الوقت- هناك سؤال هام يسأله جميع المهتمين بالشأن التركي هذه الايام ومن بينهم اصحاب الرساميل الأجنبية والداخلية، وهو عن طبيعة وشكل الحكم في تركيا بعد الانتخابات التشريعية ؟ فالجميع يعلم بأن ميزان القوى في تركيا تتغير وان الاستثمارات وتنفيذ الاتفاقيات والقرارات التنفيذية والاستراتيجية كلها مؤجل الى ما بعد الانتخابات التركية التي تعتبر مصيرية بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
وحسب المعطيات الموجودة يعتقد الخبراء والمتابعون للشأن التركي ان هناك 3 سيناريوهات لهذه الانتخابات والمرحلة المقبلة وهي:
السيناريو الاول
في هذا السيناريو لا يستطيع حزب الشعوب الديمقراطي حيازة اكثر من عشرة بالمئة من اصوات الناخبين وسيحصل حزب العدالة والتنمية على نسبة اعلى من 43 بالمئة من اصوات الناخبين وسيحصل على الاغلبية في البرلمان بأكثر من 330 نائبا وهكذا يصبح اردوغان متحكما بمصير البلاد ويخطو خطوة اخرى نحو العثمانية الجديدة وتنفيذ قفزات اقتصادية كبرى، وسيعمد اردوغان الى احداث تغيير بين من يتولون المناصب العليا في تركيا فيصبح "افغان اعلى" رئيسا للوزراء و"براك البايراك" مستشارا اقتصاديا لرئيس الوزراء بدلا من علي بابا جان كما سيبدل اردوغان رؤساء المؤسسات المالية والاقتصادية الهامة وسيتم تسخير الرساميل الموجودة في البنوك لصالح المستثمرين القريبين من حزب العدالة والتنمية وهكذا يتم توجيه دعوة لاصحاب الرساميل الاجنبية بأن هناك ادارة جدية ومركزية وقوية في تركيا، ومن اجل تنفيذ هذا السيناريو نرى ان اردوغان قد دخل بنفسه الى ساحة الانتخابات التشريعية بكل قوة.
السيناريو الثاني
في السيناريو الثاني يحتفظ حزب العدالة والتنمية بسلطته كما هي وتسير الاوضاع مثلما هي الان ولكن لن يبلغ اردوغان الاهداف التي كانت موجودة في السيناريو الاول، وفي هذا السيناريو الجديد يحصل حزب الشعوب الديمقراطي على اكثر من عشرة بالمئة من الاصوات وهكذا لن يحصل حزب العدالة والتنمية على الاغلبية في البرلمان لكنه سيكون لديه اكثر من 275 نائبا في البرلمان وهكذا يفشل اردوغان في تحقيق حلمه ويقل نفوذه في داخل الحكومة ويحصل نظام الاكثرية البرلمانية على اهمية اكبر وسيصبح داود اوغلو وزيرا للاقتصاد بدلا من علي بابا جان ويدخل اوغلو تغييرات بين رؤساء المؤسسات المالية للدولة وهكذا تتجه تركيا نحو اتخاذ قرارات اكثر عقلانية بعيدا عن المغامرات السياسية الخارجية.
السيناريو الثالث: الحكومة الائتلافية
في هذا السيناريو يحصل حزب الشعوب الديمقراطي على اكثر من 10 بالمئة من الاصوات ولن يستطيع حزب العدالة والتنمية على الحصول على اكثر من 43 بالمئة من الاصوات، لكن لا يمكن التكهن بمدى تراجع حزب العدالة والتنمية، فاصحاب الرساميل الداخلية والخارجية يروجون اليوم لسيناريو يتم فيه تشكيل حكومة ائتلافية بين حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية وهي حكومة يكون نفوذ اردوغان فيها ضعيفا جدا خاصة من الناحية الاقتصادية والمالية.
ويرحب اصحاب المؤسسات المالية بهذا السيناريو معتقدين بأنه سيرجع تركيا الى اوضاعها الطبيعية ويتم تلقين درس لاردوغان ويصبح قصر رئاسة الجمهورية تحت السيطرة. ويعتقد الكثير من المراقبين ان مثل هذه الادارة اليمينية ستضم ائتلافا من الجماعات التي لديها جذور في الحكومة مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري وشكلا جديدا من حزب العدالة والتنمية، ويؤمن هؤلاء المراقبون بان مثل هذه الادارة تستطيع ادارة شؤون تركيا بشكل جيد.
تلك هي السيناريوهات المحتملة للانتخابات التشريعية التركية حسب وسائل الاعلام وحسب مراكز الدراسات والابحاث، لكن اللاعبين الداخليين في تركيا ليسوا فقط هم الذين يتركون تأثيرا علي الانتخابات التركية بل ان هناك قضايا اخرى تؤثر في هذه الانتخابات مثل الاوضاع في سوريا وظهور حالة تنافس جديدة بين تركيا وجيرانها وكذلك التنافس بين روسيا والغرب في البلقان وخاصة في اوكرانيا ووجود التحالف العربي ضد ايران واحتمال انضمام تركيا الى هذا التحالف او عدم انضمامها والاوضاع في العراق والقضية النووية الايرانية وتداعياتها على المنطقة وقضايا اقليمية ودولية اخرى.