الوقت- عادت اجتماعات جنيف 8 إلى الإنعقاد اليوم، بعد تأخير ستة أيام عن المخطط، بسبب تأخّر وفد الحكومة السورية عن الحضور. الوفد الذي يرأسه بشار الجعفري وصل جنيف في الأول من أمس، وقد أعلن المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أن المفاوضات التي بدأت في أواخر الشهر الماضي والتي تفاوض الجانبان فيها على الإصلاحات الدستورية والانتخابية المباشرة، يمكن أن تمتدّ إلى أواسط الشهر الحالي.
جولة أولى دون نتيجة
انتهت الجولة الأولى من المفاوضات دون نتيجة، وذلك بسبب تمسّك الوفد المعارض بمطالب تعجيزيةّ، منها إصراره على تنحّي الرئيس الأسد، وحول ذلك تحدّث مندوب روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، حيث قال: "هم أتوا ليناقشوا إقالة الرئيس بشار الأسد. هذا ليس موقفا تفاوضيا. إنه مطلب عبثي، ليس فقط لا يمكن تقبله، بل ويعد استفزازا مكشوفا للوفد الحكومي الذي جاء إلى مفاوضات جنيف."
بالتالي يمكن القول أن غياب الواقعية في موقف الوفد المعارض والدول الداعمة له، وعدم القراءة الصحيحة للواقع، أدت إلى انسحاب وفد الحكومة السوريّة من المفاوضات في جولتها الأولى.
فالأوضاع الميدانيّة اليوم، تُظهر، وبشكل واضح، الأفضليّة التي يتمتّع بها الجيش السوري والحلفاء، وفي ظروف كهذه، لا يعد اشتراط تنحّي الرئيس الأسد، إلا حجرة عثرة أمام إنهاء المفاوضات والوصول إلى حلول ترضي الجميع. وتزامنا مع بداية المفاوضات، بدأ الجيش السوري عمليّات حساسة ومصيرية، يسطّر فيها أروع الملاحم.
عمليّات إدلب، تذكير بالوقائع الميدانية
تشير المعطيات الميدانية إلى أن الزخم الميداني لعمليات الجيش السوري وحلفائه سيرتفع خلال الفترة المقبلة، في وقت كثّف فيه سلاحا الجو السوري والروسي غاراتهما على البلدات المحيطة ببلدة الرهجان في ريف حماة الشمالي الشرقي، وعلى مواقع "تحرير الشام" في محيط مطار أبو الضهور العسكري في ريف إدلب الشرقي. وخلال الأيام الماضية، استعاد الجيش السيطرة على قرى أم تريكة وأم حزيم وبليل وتلة رجم الأحمر وتل شطيب والزبادي وتل بولص. وبعد تثبيت نقاطه في تلك القرى، بدأ تحركاً سريعاً في بلدتي أم تركية والظافرية، المتاخمة للحدود الإدارية لمحافظة إدلب.
هذه التطورات تساعد الجيش السوري على استعادة محافظة إدلب التي لا تزال وحيدة بأيدي المجموعات الإرهابية، ما يسمّى جبهة النصرة، وهي التي اعتبرت في "أستانة 6" منطقة خفض توتّر. وفي الوقت الحالي يعمل الوفد المعارض على الإستفادة من ورقة إدلب في مفاوضات جنيف. وإن بدء العمليات الأخيرة للجيش السوري قبل يوم واحد من المفاوضات، ليس إلا تذكيرا للمتحاورين، أن الأوضاع في الميدان لصالح الدولة السورية، بغية وعظهم لتغيير مسارهم وحدة كلامهم، والتحدّث بواقعية.
باختصار شديد، أرادت الدولة السورية أن توصل رسالة، مفادها أن التمسّك بمطلب تنحي الرئيس بشار الأسد، لن يؤدي سوى إلى توسيع نطاق عمليات الجيش والحلفاء، وتحرير إدلب آخر معاقل المسلّحين، وبالتالي القضاء على آخر ورقة رابحة بيد المسلّحين، وإغلاق أي باب للتفاوض.
في الختام لا بد من التأكيد على نقطة مفادها، أن النظرية الروسية - الإيرانية - التركية هي التي أثبتت جدواها، وسوتشي أكبر دليل على ذلك. فقد أسهمت هذه الدول في تخفيف حدة النزاع على الأراضي السورية وحلحلة الأوضاع السياسية. وقد بات الحل قريبا، الحل الذي سيحدّده الجيش السوري وحلفاؤه. وإن أي شروط مسبقة للتفاوض لن تؤدّي إلا إلى فشل المعارضين، فتوسيع العمليات العسكرية، وتطهير الأراضي السورية كاملة سيجعل أيديهم خالية لا تغني ولا تسمن من جوع.