الوقت- شهدت القطيف شرق السعودية يوم الجمعة الفائت انفجاراً في مسجد الامام علي (ع) وذلك أثناء تأدية المصلين لصلاة الجمعة وأوقع الانفجار 21 شهيداً اضافة الى اكثر من مائة جريح. هذا الحدث ليس الأول من نوعه ففي العام المنصرم شهدت الدلوة الواقعة شرق السعودية انفجاراً انتحاريا تسبب باستشهاد وجرح العشرات من المواطنين. هذان الحدثان وان كانا مختلفين في التوقيت ولكنهما متحدان في المكان وهذا يطرح العديد من التساؤلات حول الوضع الأمني في المنطقة الشرقية بالسعودية.
الوضع الأمني في المنطقة الشرقية يتصف بأنه غير جيد، اذ ان وقوع انفجار العام الماضي والذي كان من المفترض أن يدفع الحكومة السعودية الى تعزيز أمنها في تلك المنطقة لمنع تكرار عمليات مشابهة ولتفادي المزيد من الضحايا والشهداء، لحقه الانفجار الثاني مؤكداً على أن الوضع الأمني شرق السعودية لم يتحسن عما كان عليه من قبل. فعلى ما يبدو أن تنظيم داعش الإرهابي الذي تبني الانفجار الأخير قد وضع قدمه في السعودية التي باتت منشغلة في عدوانها على اليمن وفي ملفات أخرى.
من الواضح أن انشغال السعودية في الملفات الخارجية أصبح كبيراً فهي تدفع أموالاً طائلة لتجهيز الجماعات المسلحة في سوريا ممن تعتبرهم "جماعات معتدلة" وكذلك تتكلف الكثير في دول اخرى كليبيا ومصر وتونس والبحرين اضافة الى التكلفة الباهظة للعدوان الذي شنته على اليمن، ولكن رغم كل هذه النفقات إلا أنها لم تنفق على الداخل لتعزيز أمنها واستقرارها اذ بقي هنالك الكثير من الثغرات الأمنية وهذا ما تسبب بدخول داعش ونفوذه اليها.
حجم تغلغل تنظيم داعش الارهابي في السعودية وان كان غير ظاهر للعلن فهو كبير، وكذلك فهو مترافق مع ضعف أجهزة الأمن والاستخبارات السعودية التي باتت عاجزة عن تأدية مهامها بالكفاءة المطلوبة والا لما تمكن داعش من تنفيذ عمليتين ارهابيتين في نفس المنطقة وفي فاصل زمني يقل عن عام. أضف الى ذلك أن نفوذ داعش الى السعودية ليس مثيراً للاستغراب بقدر تمركز هذا النفوذ في المنطقة الشرقية واستهداف الانفجارات للطائفة الشيعية فقط، وهذا ما يشير الى اهمال امني سعودي متعمد لتلك المناطق بالاضافة الى ضعف جهاز الأمن السعودي.
كما أن الاستهداف المتكرر للمنطقة الشرقية يطرح احتمالية تواطؤ أحد أفراد الأسرة الحاكمة ودعمه لهكذا عمليات في محاولة منه لتقويض الأمن والاستقرار في السعودية خدمة لمصالحه الشخصية ولضرب افراد آخرين من الأسرة الحاكمة يختلف معهم محاولاً زعزعة الثقة الشعبية بهم وإحراجهم في المحافل الدولية وخاصةً اذا كانوا يتولون مناصب رسمية كبيرة.
إن تعرض سكان المنطقة الشرقية في السعودية للعمليات الارهابية لا يمثل كل معاناتهم وآلامهم اذ أنه بعد الانفجار الارهابي الذي استهدف مسجد الامام علي (ع) تجمع المصلون في مسيرة عشوائية تخللتها هتافات لا تدين الا الارهاب ولا تندد الا بالتفجير الذي أودى بحياة إخوتهم وأبناءهم، ولكن رغم سلمية هذه الهتافات سارع الأمن السعودي الى قمع المسيرة بشدة وتفريق المصلين، اضافة الى أن السلطات السعودية قامت يوم تشييع شهداء التفجير بقطع خدمة الانترنت عن مكان التشييع.
سلوك السلطات السعودية تجاه المنطقة الشرقية اضافة الى تقصيرها أمنياً وعدم توفير الحماية للمواطنين شرق السعودية والذي يعتبر من أولى واجباتها اضافة الى التضييق عليهم، دعا الأهالي الى المطالبة بتشكيل لجان شعبية تعمل على حماية تلك المناطق وتوفير الأمن لأهلها.
هذه المعاناة التي يتعرض لها أهالي المنطقة الشرقية في السعودية والكبت الذي تمارسه السلطات السعودية عليهم اضافة الى أنهم أصبحوا هدفاً لداعش داخل الأراضي السعودية وعلى مرآى من جهازها الأمني وسلطاتها، يشير بوضوح إلي أن السلطات السعودية أصبحت تدرك جيداً أن أمنها واستقرارها بدأ يتقوض، فتغلغل تنظيم داعش الارهابي في السعودية وصل الى حد يستطيع معه تنفيذ عمليات ارهابية متكررة ضد المدنيين ودون أي رادع.