الوقت- باتت الغارات الجوية الخاطئة كابوسا يؤرق المدنيين في سوريا والعراق واليمن، لاسيما تلك التي ينفذها كل من التحالف الأمريكي في العراق وسوريا والعربي في اليمن، فقد بلغ عدد القتلى والجرحى من المدنيين جراء قصف طيران العدوان العربي على اليمن أكثر من 8 آلاف مدني.
فمن المحتمل أن تفقد عائلتك بأكملها جرّاء غارة جوية خاطئة قد يقصفها أحد التحالفين؛ التحالف الدولي المزعوم لمحاربة داعش، أو التحالف العربي في اليمن؛ ومن غير المعلوم نوايا الطيارين الحربيين الذين يقودون طائرات الموت في سماء سوريا واليمن والعراق، فمن الممكن أن تكون غاراتهم ليست خاطئة كما يزعمون وإنما عن عمد.
وفي هذا التقرير سنورد موجزا عن ضحايا المدنيين جرّاء الغارات الخاطئة في اليمن وسوريا والعراق:
استعرّت الأوضاع في اليمن منذ العام 2014 وزاد التصعيد بعد تدخل السعودية عسكريًا ضمن عدوان عربي في أوائل عام 2015، مما يعرف إعلاميًا باسم التحالف العربي لدعم الشرعية.
وسنفتتح جرائم التحالف العربي بما أعلنه قبل بضعة أيام، وتحديدًا في يوم السبت السادس والعشرين من أغسطس (آب) الماضي، مسؤوليته عن الغارة التي تسببت بمقتل 14 يمنيًا، من بينهم خمسة أطفال، وذلك جنوب صنعاء، في الغارة التي أطلقها التحالف في يوم الجمعة، الخامس والعشرين من الشهر نفسه.
والمثير للسخرية أن هذا التحالف زعم بأن الحادثة جاءت نظرًا لوقوع خطأ تقني أدى إلى إصابة المدنيين، وأوضح التحالف أن طائراته كانت من المفترض أن تستهدف مركزًا للقيادة والسيطرة والاتصالات يتبع جماعة أنصار الله ويقع في منطقة الغارة في حي فج عطان عند الأطراف الجنوبية للمدينة، ولكنه تذرع بأنه أخطأ.
وما يؤكد صحّة توقعنا بأن تكون غارات تحالف السعودية متعمدة، هو أن الغارة المذكورة آنفا لم تكن الأولى من نوعها وإنما واحدة من كثيرات، فقد وصل عدد الغارات الخاطئة منذ بداية عمل التحالف المزعوم في خلال عام ونصف فقط؛ بين مارس (آذار) 2015، وأكتوبر (تشرين الأول) 2016، إلى أكثر من 61 غارة جوية خاطئة، وُصفت بغارات غير قانونية، وتسببت في مقتل حوالي ثمانية آلاف مدني، وإصابة حوالي 47 ألف آخرين، وأصابت منازل وأسواق ومستشفيات ومدارس.
ناهيك عن ماذكرته "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، التي وصفت بعض الهجمات والغارات الجوية التي شنها التحالف السعودي بـ "جرائم حرب"؛ وسنذكر منها ضربات جوية استهدفت سوقًا مكتظة في شمال اليمن، مثل تلك التي وقعت في مارس/آذار 2016، والتي قتلت 97 مدنيًا على الأقل، منهم 25 طفلًا، وأخرى استهدفت مجلس عزاء في صنعاء في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، وقتلت 100 مدني وأدت لسقوط مئات الجرحى.
لتكون في نهاية المطاف حصيلة ضحايا المدنيين في اليمن جرّاء ضربات السعودية، أكثر من 8000 قتيل علاوة على آلاف الجرحى.
جرائم التحالف الدولي في سوريا والعراق
لم يكن تنظيم داعش الارهابي هو الكابوس الوحيد للمدنيين في سوريا والعراق، وانما هنالك كابوس آخر للمدنيين يتمثل في مايسمى التحالف الدولي بقيادة أمريكا.
فمنذ ظهور داعش في فبراير/شباط 2014، تأسس مايسمى التحالف الدولي رسميًا في 22 من سبتمبر/أيلول 2014، بهدف القضاء على التنظيم الارهابي.
والمأساة التي أفجعت المدنيين في سوريا والعراق، أن التحالف لم تكن أهدافه صحيحة طوال الوقت، فالضربات الجوية والغارات الخاطئة كانت لها نصيبٌ كبير أيضًا لديه؛ فبعد أسبوع واحد فقط من بداية غارات التحالف، وتحديدًا في 29 سبتمبر/أيلول 2014، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الضربات والغارات الأمريكية التي سقطت على بلدة منبج في شمال سوريا، أخطأت؛ مما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين بالخطأ.
والأمر الذي فضح جرائم التحالف الامريكي، ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان أن العشرات من الغارات الجوية التي استهدفت محافظة إدلب، لم تستهدف أعضاء تنظيم داعش، وإنما استهدفت المدنيين بالخطأ، فقتلت 19 مدنيين آخرين، بالإضافة إلى طفل واحد.
ومايزيد الطين بلة أن القيادة المركزية للتحالف الامريكي لم تعترف بمعظم جرائمها في سوريا، حيث ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها ليس لديها أي معلومات، أو أدلة على وقوع أي إصابات بين المدنيين جراء الغارات الجوية التي شنتها من أجل استهداف مسلحي تنظيم داعش في سوريا.
كما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان في 17 أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، 2014، أن سبعة مدنيين قُتلوا بالخطأ بسبب غارة جوية أمريكية على منشأة لتوزيع الغاز شرقي دير الزور، في الوقت الذي قُتل فيه ثلاثة آخرين في الحسكة أيضًا بسبب غارات التحالف المزعوم.
وكشفت وكالة رويترز أنه في الشهور الثلاثة الأولى لغارات التحالف في مواقع مختلفة في سوريا خلال 2014، سقط حوالي 100 مدنيًا قتلى جراء الغارات. الأعداد ظلت في ارتفاع، إلى أن اعترفت أمريكا في 21 مايو (أيار) 2015، أنها ربما قتلت طفلين في تفجيرين في منطقة حارم بسوريا، بسبب غاراتها في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014.
أما في العراق الذي أنهكه إرهاب تنظيم داعش، فقد وصل عدد المدنيين المقتولين بالخطأ بسبب غارات التحالف الدولي إلى 118 مدنيًا خلال الشهور الثلاثة الأولى للتحالف في أواخر عام 2014، غير أن هناك حوالي 850 آخرين قُتلوا بالخطأ في العراق بغارات التحالف في عام 2015.
الجدير بالذكر أن أكبر عدد للمدنيين المقتولين في العراق كان منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، وذلك بعد إعطاء الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، أوامر لجنوده بإبادة أعضاء تنظيم داعش، وخاصة في ظل تصعيد الهجوم على مدينة الموصل، فمنذ فبراير (شباط) الماضي فقط، وحتى الآن، قُتل حوالي 3850 مدنيًا بالخطأ، معظمهم في الموصل.