هل بإمكانك تصور الاتفاق النووي بدون أمريكا؟
بالنسبة لنا، فإن ما يمكن تصوره هو مصالح إيران، وفي هذا الصدد، إذا تضررت مصالحنا، فإننا سنقابلها بذات النسبة، ونعتقد أن ما منع أمريكا من الخروج من الاتفاق النووي، ليس رغبة أمريكا بالاتفاق النووي بل الهروب من العزلة الدولية.
وبطبيعة الحال، وبانسجام واتساق وقيادة متماسكة في السياسة الخارجية، يجب ان نتفنن في عدم السماح لأمريكا بملء الفراغ الذي تسبب في عجزها عن الخروج من الاتفاق النووي، وتهيئة الظروف التي من شأنها عدم تركها.
قد تزيد أمريكا من ضغوطها الإقليمية والصاروخية على إيران لملء هذه الفراغات. ما هو موقفنا من الطلب المستمر لإجراء مفاوضات حول البرامج الصاروخية؟
إن السياسة الإقليمية والدفاعية لإيران يمكن الدفاع عنها تماما، وأعلنّا عن هذه السياسة بكل شجاعة في جميع المحافل الدولية، ونحن اليوم أقل دولة إنفاقاً للأسلحة في المنطقة. في حين أن دول الخليج أنفقت 116 مليار دولار العام الماضي للتسليح، في حين انفقت إيران أقل من 16 مليار دولار.
الدول الغربية، التي لها تاريخ سيئ جدا في الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني والعالم، هي نفسها التي أعطت نظام صدام أواكس وطائرات سوبر اتندارد، وأسلحة كيميائية ودبابات تشيفتن. إنهم ما زالوا يرسلون الأسلحة إلى منطقتنا، ولذلك ليسوا في وضع يسمح لهم بالادعاء ضد إيران.
لقد سمعنا الكثير عن علاقتكم الودية بالمرشد الأعلى للثورة. ويقال إن المرشد الأعلى قال لك إذا كان لديك رأيٌ اختصاصيٌ، حتى وان كان على النقيض من وجهة نظري ولم تُبديه فهو حرام عليك. هل يمكنك أن تخبرنا ما هي هذه العلاقات الوثيقة؟
علاقتي مع المرشد الأعلى للثورة هي علاقة مُعلّم ومُتعلّم. عندما أراقب الأوضاع كخبير، أقدم نفس الشيء الذي أراه ولم أحجب عنه أبدا، حتى عندما كنت شخصا عاديا، كنت أؤمن فيما أرى، وقد ترقيت لمناصب أعلى بسبب العلم والدراسة والخبرة الميدانية. وعندما كنت نائب وزير الخارجية والممثل الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة، كنت اتصرف بذات الطريقة.
لقد تصرفتُ بنفس الطريقة في الدورة الحالية في الوزارة، وشدد المرشد أيضا على ان نعلن عن كل شيء نراه، حتى لو كانت لا تتماشى مع آرائه. وقد شدد وأنا، على أن ما يجري تنفيذه في النهاية، هو سياسة النظام التي يحددها قائد الثورة في مجال السياسة الخارجية على أساس القانون، ونحن ملزمون بقانونه وإشرافه.
نظرا لأنك والجنرال سليماني شخصيتان دوليتان، فمن المثير للاهتمام للجمهور أن يعرف كيف هي العلاقة بينه وبينك؟ هل لديكم اجتماعات منتظمة معا؟
منذ أن كنت ممثل إيران في محادثات بون لأفغانستان، كانت لي علاقة وثيقة جدا مع الجنرال السليماني، واستمرت هذه العلاقة حتى اليوم، وأكُنُّ له كل الاحترام والمحبة.
هنالك ناقشات حول استخدامك للشبكات الاجتماعية. والنقاش يدور حول مساعي أجهزة أمنية غريبة للوصول الى حساباتك الشخصية في شبكات الإنترنت. هل أنت قلق بشأن هذه الهجمات الإنترنتية، نظرا لأنك تستخدم الشبكات المحظورة وربما تحتاج إلى "برامج فك الحظر" لاستخدامها؟
أنا لا تستخدم برامج فك الحظر، وزارة الخارجية لديها مرافقها الخاصة لاستخدام الإنترنت بسبب طبيعة عملها. وبطبيعة الحال فان استخدام برامج فك الحظر يصاحبه تهديدات أمنية. وكون وزارة الخارجية جهاز يمتلك نظامين افتراضيين، سري وعام، يولي موظفو وزارة الخارجية أهمية لفصل هذين الاثنين عن بعضهما.
ويجب على كل موظف في الوزارة ان يكون واعيا ومحتاطا عند استخدام هذه الشبكات ويعلم أن جميع المعلومات في مثل هذا الفضاء يمكن إتاحتها للآخرين.
اثناء المفاوضات وفي بعض الايام كان هاتفي اثناء المفاوضات حول الاتفاق النووي يصبح ساخنا كالمكواة بسبب محاولات الاختراق التي كان يتعرض لها. هذا الامر كان ينطبق على الاطراف الاخرى التي تخوض المفاوضات أيضا. وتدل هذه الأحداث على أن هناك جهود كبيرة للتطفل على شؤوننا الداخلية.
هل تكتب التغريدة بنفسك، أم هنالك شخص آخر يُدير صفحات الأنستغرام والتويتر الخاص بك؟
نعم، أنا أكتب كل المنشورات على تويتر وانستغرام بنفسي، ولكنني لم أستخدم الفيسبوك لفترة طويلة، أما في الوقت الذي كانت المحادثات النووية مستمرة، طلبت من ابني مرة او مرتين، عندما كانت المفاوضات في ذروتها، ان ينشر منشوراً كتبته بنفسي في الفيسبوك. انا أقضي الكثير من الوقت على نشر التغريدة، لكن ليس بشكل منتظم، بشكل متوسط اقضي 2-3 ساعات على كل تغريدة.
