الوقت- الموجة الإستعمارية ليست حديثة العهد في أفريقيا بل هي قديمة قدم تاريخ إستكشافها بسبب مواردها المعدنية، واليوم بعدما ظهرت آبار البترول الغنية، زاد بريق هذه القارة وعاد ليخطف أبصار الدول الكبرى ويتنافس عليها النفوذيون، والحجة للتدخل هذه المرة إما الذريعة الإنسانية أو محاربة الإرهاب، وأمريكا التي تشكل محور البلدان المستعمِرة، ألقت بكامل ثقلها في أفريقيا. حيث تشير السياسات الأمنية والدبلوماسية إلى حجم التدخل والمؤامرة، إذ يقدر خبراء النفط حجم الإحتياطي النفطي في الأراضي الإفريقية بما بين 80 مليار و 100 مليار برميل اي ما نسبته 8-10 في المائة من الإحتياطي العالمي الخام، إذاً كمياته كبيرة ويحوي نسبة ضعيفة من الكبريت ويتميز بأنه خفيف ويحوي على مزيد من الخام والغاز وهي مواد مهمة، ولا يخفى التنافس والتعاون الدولي هناك بين أمريكا والدول صاحبة النفوذ القديمة كفرنسا مثلا، فما هي الأهداف التي ترجوها أمريكا من القارة الأفريقية؟ وما هي السياسات التي تنتهجها في إطار السيطرة على مواردها هناك؟
أهداف أمريكا في القارة الأفريقية:
1 - المطامع بالإستحواذ على النفط الأفريقي لما يحتويه من كميات هائلة خاصة أنه يعد أفضل الأنواع وأرخصها.
2 - المطامع في الثروة الطبيعية الهائلة الموجودة هناك خاصة الألماس والذهب والنحاس، فضلا عن المواد المعدنية التي تستخدم في الصناعات الثقيلة والنووية كالكوبالت واليورانيوم.
3 - الإستحواذ على النفط الأفريقي يعطي لأمريكا عامل قوة في زيادة الضغط على الدول المصدرة للنفط لزيادة إنتاجها لخفض الأسعار وإيجاد حالة من الإنقسام بين الدول المنتجة.
4 - إقامة قواعد عسكرية جديدة ليتم فيها تخزين العتاد العسكري والوقود بزعم مكافحة الإرهاب ومطاردة منظماته، بينما الحقيقة هي السعي للبقاء الاستراتيجي في المنطقة لموقعها الاستراتيجي.
5 - نفط إفريقيا بديل أمريكا للتخلص من التبعية للنفط العربي، حيث بوادر الفشل الأمريكي في إركاع الشعوب العربية.
6 - حماية خطوطها التجارية البحرية.
7 - فتح الأسواق أمام حركة التجارة والإستثمارات الأمريكية.
سياسات أمريكا المنتهجة للسيطرة على القارة الافريقية:
1 - دعم جماعات تكفيرية وحركات ذات طابع عدواني لخلق مشاكل داخل بعض البلدان الأفريقية التي تحتل الأهمية الإستراتيجية، ومن ثم التدخل فيما بعد بهدف محاربتها والقضاء عليها، فيما الهدف والدافع الحقيقي هو الإستيلاء على الخيرات الأفريقية.
2 - إنشاء المزيد من القواعد العسكرية الأمريكية في أفريقيا خصوصا في المناطق والبلدان ذات الأهمية النفطية.
3 - المعونات العسكرية واتفاقات التعاون الأمني مع البلدان الأفريقية، حيث يقضي تأمين تدفق النفط في بعض الحالات تقديم المعونات العسكرية وتوقيع اتفاقات التعاون الأمني، حيث تشمل المعونات التعزيز بالسلاح والذخيرة والخبرة الفنية.
4 - إطلاق مبادرات مكافحة الإرهاب من خلال تشكيل قوات مشتركة، كما بتقديم تدريبات للقوات المسلحة في دول المنطقة لمواجهة الأزمات الأمنية، وتستلزم هذه المبادرات بطبيعة الحال إرسال قوات جوية وبرية خاصة، مما يتيح للقوات الأمريكية استخدام مطارات تلك الدول.
5 - التركيز على مناطق إقليمية معينة، واختيار دولة أو أكثر تمارس دور القيادة مثل: جنوب أفريقيا في الجنوب، ونيجيريا والسنغال في الغرب، وإثيوبيا في الشرق.
6 - طرح قضايا معينة ووضعها على قائمة السياسة الأفريقية لأمريكا، مثل: الإرهاب والتطرف، تدفق المخدرات، الجريمة الدولية، حماية البيئة، حقوق المرأة الأفريقية، و... .
7 - العمل على محاصرة النظم غير الموالية للقرار الأمريكي، كما حصل في ليبيا والسودان سابقا.
سبل المواجهة:
1 - إقامة ودعم المؤسسات الأفريقية بما يعزز عملية التكامل الإقليمي، وذلك بهدف تحقيق الاعتماد الجماعي على الذات.
2 - توثيق التحالف بين الشركات الإفريقية العاملة في مجال إنتاج النفط، وتحسين الشروط المتضمنة في العقود النفطية، بالنسبة للشركات الغربية، فيما يتعلق بالتنقيب والتصدير ونسب الأرباح.
3 - تدعيم رابطة منتجي النفط الإفريقي، من خلال زيادة عدد أعضائها، وعقد اجتماعاتها بشكل دوري منتظم، والحرص على استقلالها، بما يسهم في تحسين المركز التفاوضي للأفارقة في سوق النفط العالمية، وبما يحول دون التدخل الأمريكي في شؤونها، بهدف التأثير علي قراراتها.
4 - تشجيع التوجهات الوطنية نحو تحقيق الديمقراطية بما تعنيه من سيادة قيم الشفافية والمساءلة.
5 - إقامة تحالف دولي جديد، بهدف دعم جهود التنمية الأفريقية، بحيث يضم دولا مانحة، مثل: اليابان وتايوان، والصين وكوريا الجنوبية. ويمكن للمجتمع الدولي أن يساهم في توفير الدعم اللازم لتحقيق النهضة الأفريقية.
إن الشعوب الأفريقية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالوقوف في وجه المخططات الأمريكية التي تستهدف النهب المنهجي للنفط الإفريقي، بما يحول دون تكرار خبرات الماضي الأليم، التي تعرض فيها الأفارقة للنهب المستمر، بدءا من استرقاق البشر، وصولاً إلي مرحلة الاستعمار العسكري المباشر، والاستعمار الاقتصادي والثقافي.