الوقت- مع بدء الأزمة في سوريا اشتد الصراع بين السعودية وقطر حيث اراد الاثنان العمل في سوريا بعدما اعتبروا الازمة فرصة لالحاق ضربة بمحور المقاومة والممانعة في المنطقة وزيادة نفوذهما الاقليمي وقد ارادت السعودية استغلال هذه الازمة لضرب الدور القطري ايضا والذي ازداد بعد التحرك القطري في مصر ابان فترة حكم الاخوان المسلمين ما اشعر السعوديين بالخطر.
سعت قطر في فترة بدء الصحوة لاسلامية او ما سمي بالثورات العربية الى لعب دور اقليمي وهو ما كان سيضعها في المواجهة مع الدور السعودي وكانت قطر تريد ان تحل محل السعودية في الخليج الفارسي كحليف قوي للغرب ولأمريكا وقد قامت بتنسيق مواقفها مع امريكا كما انها ارادت ان يحل الاسلام الاخواني محل الاسلام السلفي السعودي وقد سعت قطر الى الإتيان بحكومات قريبة من الاخوان الى سدة الحكم في بعض الدول العربية التي شهدت اضطرابات بدلا عن انظمة قريبة من السعودية وهكذا عمدت الدوحة الى تعزيز علاقاتها مع منافسي السعودية بالمنطقة.
ومن جهتها كانت السعودية ترى بأن الصحوة الاسلامية تهددها وتهدد دورها وستغير النظام السياسي الاقليمي لغير صالح السعودية وحلفائها ولذلك سعت الرياض الى استغلال الأزمة السورية لاعادة ترسيم النظام الاقليمي وكان هذا جزءا من السياسة السعودية ضد ايران وحلفائها بالمنطقة وكان واضحا ان السعودية تريد عبر اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد ايجاد توازن بين ما يسمى بمحور الاعتدال (المحور السعودي الامريكي في المنطقة) وبين محور المقاومة والممانعة.
وفي سوريا اختلفت النظرتان القطرية والسعودية حيث ارادت قطر الاستفادة استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا وايديولوجيا من الازمة السورية لتكسب لنفسها دورا اقليميا وبما ان قطر كانت بعيدة عن الخطر الجغرافي الذي تشكله الجماعات المسلحة في سوريا فانها عمدت على غرار تركيا الى دعم الجماعات المسلحة في سوريا مثل جبهة النصرة واحرار الشام وبعض الجماعات الصغيرة بالاضافة الى تقديم دعم كبير لتنظيم داعش لكن السعودية في المقابل عمدت الى دعم جماعات مسلحة يمكن السيطرة عليها بشكل اكبر مثل جيش الاسلام او الجيش الحر ولذلك اصبحت قطر تدعم التيار الاخواني او من كان اكثر تطرفا من التيار الاخواني فيما دعمت السعودية من كان علمانيا اكثر بين صفوف المعارضة السورية ولذلك تسبب الخلاف القطري السعودي بحدوث صراعات بين الجماعات المسلحة في سوريا وهكذا دعمت قطر والسعودية من حيث لا تدريان اعدائهما في المنطقة.
وقد وصل التنافس في سوريا بين السعودية من جهة وبين قطر وتركيا من جهة أخري الى حدوث حرب اعلامية بين الجانبين ومن ثم تدخل مجلس التعاون في الخليج الفارسي وسحبت الدول الاعضاء في المجلس سفرائها من قطر ورغم ان قطر لم تعدل موقفها في سوريا لكنها في النهاية خفضت حدة التوتر مع السعودية لتبقيها على المستوى الاعلامي فقط لكن الاتراك قد واصلوا الدور الذي كانت تؤديه قطر.
ومع موت الملك السعودي عبدالله شهدت السياسات السعودية في الشرق الاوسط تغييرا جذريا حيث اقتربت الرياض من تيار الاخوان المسلمين لتستفيد من قدراتها في التنافس الاقليمي الحاصل مع ايران وحلفائها وقد اقتربت السعودية من جديد من قطر وتركيا لتستفيد من قدراتهما في ادارة الازمات الاقليمية وعلى رأسها الأزمة السورية والأزمة اليمنية وهنا يعتقد البعض ان خلافات قطر والسعودية كانت تكتيكية وغير استراتيجية.
وهنا يمكن القول ان الصحوة الاسلامية قد تسببت بحدوث تنافس سياسي بغطاء ايديولوجي بين دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي لكن يجب الانتباه ان هذا الخلاف كان ناجما عن تغيير سياسة قطر الاقليمية وان السعودية كانت في موقف رد الفعل.
واستغلت قطر ما يحدث بسبب الصحوة الاسلامية لزيادة دورها الاقليمي بعيدا عن الاطار السعودي المرسوم لها بالتنسيق مع واشنطن لكن الملك السعودي عبدالله سعى الى الحد من الدعم الذي تقدمه قطر لاخوان المسلمين كما سعى الى ابعاد الامريكيين عن دعم وصول الاخوانيين الى الحكم في المنطقة لكن يبدو ان سقوط حكومة الاخوان في مصر وموت الملك عبدالله قد غير من الاولويات السعودية الآن حيث غيرت السعودية سياستها من سياسة ردة الفعل الى سياسة الامساك بزمام المبادرة وهي تريد الآن ارغام قطر وباقي دول مجلس التعاون على الانضمام الى سياساتها وفي هذا السياق اقتربت السعودية مجددا من الاخوان لتستميل قطر الى جانبها لكن هذا الأمر قد تسبب بابتعاد الامارات عن دائرة الاهتمامات والاولويات الاقليمية السعودية وهكذا يبدو ان هناك خلافا سيتصاعد بين السعودية وقطر من جهة والامارات من جهة أخرى في القترة القادمة.