الوقت - قام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في الأيام الماضية بزيارة رسمية إلى الكويت والدوحة أجرى خلالها مباحثات مع أمير الكويت "الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح " وأمير قطر "الشيخ تميم بن حمد آل ثاني".
فما هي أهدف هذه الجولة في ظل الأزمة القائمة بين قطر من جهة، والسعودية والبحرين والإمارات ومصر من جهة أخرى، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن زيارة أردوغان إلى الدوحة هي الثالثة له خلال تسعة أشهر، والثانية منذ بدء الأزمة بين قطر والسعودية في 5 يونيو/حزيران الماضي.
يمكن تلخيص أهدف الزيارة بما يلي:
- تأكيد دعم أنقرة للدوحة في أزمتها مع الرياض وحلفائها، وهذا الأمر من شأنه أن يعزز مساعي تركيا لتقوية نفوذها في المنطقة مقابل السعودية التي تسعى هي أيضاً لمثل هذا الأمر، خصوصاً في ظل التوتر الذي تشهده العلاقة بين الجانبين والذي ظهر بشكل واضح من خلال تأييد السعودية للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في تموز/يوليو 2016.
- سعى أردوغان إلى تعزيز علاقات بلاده مع الكويت لإدراكه بوجود تيار سياسي في هذا البلد يعارض سياسة السعودية الرامية إلى الهيمنة على مقدرات دول مجلس التعاون. وهذا الأمر من شأنه أيضاً أن يقلص من الدور السعودي في عموم المنطقة.
- وفّرت زيارة أردوغان إلى الكويت وقطر فرصة لتركيا للعب دور إقليمي أكبر، خصوصاً بعد ترجيح أنقرة التعاون مع محور طهران - موسكو لتسوية الأزمة السورية وما نجم عن ذلك من ابتعاد تركيا عن المحور الغربي الذي تقوده أمريكا والساعي إلى تكريس وجوده وتنفيذ أجنداته الخاصة في سوريا وعموم المنطقة.
وجاء هذا الابتعاد عن المحور الغربي بعد إدراك تركيا بضرورة التنسيق مع إيران وروسيا، لشعورها بأن العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطن والتي أيدت الانقلاب الفاشل في تركيا لايمكن الاطمئنان لها بخلاف طهران وموسكو اللتان أثبتت الوقائع أنهما أحرص على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، والدور الكبير الذي لعبته إيران وروسيا في محاربة الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق خير دليل على ذلك.
- شملت المباحثات التي أجراها أردوغان في الكويت وقطر سبل تعزيز آفاق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية لاسيّما ما يتعلق بالطاقة والاستثمار والسياحة وغيرها من المجالات.
وتنبغي الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والكويت وصل إلى أكثر من 150 مليون دولار في الربع الأول من العام الحالي، مسجلاً زيادة بنسبة 17 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2016"، فيما بلغ حجم الصادرات التركية إلى قطر بين حزيران وأيلول 2016، نحو 114 مليون دولار، وارتفع إلى 216 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الحالي. وتعد الكويت وقطر من أبرز بلدان دول مجلس التعاون التي تجتذب رؤوس أموال ضخمة، وأرضاً خصبة للاستثمار.
- بحث أردوغان مع القيادة القطرية أيضاً سبل تعزيز التعاون العسكري بين البلدين خصوصاً في مجال تدريب القوات القطرية على يد القوات التركية والصناعات الدفاعية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تركيا تمتلك قاعدة عسكرية مهمة في قطر ضمن اتفاقية وقعها البلدان في 19 ديسمبر/كانون الأول 2014.
ولا ننسى أن الكويت وقطر تقعان في منطقة جيوسياسية هامة، فضلًا عن أنهما من أهم البلدان المصدرة للبترول. وفي الفترة الأخيرة سعت عدّة دول لإقامة قواعد عسكرية في هذين البلدين، لأخذ دور في تقلبات محتملة في المنطقة، وقد انضمت تركيا لهذه القافلة عبر قواعد عسكرية أسستها في قطر.
من خلال هذه المعطيات يمكن القول بأن زيارة أردوغان إلى الكويت وقطر ستصب في صالح الأطراف الثلاثة لاسيّما أنقرة والدوحة، لأنها ستقوي الجانب القطري مقابل التحالف السعودي، بالإضافة إلى أنها ستعزز من دور تركيا في المنطقة على حساب الدور السعودي الذي تعرض لنكسات سياسية كبيرة في العراق وسوريا ومُنيت قواته بهزائم منكرة على يد القوات اليمنية التي تدافع عن بلادها في موجهة العدوان السعودي المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات، وقد أدت هذه الانتكاسات والهزائم إلى إضعاف الاقتصاد السعودي الذي بات يعاني من العجز بسبب التكاليف الباهظة للعدوان على اليمن والدعم المالي للجماعات الإرهابية التي هُزمت ومُنيت بخسائر كبيرة في العراق وسوريا.