الوقت- بعد أن بات القضاء على تنظيم داعش الإرهابي قاب قوسين أو أدنى تقوم القوات العراقية بفرض سيادة الدولة وهيبتها على بعض المناطق المتنازع عليها من كركوك وديالي إلى الموصل، ومنذ بدء المعركة حققت القوات العراقية تقدم كبير وسط حالات فرار جماعية لقوات البيشمركة من المناطق المتنازع عليها.
انطلاق شرارة العمليات في المناطق المتنازع عليها ومطالبة العبادي بالتدخل
كانت الشرارة الاساسية للعمليات هو اندلاع اشتباكات مسلحة بين القوات المسلحة العراقية والبيشمركة في فلكة الحي الصناعي جنوب كركوك أمس الأحد. وقال مصدر عراقي ان "هناك اصوات اطلاق نار متفرقة في عدد من مناطق المحافظة"، وفي سياق اخر شهد قضاء طوزخرماتو في محافظة صلاح الدين اندلاع اشتباكات بين القوات العراقية والحشد الشعبي مع البيشمركة، يوم أمس الاحد من اجل فرض سيطرة الحكومة الاتحادية على القضاء، الامر الذي يرفضه اقليم كردستان.
بدوره كشف عضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي في حوار مع موقع الوقت، عن مشاركة عناصر من حزب العمال الكردستاني بالاشتباكات التي اندلعت في قضاء طوزخورماتو بمحافظة صلاح الدين مطالبا القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بالتدخل العاجل وإرسال قوات اتحادية لحماية المدنيين.
العبادي يلبي النداء ويوجه القوات العراقية بفرض الامن في كركوك بالتعاون مع ابناء المحافظة والبيشمركة
وبعد هذا الحادث وجه رئيس الوزراء حيدر العبادي، فجر اليوم الاثنين، القوات الامنية بفرض الامن في محافظة كركوك، بالتعاون مع ابناء المحافظة والبيشمركة.
التطورات الميدانية منذ بدء تقدم القوات العراقية
ومنذ بدء القوات العراقية بهذه العملية تمكنت القوات الامنية، من بسط سيطرتها على مناطق واسعة من كركوك. وقال مصدر امني في حديث لـ السومرية نيوز، ان " جهاز مكافحة الارهاب والفرقة المدرعة التاسعة للجيش العراقي والشرطة الاتحادية تمكنت من بسط سيطرتها على مناطق واسعة وهامة من كركوك"، مبينا ان "ذلك تم من دون اية مواجهات مع قوات البيشمركة المتواجدة بالمحافظة".
وكانت القوات العراقية المشتركة أعلنت في وقت سابق من اليوم الإثنين، سيطرتها على منشآت نفطية وأمنية وطرق وناحيتين واقعتين في الضواحي الجنوبية الغربية لمدينة كركوك التي تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية، وأشارت إلى "إحراز تقدم كبير" ضمن عمليات "فرض الأمن" في مدينة كركوك المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان.
وقال مصدر ان "قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني انسحبت من حقول نفط باي حسن وهافانا في محافظة كركوك"، مؤكداً ان "عملية الإنسحاب جاءت بعد صدور أوامر من القيادة العليا في كردستان". وأضاف، ان "قوات مشتركة من الجيش العراقي والجيش العراقي فرضت كامل سيطرتها على الحقول".
وانتشرت حالات التراجع الواسعة لقوات البيشمركة الكردية تأتي بعد وصول القوات العراقية الى المنطقة، حيث تتجه القوات الكردية باتجاه مناطق إقليم كردستان العراق. وأشارت أخبار متفرقة عن حالات اشتباكات متقطعة بين أفاد البيشمركة بسبب فرار البعض منهم من ساحة المواجهات، كما أشارت الى أنّه قد جرى اعتقال بعض من عناصر هذه القوات.
هذا وقالت القوات العراقية في بيان لها ان "خلاصة العمليات لفرض الامن في كركوك تضمنت السيطرة على معبر جسر خالد والسيطرة على طريق الرياض - مكتب خالد ومعبر مريم بيك والسيطرة على طريق الرشاد - مريم بيك باتجاه فلكة تكريت"، مبينا انه "تمت السيطرة على الحي الصناعي وتركلان وناحية يايجي". واضاف القيادة ان "القوات الامنية سيطرت على منشاة غاز الشمال ومركز الشرطة ومحطة توليد كهرباء كركوك ومصفى بجانب منشاة الغاز"، مشيرا الى ان "القطعات ومازالت مستمرة بالتقدم".
وحررت القوات العرقيّة قاعدة "كيوان" الجوية في جنوب كركوك إثر عمليات أطلقتها لاسترداد عدد من المناطق في محافظة كركوك والتي كانت تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية. وسيطرت القوات العراقية على هذه القاعدة الجوية بعد انسحاب قوات البيشمركة الكردية منها.
بدوره أفاد مصدر امني أخر بأن القوات العراقية سيطرت على قضاء طوزخرماتو في صلاح الدين، وقال المصدر ان "القوات العراقية تمكنت من التمركز في عدد من المواقع بقضاء طوزخرماتو بصلاح الدين"، واضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ان "تلك القوات فرضت سيطرتها على القضاء".
وتمكنت القوات العراقية من الوصول إلى مبنى محافظة كركوك وسط المدينة، حيث أعادت الانتشار فيها، وسيطرت قوات من الشرطة الاتحادية على مبنى المحافظة وقامت بانزال العلم الكردي ورفع العلم الكردي فوق المبنى.
ومن جهة أخرى أمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، برفع العلم العراقي في المناطق المتنازع عليها. وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، ان القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، أمر برفع العلم العراقي في المناطق المتنازع عليها.
بدوره اكد النائب في ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر، ان نائب محافظ كركوك راكان الجبوري سيتولى مهمة المحافظ بصورة مؤقته لحين تنصيب محافظ جديد من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، فيما اوضح القيادي في منظمة بدر محمد البياتي ان المحافظ الجديد سيكون مقبولاً من جميع الاطراف والا ستتم اقالته. وقال جعفر ان “نائب محافظ كركوك راكان الجبوري، سيتولى منصب المحافظ بشكل مؤقت لحين اختيار محافظ جديد من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، واضاف بان “المحافظ الجديد سيحظى بمقبولية جميع الاطراف،لكن لايمكن الحديث عن اختيار محافظ جديد لكركوك لحين استتباب الاوضاع وبسط سلطة الدولة في المحافظة”.
وكان نجم الدين كريم المحافظ السابق قد رفض مطالب رئيس الوزراء العراقي بعد انتهاء المهلة التي مٌنحت من قبل الحكومة العراقية المركزية لأربيل، ونزل المحافظ المعزول الى الشوارع مسلّحا الناس وداعيا الى مواجهة الجيش العراقي، لكنّه فر الى أربيل مع دخول القوات العراقية الى عدد من المناطق في محافظة كركوك.
هذا وأكد مصدر حكومي، ان "هدف العبادي هو فرض سلطة وهيبة الدولة وتحقيق التعايش السلمي وحماية المواطنين من استغلال الفاسدين لثروات البلد". وقال المصدر الحكومي الذي فضل عدم ذكر اسمه، ان"ما حصل امس في كركوك يمثل إعادة انتشار للقوات الاتحادية وضمن تلك الاجراءات المتخذة والتي سيتم اتباعها في بقية المناطق"، مشيرا الى ان "العبادي مصمم على فرض السلطة الاتحادية في جميع المناطق".
وتزامنا مع العمليات في كركوك ايدت تركيا بشكل كامل فرض السيادة العراقية على كركوك حيث أوصى مجلس الأمن القومي التركي اليوم الإثنين الحكومة بإغلاق المجال الجوي للبلاد أمام إقليم شمال العراق وبدء مساع لتسليم معبر "ابراهيم الخليل" الحدودي الرئيسي مع الإقليم للحكومة العراقية. جاء ذلك في بيان عقب اجتماع للمجلس برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وشدد البيان على أهمية الخطوات التي اتخذتها الحكومة المركزية العراقية في محافظة كركوك، لبسط سيادتها الدستورية على كامل البلاد. وأكد على أهمية محافظة القوات العراقية على العمق التاريخي لكركوك بعد محاولات تغيير ديموغرافي تعرضت لها المحافظة، لافتًا إلى حساسية الملف بالنسبة لتركيا.
وما ان تمكنت القوات العراقية من بسط سيادتها في كركوك حتى نزل الشعب من كافة الفئات عرب وكرد وتركمان الى الشوارع ليحتفلو بعودة القانون والدستور الى كركوك رافعين لافتات يدعون فيها القوات العراقية الى بسط سيطرتها على كامل الاراضي التركية.
أما في محافظة ديالى كشف مصدر محلي عن بدء انسحاب قوات البيشمركة من ناحية جلولاء شمال شرق المحافظة. وقال المصدر إن "قوات البيشمركة المرابطة في محيط ناحية جلولاء، (60كم شمال شرق بعقوبة)، بدات بالانسحاب من مواقعها". واضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ان "قوات امنية مشتركة تستعد للانتشار في مواقع ومقرات قوات البيشمركة المنسحبة حاليا لسد اي فراغ امني"، مؤكدا ان "الامر سيحسم في غضون ساعات قليلة".
تعليقات الرئيس معصوم ورئيس مجلس الوزراء على سير العمليات
حيث دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم، اليوم الاثنين وخلال لقائه السفير الامريكي في العراق دوغلاس سيليمان، الى وقف تفاقم النزاع في محافظة كركوك والعودة "الفورية" للحوار. وبحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية العراقية إن "رئيس الجمهورية فؤاد معصوم استقبل في قصر السلام ببغداد، صباح اليوم، سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق دوغلاس سيليمان، وبحث معه علاقات التعاون والصداقة بين البلدين".
وقال البيان أنه "جرى خلال اللقاء التركيز على المستجدات السياسية والأمنية في البلاد، لاسيما التطورات الأخيرة في محافظة كركوك". وشدد معصوم، بحسب البيان، على "ضرورة وقف تفاقم النزاع في كركوك، ولزوم بذل أقصى الجهود للعودة الفورية إلى الحوار لحل الخلافات على أساس الدستور، وعبر الحوار بما يفضي إلى نشر السلم والاستقرار السياسي والأمني".
بدوره اكد العبادي، على حماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم نتيجة الاصرار على اجراء الاستفتاء، وفيما طمأن اهالي كردستان وكركوك بالحرص على سلامتهم ومصلحتهم، دعا قوات البيشمركة الى اداء واجبها تحت القيادة الاتحادية.
واضاف العبادي "حاولنا ثني المتصدين في الاقليم عن اجراء الاستفتاء وعدم خرق الدستور والتركيز على محاربة داعش ولم يستمعوا لمناشداتنا ثم طالبناهم بالغاء نتائجه ودون جدوى ايضا، وبينا لهم حجم الخطر الذي سيتعرض له العراق وشعبه لكنهم فضلوا مصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة العراق بعربه وكرده وباقي اطيافه"، مشيرا الى انهم "تجاوزوا على الدستور وخرجوا عن الاجماع الوطني والشراكة الوطنية اضافة الى استخفافهم بالرفض الدولي الشامل للاستفتاء ولتقسيم العراق واقامة دولة على اساس قومي وعنصري".
يذكر أن المناطق المتنازع عليها في العراق – كما هو الحال لكافة الاراضي العراقية- وفقا للدستور العراقية تتبع للحكومة المركزية في بغداد وهي تخضع لسلطة الدولة والقانون العراقي ولا يحق لا قانونيا ولا دستوريا لاي طرف كان ان يضع نفسه في موقع الند للدولة والقانون التي حررت كامل التراب العراقي من الارهاب وتتوزع في المحافظات التالية، كركوك (شمال بغداد) وتضم مناطق النزاع فيها كافة أقضيتها ونواحيها، بينها قضاء طوزخورماتو التابع إداريا لمحافظة صلاح الدين، والذي تم تحريره كما اشرنا في بداية التقرير، ومحافظة نينوى (شمالي العراق): تضم أقضية سنجار والشيخان والحمدانية وناحية بعشيقة والقحطانية، محافظة ديالى (شمال شرق بغداد) تضم قضاء خانقين ونواحيه، إضافة إلى قضاء بلدروز.
يذكر أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، وجه فجر اليوم الاثنين، القوات الامنية بفرض الامن في محافظة كركوك، بالتعاون مع ابناء المحافظة والبيشمركة، وجاء ذلك بعدما اندلعت اشتباكات مسلحة في فلكة الحي الصناعي جنوب المحافظة، بين البيشمركة والقوات العراقية.