الوقت- بحجة مخالفة أهالي العوامية التابعة لمحافظة القطيف خطة إعمار حي المسورة، أقدمت القوات السعودية على محاصرة البلدة، وهاجمتها مرات عديدة، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا، سعوديين وأجانب. ولم تكتف المملكة بذلك، بل اصدرت أحكاما بالإعدام والسجن لمدة تتراوح بين 3 إلى 15 عاما بحق سكان العوامية، سيهات والقطيف.
حي المسورة، حي تاريخي في بلدة العوامية السعودية يعود تاريخه لـ 400 سنة مضت. وتحت ذريعة إعادة الإعمار، أرادت السلطة هدمه وسلب أهله حقوقهم، وعملت على هدم ما يقارب 488 منزلا. فقد تقدمت الجرافات نحو الحي مستعينة بالقوى الأمنية والمدرعات، إلا أنها جوبهت من قبل الأهالي، وبحجة ضم العوامية لمسلحين معارضين، أقدمت السلطة على محاصرتها ومهاجمتها.
الهدف من الهجوم على المناطق والبلدات الشرقية والتشديد على مواطنيها هو انتقام من الأهالي على اعتراضاتهم السلمية في العام 2011. حيث كان مسقط رأس الشهيد الشيخ النمر مركزا اساسيا لتلك التحركات. ومن الواضح أن الهدف الأساسي للنظام السعودي هو القضاء على جذور تلك المعارضة والإنتقام من أهالي المنطقة، وتحويلها إلى منطقة تجارية.
وعلى الرغم من تعارض ما تقوم به السلطات السعودية من قتل وتدمير للآثار وغيرها، مع المعايير الإنسانية والدينية، لم تتحرك أي جهة من مدعي حقوق الإنسان لإيقاف ذلك، وفي هذا السياق يمكن تقسيم المواقف وتقييمها على الشكل التالي:
ردود فعل غربية محدودة
بعد انتشار أخبار الهجوم السعودي على العوامية، والذي استخدمت خلاله مدرعات كندية من صنع شركة " Terradyne Armored Vehicles"، التي كانت الحكومة الكندية السابقة قد باعتها للسعودية بمبلغ يقارب الـ 13 مليار دولار، صرح الناطق باسم الخارجية الكندية يوم السبت أن دولته قلقة جدا من هذا الموضوع، وطالب بتحقيقات عاجلة للتأكد من صحة ما نقل. وقال المتحدث باسم الشؤون الدولية للبلاد أن كندا ستقوم بالخطوات اللازمة في حال ثبت استخدام الصناعة الكندية في أعمال مخالفة لحقوق الإنسان. ويذكر أن كندا تشترط في عقودها عدم استخدام صناعاتها في أي عمل ينتهك حقوق الإنسان.
أما في بلجيكا، فقد ظهرت المعارضة على لسان بعض أعضاء البرلمان الذين رفضوا التحركات السعودية واستخدامها تجهيزات عسكرية من صناعتها. واللافت أن الموقف البلجيكي لم يأت فقط من انتهاك السعودية لحقوق الإنسان، بل بسبب الخطر الذي تشكله السعودية من خلال نشرها الفكر التكفيري.
ردود فعل خجولة من الأمم المتحدة
إكتفت الأمم المتحدة على لسان المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالمطالبة بوقف تدمير حي المسورة، وذلك عبر وسائل الإعلام فقط. مع العلم ان المطالبة التي قام بها ثلاث خبراء في مجال حقوق الإنسان في المفوضية، تحدثت عن الحقوق الثقافية والحق في السكن وموضوع الفقر، ولم تتعرض للحديث عن الجرائم السعودية بحق المواطنين.
وبالتالي نرى أن الأمم المتحدة تغض النظر عن الإجراءات التعسفية السعودية، على الرغم من مخالفتها معايير حقوق الإنسان، وبعض القوانين الدولية الأخرى، كاستعمالها الأسلحة الممنوعة كالرشاش براونينغ M2.
المنظمات غير الحكومية
لم تحرك الإعتداءات السعودية المتمادية المنظمات الغير الحكومية أيضا، وفي هذا المجال لم نشهد سوى طلب منظمة العفو الدولية إلغاء حكم الإعدام بحق 24 مواطنا من سكان العوامية، والذي لم يجد نفعا.
ورغم التعدي العلني والإنتهاك الواضح لحقوق الإنسان، لم تحرك بعض الدول ساكنا، مع العلم أن الضحايا الاجانب كانوا من بعض دول شرقي آسيا وباكستان، لكنهم تجنبوا أخذ المواقف لأسباب دبلوماسية. ففي الهجوم الذي حصل منذ خمسة أيام وعمليات القنص العشوائية قتل شخصين من دول شرقي آسيا، وفي عمليات 12 حزيران قضى 5 عمال أجانب، وبعدها قتل مواطن باكستاني، إلا أن دولهم لم تعلق على الموضوع، حتى انها لم تتابع شؤون رعاياها في المملكة.
إلى جانب هذه الدول تجب الإشارة إلى السكوت الرسمي لفرنسا والإتحاد الأوروبي، على الرغم من أن المعدات البلجيكية التي استخدمت هي من صنع شركة تابعة للشركة المولدة للمنظومة الدفاعية الفرنسية "نيكستر". واللافت أيضا هو الصمت الأمريكي والبريطاني، على الرغم من أن التسليح السعودي يأتي من هذه الدول. وحتى الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية على وجه الخصوص لم تحرك ساكنا تجاه هذه القضية.