الوقت- لا جديد اليوم على الساحة البحرينية، فخبر كل يومٍ يتكرر اليوم وسيتكرر غداً وبعد غد، والإجازة الطويلة التي يعيشها القضاء المدني البحريني ما تزال مستمرة، فيما يضطلع قضاؤه العسكري (سيء الصيت) بكافة القضايا العسكرية منها والمدنية، وحتى قضايا الطلاق بات وكما يقول بعض المستهزئين تبتُّ بها المحاكم العسكرية.
قضاء صوري
يوماً بعد آخر يُثبت النظام البحريني أنّه لا يُعير اهتماماً لا للقانون ولا لحقوق الإنسان، حيث صادق ملك البحرين مؤخراً حمد بن عيسى على تعديلٍ يسمح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، لتتفتق بعدها عقول القائمين على ذلك القضاء بأحكامٍ قاسية بعيدة كل البعد عن أحكام القانون.
التعديلات الدستورية التي أقرّها بن عيسى أعطت المحاكم العسكرية صلاحية دائمة لمحاكمة المدنيين بشكل عام وأصحاب الآراء السياسية بشكل خاص والتي باتت تسمى وفق الشريعة البحرينية "مناهضة السياسة العامة" الأمر الذي يجعل القانون وبحسب تأكيد خبراء قانونيين يستهدف المعارضة السياسية بعقوبات صارمة وقاسية تصل إلى الإعدام، وأن هذا القانون لا يراعي الشرعية الدولية خصوصاً بشأن استقلالية القضاء وضمانات المحاكمة العادلة.
ويؤكد متابعون للوضع البحريني أنّ نظام بن عيسى ومن خلال ذلك التعديل يسعى إلى تصفية حساباته مع شعب البحرين، وأنّ أيّة أحكام تصدر بناءً على هذا التعديل الدستوري باطلة ولا أساس لها من الصحة، مشيرين إلى أنّ كل الأحكام والمعتقلين والخيار الأمني والقضائي الذي يستخدمه بن عيسى عائدٌ لضعفه وعدم قدرته على تحقيق شيء واقعي وملموس يوقف من خلاله حراك الشعب ومعارضته.
أحكام عبثيّة
أما آخر جرائم هذا النظام إصدار محاكمه العسكرية أحكاماً بالإعدام بحقّ 6 مواطنين بحرينيين، فبعد ثماني جلساتٍ عُقدت في أقل من شهرين لم يحصل خلالها لا المتهمون ولا محاميهم على ضمان المحاكمة العادلة، حيث اتهمت المحكمة الشبان الستّة بقضايا وصفها نُشطاء بأنها "كيدية، عبثية، مختلقة ولا أساس لها ولا اعتبار"، كما أن المحكمة العسكرية قررت إجراء المحاكمة بطريقة سرية ولم تسلّم أوراق الدعوى إلى المحاميين أو ذوي المتهمين.
ويشير ناشطون حقوقيون إلى أنّ الحكم يأتي بصورةٍ مفاجئة ودون وجود أيِّ ضماناتٍ قانونية أو حضور للمحامين، إذ يرفض القضاء تسليم محامي الدفاع أوراق الدعوى للاطلاع على القضيّة.
وبالإضافة لحكم الإعدام الصادر بحق الشبان الستة، صدر حُكمٌ آخر بحقهم يقضي باسقاط الجنسية عنهم، أما الشباب المحكومين فهم: "مبـارك عـادل مبارك مهـنا، فاضـل السيد عباس حسن رضي، السيد علـوي حسيـن علوي حسين، محمـد عبدالحسن أحمد المتغـوي، مرتضى مجـيـد رمضـان علوي -السـندي- وأخيراً حبـيب عبدالله حسن علي -الجـمري-"
وبالإضافة لتلك الأحكام؛ أصدر القضاء العسكري عينه؛ حكماً آخر بسجن 7 شبان آخرين ولمدة 7 سنوات مع إسقاط جنسيتهم البحرينية وهم: "محمد عبدالحسن صالح الشهابي، محمد عبد الواحد محمد النجار، حسين محمد أحمد شهاب، محمد يوسف مرهون العجمي، حسين على محسن بداو، السيد محمد قاسم محمد، علي جعفر حسن الريس".
جنون العظمة
الحال السيّء الذي وصل إليه القضاء البحريني ردّه عددٌ من المتابعين إلى الرغبة الجامحة لدى حكام تلك الجزيرة بالسيطرة على الشعب البحريني ومقدراته، حيث يقول الشيخ حسين الديهي نائب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في البحرين معلقاً على تلك الأحكام بأنها: "هزيمة وانهيار معنوي يعيشه المتربعون على صدر الشعب بالبطش والقوة والقمع، وبهذه الأحكام الجائرة يعوضون فشلهم أمام مريديهم"، مؤكداً على أنّ النظام البحريني اعتاد على الانتقام بالأمن والقضاء عندما يفشل في السياسة والدبلوماسية، ولكنه مؤخراً –أي النظام- شعر بخيبة أمل كبيرة فلجأ للمزيد من أحكام الإعدام، إنه "جنون العظمة" حسب قوله.
إجراءات السلطات البحرينية تلك أجبرت منظمة هيومن رايتس ووتش على الدعوة إلى تبني قرار يدين الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في البحرين، والدعوة إلى الإفراج عن الأفراد المحتجزين لمجرد ممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، مطالبةً الأمم المتحدة بضرورة دعوة البحرين إلى السماح بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والتعجيل بتيسير وصول الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين.
تجدر الإشارة إلى أنّ المُحاكمات الصورية التي تُقيمها مملكة البحرين، أدانتها منظمات حقوقية بحرينية بشدة، محذرة من فلتان قضائي وتفشٍ لظاهرة غياب ضمانات المحاكمات العادلة للقضايا المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، في ظل عدم التزام السلطة القضائية بالمبادئ الأساسية بشأن استقلال القضاء، الأمر الذي تودي الى انعدام الثّقة لأيّة إجراءات قانونية أو قضائية تقيمها السلطات البحرينية.