الوقت- عندما تصبح بعض الدول العربية تعمل لخدمة مصالح الكيان الاسرائيلي يبطل العجب من علاقات تجمع رئيس وزراء الهند "نارندرا مودي" بالكيان الاسرائيلي وعن رغبته بزيارة هذا الكيان، بل وأكثر من هذا فوزارة الخارجية الهندية تتفاخر بأن "مودي" سيصبح أول رئيس وزراء هندي يزور الكيان الاسرائيلي حسب ما صرحت به "سوشما سواراج" الناطقة باسم وزارة الخارجية الهندية.
تمثل زيارة "مودي" المرتقبة الى الكيان الاسرائيلي الزيارة الأولى من نوعها وتحمل في طياتها الكثير من الدلالات فزيارة كهذه تشير الى أن العلاقات التي تجمع الحكومة الهندية مع الكيان الاسرائيلي أصبحت أكثر فاعلية وعلنية عما كانت عليه من قبل في مؤشر علي أن العلاقات الكيان الاسرائيلي مع دول المنطقة والدول الاخرى أصبحت علنية ودون أي خوف أو فزع ويعود هذا الى أن الشعوب العربية تم إشغالها بمحاربة تنظيم داعش الارهابي الذي يعمل على تشتيت المنطقة واضعافها.
وترسم زيارة "مودي" مرحلة جديدة من العلاقات التي تجمع الكيان الاسرائيلي مع الهند تشمل صعداً متعددة كالصعيد العسكري والاقتصادي والسياسي، فالحكومة الهندية معروفة منذ عشرات السنين بتعاملها التجاري مع الكيان الاسرائيلي حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 202 مليون دولار عام 1992 وعندها لم تكن هناك علاقات دبلوماسية رسمية بين الكيان والهند2، كما تقدر التبادلات العسكرية التي تجمعهما بأكثر من 10 مليارات دولار، فزيارة رئيس الوزراء الهندي ستعمق هذه العلاقات وتزيد المنافع المشتركة التي تعود بغالبيتها على الكيان الاسرائيلي لأنه هو من يبيع السلاح والهند هي التي تشتري.
كما أن أطماع الكيان الاسرائيلي بعلاقة متينة مع الهند كبيرة خاصة أن عدد سكان الهند يزيد عن مليار و200 مليون نسمة ما يشجع هذا الكيان على السعي لسَوق علاقته معها نحو الأفضل وهذا يقدم تفسيراً واضحا لتصريحات سفير الكيان الاسرائيلي في الهند "دانيال كارمون" عقب اعلان وزارة الخارجية الهندية عن نية رئيس الوزراء بالسفر الى الكيان الاسرائيلي حيث اعتبر "كارمون" أن "الزيارات المتبادلة تعتبر جزءًا طبيعيًا من العلاقات القوية مع الهند".
هذه الدوافع والأسباب التي شجعت "مودي" على زيارة الكيان الاسرائيلي ستضع حكومته أمام مخاطر كبيرة، فالمسلمون يشكلون ما يقارب 15% من سكان الهند وهذه نسبة غير قليلة أبداً بالنسبة لعدد السكان الضخم ما سيسبب فقدان "مودي" لشعبيته فالمسلمون لايرضون بإقامة علاقات مع الكيان الاسرائيلي وهذا سيقلل من نفوذ حكومة "مودي" داخل البلاد بالاضافة الى أن التمادي في العلاقات مع هذا الكيان قد يسبب استفزازاً للمسلمين السبب الذي دفع الهند في أيار 2012 الى رفض طلب وزير أمن الكيان الاسرائيلي السابق إيهود باراك بزيارة الهند.
ولا يخفى أن جميع شعوب العالم الاسلامي تراقب بدقة أي حركة باتجاه الكيان الاسرائيلي فالقضية الفلسطينية رغم كل محاولات إبعادها عن الواجهة لاتزال تشكل القضية المركزية للعالم الاسلامي، فعلاقات الهند مع الكيان الاسرائيلي وان كانت ستكسبها القليل من الأرباح التجارية والاقتصادية الا أنها في المقابل ستخسر الكثير فتبادلاتها التجارية مع الدول العربية والاسلامية ليست بالقليلة.
الى جانب هذا فإن الكيان الاسرائيلي يستغل الصراع الهندي الباكستاني لترويج أسلحته ودفع الهند الى شراء كميات كبيرة من السلاح حيث برز الكيان الاسرائيلي كثاني أكبر مورد للسلاح الى الهند بعد روسيا خلال العقد الماضي، وهذا ما قد يدفع بالأزمة الهندية الباكستانية الى مزيد من التوتر والتأزم.
وعلى ضوء هذا فإن أمام رئيس الوزراء الهندي أن يختار بين العواقب والمصالح، مصالح تتمثل ببعض المعاملات التجارية والعسكرية وعواقب متنوعة قد تظهر على شكل انزعاج شعبي بين مسلمي الهند أو على شكل توتر في العلاقات بين الهند وأفغانستان وهذه العواقب قد تضع هيبة حكومة "مودي" على حافة مخاطر تكلفها فاتورة أعلى بكثير من الفوائد التي تجنيها من زيارة الكيان الاسرائيلي.
المصادر:
1- http://hindi.webdunia.com/national-hindi-news/narendra-modi-s-visit-to-israel-115060100007_1.html
2- مركز الجزيرة للدراسات / نائب مدير معهد الدراسات الدولية، جامعة البحرين.
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/3d827920-0dda-4d80-b586-ccfe17827acc
3- مركز بيغن السادات الاسرائيلي للأبحاث الإستراتيجية/ Begin Sadat Center for Strategic Studies
http://besacenter.org/perspectives-papers/india-israel-defense-cooperation/
4- http://www.worldometers.info/world-population/india-population/
5- كتاب Introduction to the Constitution of India