الوقت- بعد أن استراح العراق نسبيا من معركته العسكرية مع تنظيم "داعش" الإرهابي، دخل في معركة سياسية سيكون لها أثر كبير جدا في تحديد مستقبله السياسي ورسم خارطة جديدة لسياسته القادمة مع دول العالم.
وبالحديث عن المستقبل السياسي للعراق لابد من أن نتكلم عما يجري في مجلس النواب العراقي من جدال حول تفاصيل القانون الانتخابي وصيغة " سانت ليغو" الجديدة التي تثير الكثير من التساؤلات حاليا داخل العراق.
ما هي صيغة سانت ليغو
سانت ليغو طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندرية سانت ليغو، والغاية من هذه الصيغة هي توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، وتقلل من العيوب الناتجة بين عدم التماثل في الأصوات وعدد المقاعد المتحصل عليها، وهو عيب تستفيد منه الأحزاب الكبيرة على حساب الكتل الصغيرة، أما سانت ليغو المعدل فهو صورة معدلة الغرض منها توزيع المقاعد بطريقة أكثر عدالة.
تم استخدام هذه الصيغة لأول مرة في الانتخابات البرلمانية العراقية عام 2014 وتم من خلال هذه الصيغة توزيع المقاعد النيابية في العراق، وكذلك انتخابات مجالس المحافظات للدورة نفسها، وكان من نتائجها أن حصلت القوائم الصغيرة على مقاعد في البرلمان العراقي ومجالس المحافظات، وولدت الفوضى والانقسام في الكتل والائتلافات السياسية، بسبب تذبذب مواقف هذه الكتل الصغيرة، وتبدل آرائها بين ليلة وضحاها تبعا لمصالحها السياسية.
واعتمد في ذلك الوقت القاسم الانتخابي 1.6 وكان من سلبياته أنه أظهر الكثير من القوائم الانتخابية، التي لا حصر لها ولا عدد، وانتشار الدعاية الانتخابية الهائلة التي أخذت مساحتها بقدر مساحة العراق، فلاتكاد ترفع نظرك حتى ترى مئات اللافتات والصور، معروضة إمامك دون معرفة أصحابها وما هي برامجهم السياسية.
مثال توضيحي
في التطبیق العراقي لهذه الطریقة نقوم بقسمة أصوات كل قائمة على متوالیة الاعداد الفردیة فقط : "1.6، 3، 5، 7، 9، ... "، ومن ثم یتم توزیع المقاعد حسب الترتیب التنازلي لنواتج القسمة ، فالأرقام الناتجة عن عملیات القسمة هي (نواتج القسمة)، ثم یتم ترتیب تلك النواتج ترتیبا تنازلیاً، وتوزع المقاعد حسب الترتیب بدایة من أعلى رقم إلى أن ینتهي توزیع كل المقاعد.
تعديل صيغة ليغو
وبسبب السجالات والخلافات والتوترات التي سببتها الصيغة الماضية المعدلة، كان لابد من معالجة هذه الحالة بتعديل هذا القانون، فكان أن رفعت هذه النسبة في التعديل الأخير الذي صوت عليه البرلمان العراقي یوم الثلاثاء الماضي، وأصبح القاسم الانتخابي 1.9 . هذا التعديل أزعج الكثير من القوائم الصغيرة كونه قد قضى على فرصهم في الفوز، بعد أن كان الحصول عليه بيسر وسهولة، مدعين بان الأحزاب الكبيرة تحاول أن تحتكر السلطة، وضياع لأصوات الناخبين وإبعاد للكفاءات والنخب من العملية السياسية، وان هذا الأمر يشكل انحرافا في مسار العملية الديمقراطية، التي يجب أن يشارك فيها الجميع، والكثير من الأسباب التي أدرجها المعترضون الذين ربما سيحرمون من المشاركة في العملية السياسية، بعد نتائج الانتخابات القادمة .
لكن في مقابل ذلك خرجت أصوات أخرى تقول أن تواجد الكتل الكبيرة سيولد استقرارا في العملية السياسية، وعلى أساسها يستطيع الجمهور معرفة المقصر من الناجح.
في الجدول المبين في الأسفل نوضح كيف سيتم توزيع المقاعد النيابية على أساس قانون سانت ليغو الجديد 1.9.
لنفترض أن هناك عشر مقاعد في انتخابات الدوائر الانتخابية ومجموع الأراء الصحيحة 100000 صوتا، والتي سنقسمها على خمس كيانات على الشكل التالي:
الکیان |
عدد الأصوات |
القسمة على |
||||
1.9 |
3 |
5 |
7 |
9 |
||
الف |
40000 |
21052 |
13333 |
8000 |
5714 |
4444 |
ب |
26000 |
13684 |
8666 |
5200 |
3714 |
2888 |
ج |
18000 |
9473 |
6000 |
3600 |
2571 |
2000 |
د |
10000 |
5263 |
3333 |
2000 |
1428 |
1111 |
هـ |
6000 |
3157 |
2000 |
1200 |
857 |
666 |
المجموع |
100000 |
توزيع المقاعد النيابية بين القوائم على أساس عدد الأصوات
المقعد النيابي |
عدد الأصوات |
القائمة |
1 |
21052 |
الف |
2 |
13684 |
ب |
3 |
13333 |
الف |
4 |
9473 |
ج |
5 |
8666 |
ب |
6 |
8000 |
الف |
7 |
6000 |
ج |
8 |
5714 |
الف |
9 |
5263 |
د |
10 |
5200 |
ب |
توزيع المقاعد النيابية على أساس القوائم:
الكيان السياسي |
القائمة |
المقعد النيابي |
1 |
الف |
4 |
2 |
ب |
3 |
3 |
ج |
2 |
4 |
د |
1 |
5 |
هـ |
- |
أراء حول الصيغة الجديدة
وفي هذا السياق قال المهندس الزراعي حسن الخزاعي أعتقد أنها من الطرق المرضية مبينا "أنها تعطي لكل حق حقه أي أن الأصوات التي يحصل عليها المرشح عندما تكون كثيرة فحتما يعتبر من الفائزين أي أنه من المرغوبين به في المجتمع لحصوله على هذه الاصوات الكثيرة، والذي لا يحصل على أصوات فهو قليل المرغوبية بالنسبه للمجتمع".
وأكد الخزاعي على أهمية العمل بصيغة ليغو الجديدة والتي تضمن وصول أناس كفوئين إلى البرلمان قائلا "يجب الاستمرار على هذه الطريقة لأن نظام الكوتا يمكن له أن يوصل المرشحين "إلى المجلس التشريعي أو التنفيذي" الغير كفوئين وذو أصوات قليلة وغيرها من الأسباب التي تنعكس سلبا على النظم الاخرى".
أما الدكتور سعيد المرشدي فقد خالف المهندس الخزاعي بالرأي وأشار إلى "أنها طريقة ليست مثالية وفيها شيء من الاجحاف لكنها خير من الطريقة السابقة".
معتبرا أنها أعطت للمرأة أكثر من استحقاقها "الاجحاف هو فرض النساء على طريقة احتساب حصة المرأة بالربع ثم الثلث ثم تحل مكان اضعف الرجال لإكمال ربع المجلس علما ان بعضهن لم يحصلن على نسبة تصويت عالية".
من جانبه قال صلاح حسن ابراهيم نائب رئيس المركز العراقي لحرية الاعلام "أن طريقة سانت ليغو في احتساب المقاعد الانتخابية تحُسن من فرص الفوز للأحزاب الصغيرة في الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها وتؤدي الى زيادة الاحزاب الممثلة في المجلس قياسا بالطرق الاخرى".
موضحا انها تشكل صعوبة في اتخاذ القرارات "تكون السمة الابرز في هذه الطريقة هو التفاوت الكبير في قيمة المقعد، أي عدد الاصوات اللازمة للحصول على المقعد، وان وجود عدد كبير من الاحزاب، قد يؤدي إلى صعوبة اتخاذ القرارات داخل المجلس المنتخب".