الوقت- لم يکن الحکم الصادر من البحرين بحق الشيخ علي سلمان اليوم الا استكمالاً لمسلسل القمع المتعمد وإسكات الرأي الحر، الذي تعتمده حكومات الظلام بدءاً من ال سعود وليس انتهاءً بآل خليفة، فلقد تخطوا بهذا الحكم كل المعايير الإنسانية والحقوقية التي تحفظ للمواطن حق التعبير عن الراي، حكم اصدرته المحكمة الكبرى الجنائية في البحرين أمس الثلاثاء على الشيخ سلمان بسجنه 4 سنوات بتهمة "اهانة وزارة الداخلية وازدراء طائفة والتحريض على عدم الانقياد للقوانين"، فيما برأته من تهمة "التحريض على قلب نظام الحكم".
قبل صدور الحكم كان كل شيء متوقعاً وذلك بسبب الخطوات التي اعتمدتها المحكمة منذ اعتقاله حتى صدور الحكم، فلم تُتخذ الإجراءات القانونية التي تحفظ للمتهم حق الدفاع عن نفسه، بل منعته من مواجهة المحكمة وذهبت الى أكثر من ذلك في خطوة تجاوزت فيه اقل المعايير القانونية والحقوقية عندما رفضت عرض الأدلة بشكل علني اي عرض خطب الشيخ سلمان التي يعتبرها فريق الدفاع صك براءة.
النقد القانوني للمحاكمة
بناءً على أصول المحاكمات الجزائية تعتبر محاكمة الشيخ سلمان مخالفة وغيرقانونية بسبب عدم مراعاتها للقوانين المرعية الإجراء فكانت المخالفات على الشكل التالي:
1- رفض النيابة العامة الشكوى التي تقدم بها محامو الشيخ تحت عنوان "شهادة الزور" ضد شاهد الإثبات في القضية.
2- رفض المحكمة توجیه الغالبیة الساحقة من أسئلة الدفاع الموجهة إلى شاهد الاتهام الذی کان یحیل إجاباته إلى ما ذکره في تحقیقات النیابة العامة، مع العلم أن إحالة الشاهد لإجاباته في النیابة إحالة غیر صحیحة لأنه لم یسأل عن هذه الأسئلة أصلاً، بما یعد إخلالاً بحق المتهم في مناقشة أدلة النیابة العامة. بالاضافة الى أن المحکمة أصدرت حکمها على الشیخ سلمان "رغم منعه من الکلام ومنع محامیه من الدفاع عنه."
3- الضغط على هیئة الدفاع لتقلیل عدد الشهود ورفض المحکمة مجموعة لیست قلیلة من أسئلة شهود الدفاع، إضافة إلى عدم قبول طلب هیئة الدفاع بعرض خطب الشیخ علي سلمان والتي هي من جانب النیابة العامة دلیل اتهام ومن جانب هیئة الدفاع دلیل براءة، الأمر الذي یشکل إخلالاً بحق الدفاع".
4- خلال جلسة المرافعة تمت مقاطعة الشیخ سلمان ثلاث مرات في أقل من دقیقتین، ثم منعه من الحدیث، وعندها رفعت المحکمة الجلسة دون أن تتمکن هیئة الدفاع من تقدیم مرافعتها الشفویة والخطیة.
هذه المخالفات القانونية لأبسط حقوق المتهم تؤكد للجميع أن المحاكمة سياسية بإمتياز تسعى من خلال ذلك السلطات البحرينية الى كم الأفواه التي تطالب بالحرية والعدالة، التي نصت عليه شرائع الامم المتحدة ومنظمة العفو الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان التي دعت الاثنين إلى إطلاق سراح الشيخ علي سلمان قبل يوم من المحاكمة وقالت العفو الدولية إنها تعتبر» سلمان» «سجين رأي» اعتقل لمجرد تعبيره عن آرائه سلميا، مضيفةً ان اعتقال ومحاكمة الشيخ علي سلمان انتهاك صارخ لحقه في حرية التعبير ويظهر استمرار السلطات البحرينية في محاولة قمع المعارضة السياسية وإسكات الأصوات الناقدة.
ومنذ اعتقال الشيخ علي سلمان في 28 كانون الأول/ديسمبر 2014 حتى تاريخ المحاكمة، لم تتمكن السلطة خلالها من اثبات اتهاماتها، فالسلاح الوحيد لقضاء بات مسلماً بأنه مسيّس، هو الشهود السريون الذين كانوا حاضرين، في حين ان قمع رجال الامن البحريني حصد أكثر من 100 شهيد بحريني، دون اي محاولة لمقاضاتهم، فيما يقبع الآلاف غيرهم في السجون بينهم عشرات الأطفال على خلفية سياسات انتقامية شاملة يتخذها النظام ضد قرى ومناطق بحرينية.
ولا بد من الإشارة هنا الى أن قضايا رموز المعارضة الوطنية في البحرين جميعها تسند إلى القاضي علي الظهراني، الذي سبق وأن تولى اصدار الحكم بقضية الرموز المعتقلين والمعروفة بقضية الـ 21.
قضية الشيخ سلمان تشابهها قضية اخرى على مقربة من الحدود البحرينية، طالت ايضاً سجناء راي مثل الشيخ النمر الذي اعتقلته السعودية بنفس الاتهام لكن مع امكانية وصول الحكم عليه الى الاعدام في خطوة قد تؤزم الوضع السعودي الداخلي خاصة بعد التفجيرات التي طالت مساجد الشيعة مؤخراً.
ان محاكمة كهذة لا تستطيع اسكات المناضلين في البحرين فلا تزال الثورة هناك تلاحق حكومة ال خلفية وتقض مضاجعهم متسلحة بالامل وبالشعب الصبور الذي اثبت سلميته على مدى سنوات الازمة والذي قدم شهداء وجرحى واسرى من اجل الحرية والكرامة.