الوقت- من يدخلها بإرادته لايخرج منها إلا ميتاً، هكذا هو حال من ينتسب إلى "المافيا" بعد أدائه لقسمها الشهير، أما من يقوم بفعل الخيانة تهديه "المافيا" هذه العبارة "من الآن لن يراقبكم أحد أنتم وحدكم ستراقبون أنفسكم وتحكمون عليها بالقتل".
عالم مليء بالأسرار والمغامرات والملفات والعلاقات السرية والمشبوهة التي تجاوزت حدود العلاقة مع رجال الشرطة وكبار قادتها لتصل إلى العلاقة مع رؤساء الدولة أنفسهم، كما هو حال "المافيا الامريكية" التي كانت تربطها علاقات مشبوهة مع كل من الرئيس الأمريكي الأسبق والمثير للجدل ريتشارد نيكسون والرئيس الحالي دونالد ترامب خلال فترة شبابه وحتى سنوات ليست بعيدة كثيرا، وتم الكشف عن علاقة نيكسون مع المافيا عن طريق الكاتب دون فولسوم، الذي كتب كتابا جديدا يتحدث عن السيرة الذاتية لحياة للرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون، بحسب صحيفة الديلي ميل البريطانية.
أما الرئيس الحالي ترامب فقد فضحت الشرطة الاسترالية علاقته مع المافيا منذ قرابة الشهرين وتحدثت أن هناك علاقات "مشبوهة" للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعصابات "المافيا"، وأوضحت الشرطة الأسترالية قائلة، إن تحقيقات حول مشروع كان ينوي ترامب تأسيسه قبل 30 عاما، كشفت عن وجود صلات تربطه ببعض مجموعات "المافيا"، بحسب صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية.
نشأة المافيا
هناك روايات كثيرة تتحدث عن نشأة المافيا سنذكر أشهرها، تقول احدى الرويات بأن نشاة المافيا يعود إلى القرن الثالث عشر مع الغزو الفرنسي لأراضي صقلية عام 1282 ميلادية، حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمة سرية لمكافحة الغزاة الفرنسيين كان شعارها "موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا"، فجاءت كلمة مافيا " MAFIA" من أول حرف من كلمات الشعار.
أما الرواية الثانية فتقول أن المافيا بدأت كمجموعات تقدم الحماية الشخصية للإقطاعيين ورجال الأعمال والسياسيين. استقلت هذه المجموعات فيما بعد عن الإقطاعيين ورجال الأعمال وكونت بنفسها تنظيما "إجرامياً"، يقوم على أعمال تهريب المخدرات، القتل، غسيل الأموال، والقائمة تطول.
ولكن الجميع يتفق بأن البداية كانت من صقلية " المنشأ الأصلي ـ والأشهرـ للعصابات"، أما الولايات المتحدة الامريكية فقد كانت وجهة المافيات في نهاية القرن التاسع عشر، حيث هاجرت هذه العصابات من صقلية واستقرت في الولايات المتحدة، وهكذا بدأت العصابات الكبرى، وتعمل هذه المافيات اليوم في تجارة المخدرات وتتكسب من بيوت الدعارة التابعة لها وأنشطة مشبوهة أخرى وصلت إلى حد انشاء علاقات سرية مع مؤسسات الدولة، واليوم تُقدَّر إيرادات مبيعات الكوكايين في الولايات المتحدة وحدها بـ 34 مليار دولار سنويّا. كذلك تشير تقديرات مكتب البيت الأبيض للسياسة القومية لمكافحة المخدرات أن الأمريكيين ينفقون 100 مليار دولار سنويا على المخدرات.
نيكسون والمافيا
لا أحد يستطيع أن ينسى فضيحة "ووتر غيت" الفضيحة السياسية الاكبر في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية والتي أطاحت بالرئيس نيكسون بعد عامين من استلامه لمفاتيح البيت الأبيض، ولكن مانشره الكاتب دون فولسون في كتابه الجديد الذي يتناول السيرة الذاتية للرئيس الأسبق نيكسون وعلاقته مع المافيا سيجعلكم تنسون "ووتر غيت".
هكذا عنونت الخبر صحيفة "الديلي الميل" البريطانية في ذلك الوقت "انسوا ووترغيت.. كتاب جديد يزعم بأن أكثر رؤوساء أمريكا فساداً خبأ جانباً شخصياً أكثر فضيحة"، وألمح الكاتب فولسوم، وهو مراسل صحفي مخضرم غطى فترة ولاية نيكسون، في كتابه بعنوان "أحلك أسرار نيكسون"، بأن الرئيس رقم 37 للولايات المتحدة، كان يعاني من مشاكل خطيرة في تعاطي الخمر ويضرب زوجته، وكانت له علاقة طويلة، امتدت لعقدين من الزمن، مع زعماء المافيا من بينهم كارلوس مارسيللو، عراب نيوأوليانز وأكثر زعماء عصابات أمريكا نفوذا حينها، قبيل تنصيبه رئيساً عام 1969.
ولعل النقطة الأكثر إثارة للتساؤلات هو تلميح الكتاب إلى أن نيكسون ربما كان مثلي الجنس، وربما كانت له علاقة مع زعيم المافيا في فلوريدا، تشارلس "بيبي" ريبوزو"، وهو شخصية تفوق نيكسون خبثاً.
ترامب والمافيا
كما ذكرنا في البداية بأن شرطة استراليا رفعت النقاب خلال شهر سيبتمبر /ايلول عن علاقات "مشبوهة" للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعصابات "المافيا"، وأشارت إلى أن التحقيقات ترجع إلى 3 أبريل/ نيسان 1987، ولكن تم رفع السرية عنها بعد مرور 30 عاما، وفق قانون تداول المعلومات الأسترالي.
وفي وقت سابق نشرت مجلة "فايس" الأمريكية، تقريرا خطيرا حول ما وصفته بعلاقة ترامب المشبوهة بعصابات المافيا في نيويورك، التي كانت في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يصنع الرئيس الأمريكي أمواله ويصبح مليارديرا كبيرا. وقالت المجلة الأمريكية إنه منذ أواخر عام 1976 وحتى عام 1983 كشفت تقارير وتحقيقات فيدرالية أمريكية أن ترامب كان على علاقة وثيقة بعصابات المافيا في أتلانتيك، ثم ارتبط بعلاقات أخرى مع عائلات المافيا الكبيرة في نيويورك.
وبحثت "فايس" في أرشيف مكتب التحقيقات الفيدرالي، لتعثر على مجموعة من المستندات الخطيرة تعود لعام 1981، ووصفت تلك التحقيقات ترامب بـ"الشاب الغوغائي الهمجي"، بأنه له علاقات مريبة مع عصابات المافيا في أتلانتيك.
وما يدين ترامب أكثر في هذه القضية أنه يعترف بأن يعتبر المحامي روي كوهين معلمه الأول بالنسبة للقضايا السياسية والاقتصادية وإدارة الأعمال، ولكن اعترافه هذا يضع ترامب نفسه في موضع الاتهام، بحسب "فايس"، لأن كوهين هذا ليس إلا المحامي الخاص بعائلات المافيا الشهيرة في نيويورك، والمعروفة باسم "جنوة" و"جامبينو"، كما أن عملاء روي كوهين معظمهم كانوا يرتبطون بصورة كبيرة بالجريمة المنظمة أو العمليات المشبوهة، ووفقا لكتاب، واين باريت، صحفي التحقيقات الاستقصائية الأمريكي الشهير، الذي نشره عام 1992، تحت اسم "ترامب: الصفقات والسقوط".
اللافت أن ترامب استمر في علاقته مع المافيا حتى مرحلة ليست بالبعيدة، فبحسب مجلة "فايس" الأمريكية، فإن علاقة ترامب بعصابات المافيا ظلت مستمرة، حيث كشفت التحقيقات أن ترامب عندما حصل على حق تشييد أول مشروع كبير في مانهاتن، تعاقد من الباطن على شراكة هذا المشروع مع شركة مملوكة لرجل يدعى "بيف هالوران"، وهو أحد العناصر المعروفة في تورطها بالجريمة المنظمة في عصابة تدعى "كارتل".
حتى أن صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" الأمريكية نشرت في بداية التسعينيات تحقيقا حول تورط ترامب مع عصابات المافيا في هدم منازل محيطة بمقر شركته، حتى يتمكن من شرائها من أصحابها بثمن بخس، ليؤسس البرج العملاق الموجودة بها إمبراطوريته في قلب نيويورك، تحت اسم "ترامب تاور".كما أنه استعان بعائلة المافيا الشهيرة "جنوة"، لإجبار العمال على عدم تقديم شكاوى ضد ترامب، وخاصة أولئك المهاجرون الذين كان يستقدمهم من بولندا ويمنحهم أجر زهيد ويجعلهم ينامون في مقر العمل، ولا يمنحهم أي حقوق من تأمينات أو معاشات، ويبقى السؤال هل قطع ترامب علاقته مع المافيا أم سنكون على موعد جديد مع ملفات ساخنة وفضائج جديدة في هذا الإطار؟!.