الوقت- الانتخابات البرلمانية اللبنانيّة المقبلة؛ وكعادتها ستشهد صراعاً حامي الوطيس بين الفرقاء السياسيين هناك، غير أنّ الانتخابات المقبلة سيكون لها وحسب مصادر مطلعة طعمٌ آخر؛ حيث بدأت السعودية بحشد مُناصريها وغالبيتهم ممن ينتمون لما يُعرف بكتلة "14 آذار"، وذلك بهدف توحيدهم قبل الانتخابات للوقوف بوجه حزب الله.
من الفراغ للمصالحة
وعلى الرغم من كل المشاكل السياسية والتحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية للإرهاب والإسرائيلي، غير أنّ اللبنانيين يحذوهم الأمل في العام 2018 لتحقيق مطالبهم وتحسين حياتهم اليوميّة، حيث أرجع مراقبون ذلك إلى نهاية عام 2016، وخاصةُ شهره الأخير شهد مجموعة من النجاحات والتطورات الإيجابية على الساحة السياسية في لبنان، وكان أهم تلك النجاحات التوصل لاتفاقٍ نادر بعد ما يقرب من عامين ونصف على النزاعات الحزبية، ليتمكن البرلمان اللبناني من اختيار الجنرال "ميشال عون" في التصويت الذي جرى في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2016، وذلك في المحاولة السادسة والأربعين لانتخاب رئيساً للبلاد، ليتبعها بعد حوالي شهر تقريباً نيل حكومة سعد الحريري الذي عيّنه عون الثقة من البرلمان ذاته.
التطورات الإيجابية أثارت التفاؤل على المستوى الشعبي والرسمي على حد سواء، خصوصاً بعد الصعوبات التي واجهت انتخاب الرئيس الذي بقي منصبه شاغراً لأكثر من عامين، وما تبعه من سرعة وسلاسة في تعبئة الفراغ الدستوري، ومن ثم وبحسب مراقبين "الوصول السريع والسهل إلى السلام والأمن في لبنان"، ليقترب لبنان اليوم من الاستحقاق الأكبر منذ تولي عون والحريري منصبيهما، وهو الانتخابات البرلمانيّة التي ستشكل مفصلاً مهماً في الحياة السياسية في لبنان.
اللعب في النار
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية اللبنانيّة والتي ستجري في أيار/ مايو من العام 2018، بدأت بعض الدول ولا سيما المملكة العربية السعودية بمحاولة التدخل في تلك الانتخابات، من خلال تغذية النعرات الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين، أو من خلال دعم طرف في مقابل طرفٍ آخر، حيث تسعى الرياض من خلال هذا التدخل إلى تحقيق أهدافها السياسية، وأهم تلك الأهداف تعويض إخفاقاتها في الشرق الأوسط، وخاصة في لبنان، أكثر من أي دولة أخرى، الأمر الذي دعا عدد من المسؤولين الحكوميين في لبنان للاحتجاج على التصرف السعودي "غير المقبول" حسب تعبيرهم.
مصادر إعلامية مطلعة أكدت أن المملكة العربية السعودية لم تبتعد عن القضيّة اللبنانيّة بسبب القضايا الإقليمية الأخرى، لا سيما الوضع في سوريا أو العراق أو اليمن، بل كانت تنتظر حلول الانتخابات البرلمانية اللبنانيّة والمُقررة في السادس من أيار/ مايو المقبل.
وأكدت المصادر أن السعودية تحاول العودة إلى الانتخابات اللبنانية بعد انتهاء المهلة المحددة لإعلان القوائم الانتخابية في لبنان، لتبدأ بتنفيذ استراتيجيتها خلال الأسابيع المقبلة، وفي هذا السياق قال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إنّ مشاركة السفير السعودي مؤخراً في موضوع الانتخابات البرلمانية اللبنانية أمر غير مقبول، منوّهاً بأنّه على جميع المشاركين في السلك الدبلوماسي أن يعرفوا حدودهم وأن يتجنبوا التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
الاستراتيجية السعودية
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية اللبناني لم يُسمي أي سفير يحاول التدخل في الشؤون اللبنانية، غير أنّ الكثير من اللغط أُثير حول جهود السفير السعودي الجديد في بيروت وليد اليعقوب الذي يحاول التدخل في الشؤون البرلمانية اللبنانية، ونقلت صحيفة "الأخبار" مؤخراً عن دبلوماسيين عرب قولهم إن محاولة السعودية التأثير على الانتخابات اللبنانية تأتي من خلال محاولتها إعادة توحيد أحزاب وكتل تيار 14 آذار.
وكشفت الصحيفة عن سفر وشيك لوفد سعودي كبير إلى لبنان، حيث من المقرر أن يبحث هذا الوفد مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري تحديد أولويات مجموعات تيار 14 آذار، بالإضافة للضغط عل سعد الحريري لإقامة تحالف مع القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع؛ في المعركة الانتخابية.
وقبل شهرين، وخلال استقالة سعد الحريري المثيرة للجدل، أدان الكثير من الساسة اللبنانيّون تدخل المملكة العربية السعودية في الشؤون الداخلية اللبنانيّة، حيث أكد حينها الرئيس اللبناني ميشال عون عن أنّ استقالة الحريري تمّت تحت ضغط من المسؤولين السعوديين.
تجدر الإشارة إلى أنّ الرياض تسعى خلال زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري المقبلة لها وبحسب مراقبين لممارسة المزيد من الضغوط على الحريري، حيث ستشترط المملكة عليه عدّة شروط مقابل الحصول على دعمها السياسي والمالي في الانتخابات النيابية، ولن تقتصر تلك الشروط على لملمة حلفائها المهزومين في لبنان، بل ستشترط عليه الابتعاد عن "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه عون، مهددةً إياه بدعم خصومه على الساحة السنية في الانتخابات المقبلة.