الوقت- بعد الاعلان من قبل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الاسبوع الفائت، ان مؤتمر"ممثلي القوى السياسية للمناطق الغربية" سينعقد في منتصف شهر تموز ببغداد وبرعاية حكومية حتى توالت البيانات والتصريحات من قبل الحشد الشعبي وقياداته بانتقاد المؤتمر والنوع الذي سيحضره من امثال (طارق الهاشمي ورافع العيساوي وخميس الخنجر .... الخ).
وهدد الحشد الشعبي في اول بيان له انه سيعمد الى اعتقال المطلوبين قضائيا من المؤتمرين وكذلك اللذين لهم مواقف سيئة من الدولة والحشد ومن معارك التحرير ضد الارهاب وكذلك الذين عليهم ملفات فساد وغيرها، وأكد البيان ان الحشد سوف يقوم بهذا الاجراء فيما اذا تماهلت الحكومة عن ذلك، وانه جزء من المنظومة الامنية ويحق له الاعتقال للحفاظ على الامن واستقرار البلد.
واذا كان البيان لم يوضح الجهة التي اطلقته الّا انّ امين عام عصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي قد وضع النقاط على الحروف في خطبة عيد الفطر حيث حدد النوع الذي يمكن له المشاركة في العملية السياسية الجارية في البلاد، فقال (ان من وقف وقاتل معنا من المكون السني هم حلفاؤنا وأنفسنا وهم من يستحقون ان يكونوا حلفاء للمكون الحاكم في العراق.) فالشيخ يرى ان من هم احق بالمشاركة بالعملية السياسية حلفاؤنا وانفسنا و من وقف وقاتل معنا فهؤلاء من قادة الحشد كانوا واكبوا معارك التحرير وهم في مقدمة القوات وادرى باسماء وعناوين الشخصيات (السنية) التي ارتدت البدلة الخاكي وقاتلت الارهاب وتعرضت هي و اسرها واقاربها الى الخطر والارهاب حتى اللحظة وهؤلاء لم يغادروا العراق بل عاشوا تفاصيله وهمومه. وفي هذا المجال اضاف: يجب ألّا يكون دعم الشخصيات المعارضة السنية على حساب الشخصيات السنية التي في الداخل ولم تتآمر ولم ترتبط بالخارج.
أي ان الشيخ لم يتهم جميع اللذين يعيشون في الخارج على انهم موضع التهمة ولكن فقط اراد ان يميزمن هم في الداخل على من هم في الخارج في الدعم وحددهم ايضا (لم تتامر ولم ترتبط بالخارج ).
وبعد ان انتهى الشيخ الخزعلي من تحديد النوع الذي يحق له المشاركة في العملية السياسية من اهل السنة من المؤتمرين هدد الجهة التي تحاول ان ترعى الشخصيات الممنوعة الدخول والمطلوبة للعدالة والسلبية في تحركاتها والمتامرة على البلد فقال "لا يمكن لأي جهة اللعب بأمن العراق من جديد." وشدد على ان الحشد الشعبي هو من سيكون الحارس للمشروع السياسي لما بذل من تضحيات جسام "لا يمكن التخوف من المؤامرات مادام الحشد الشعبي موجودا ".
بعد خطبة الشيخ الخزعلي، جاء تصريح رئيس كتلة بدر النيابية محمد ناجي الذي اكد: "إن الحكومة لن تسمح مطلقا بمشاركة مطلوبين للقضاء بتهم الإرهاب بمؤتمر المعارضة السنية في بغداد بذريعة عفا الله عم ما سلف والمصالحة الوطنية." وفي حال تماهلها عن واجبها سيكون لنا موقف اخر امام جمهورنا اما اهم ملاحظات النائب محمد ناجي عن المؤتمرين فهي عقد المؤتمرات باموال خارجية واملاءات خارجية.
الحكومة حتى لحظة كتابة هذا المقال لم ترد على احد ولم تؤكد فيما سترعى المؤتمر كما صّرح الدكتور سليم الجبوري أو ستقوم بمهمة اعتقال الشخصيات المطلوبة للقضاء كما أكد النائب محمد ناجي او على الاقل تصدر بيانا تؤكد فيه ان بغداد ترحب باي مؤتمر يقام على ارضها شرط ان لاتحضره جهات مطلوبة للقضاء؟
وفقا لذلك نحن امام جملة من المعطيات:
1ـ ان الشعب العراقي بات يبحث عن التغيير وانه مقتنع ان الشخصيات السياسية المتصدية للعملية السياسية، ماعادت تصلح لادارة البلد وقد يئس من أي مستقبل له معها، فهل سيوافق ان يكون (التغيير)على يد الحشد الشعبي ؟
2ـ هل ستأخذ الحكومة العراقية تحذيرات قيادات الحشد الشعبي موضع الجدية ؟
3ـ ماذا لو انعقد المؤتمر وتراخت الحكومة عن القيام بواجباتها في القبض على المطلوبين وعمد الحشد الى أخذ دورها، هل سيتحول الموقف الى مشكلة ثم الى صدام ومن هو صمام الامان في ذلك ؟
4ـ أليس من حق الحشد الشعبي الذي لولاه لضاعت بغداد وضاعت معها التجربة السياسية والحكومة ومؤسسات الدولة واصبح اهلها سبايا بيد الارهاب اسوة بالمحافظات التي سقطت بيد الارهاب. ان يتولى هو عملية التغيير في البلاد التي ضربها الفساد الاداري والمالي وشاع بها الارهاب والتفجيرات وتعطلت بها التنمية ؟
5ـ هل هيّء الحشد نفسه الى مثل هذه المهام، ان يكون رقما فاعلا في العملية السياسية وان يضع امامه كل الاحتمالات؟
6ـ هل ستوافق جميع فصائل الحشد على هذه المهمة ؟ فبعض قادتها ـحسب علمناـ من الداعين والمشجعين لانعقاد هذا المؤتمر معتبرينه ضمن مشروع (التسوية الوطنية ) وماذا ستكون ردود فعلهم ؟
7ـ هل سينقسم الشارع العراقي وفقا لموقف القادة السياسيين ؟
8ـ ماذا سيكون دور المقاتلين من ابناء الحشد وهم يرون صحة اقوال قادتهم وهم يمنعون انعقاد مثل هذه المؤتمرات في بغداد ويعتبرونها تجاوزا على تضحياتهم والتفافا على اراداتهم ؟
9ـ ماذا سيكون دور ابناء المناطق الغربية الذين عاشوا المرارة من الارهاب ويرون في المؤتمر اعادة تدوير لشخصيات كانت سببا في مأساتهم، هل سيوافقون اراء الحشد في مهمتهم ام انهم سيعتبرون ذلك تضييقا لحرية الراي وتهميشا لهم؟
10ـ ماهي ردود فعل الجهات الاقليمية الراعية لهذا المؤتمر وكيف ستتعامل مع هذا الموقف، خاصة ان اغلبها من الناقمين على مشروع الحشد منذ تأسيسه وان التسريبات الاعلامية تقول ان السعودية وقطر هي الراعية لها؟
11ـ ماموقف امريكا من ذلك وبين يدينا كل الملاحظات عنها بهذا الشأن؟
12ـ هل سنشهد حملة اعلامية مضادة لايقوى اعلامنا المحلي للوقوف بوجهها لانقسامه ولبساطة مهنيته؟
13ـ ما ردود افعال مجلس النواب العراقي على هذا الموقف؟
14ـ ماهو موقف الجمهورية الاسلامية من ذلك وهل سترى فيه تغييرا ضروريا في العراق الذي يعاني من عملية سياسية متلكئة ام ستعتقد انه مشكلة لاتعرف نهاياتها في بلد لها معه حدود تبلغ 1450كم وتربطها معه علاقة متميزة ؟
15ـ هناك حديث عن مشروع سياسي مدني للحشد الشعبي له مسميات منها "المقاوم المدني" و"الحشد المدني" واسماء اخرى جميعا تؤكد ان نهاية الحرب ضد الارهاب على الابواب وبعد البندقية لابد من الذهاب الى البناء والاعمار، فهل سيكون ذلك بداية مشروع للحشد يمنحهم فرصة للدخول الى الانتخابات المقبلة بكل قوة ؟
16ـ ماهو موقف "الحشد العشائري" من موقف الفصائل التي اعطت وجهة نظرها في مؤتمر اسموه "ممثلي اهل السنة" وهي التي طالما انتقدت اولئك السياسيين المرابطين في الفنادق وليس في ساحة القتال؟
17ـ هل سيكتفي قادة الحشد بالموقف الامني من المؤتمر وتداعياته ام هيّؤوا جماهيرهم واتصلوا بكل فئات الشعب من مثقفين واعلاميين واكاديميين ووجهاء وبأهالي المناطق المحررة والحشد العشائري لمواجهة كل التحديات والاتجاه نحو بناء الدولة المدنية والاستفادة حتى من الطاقات المغتربة من جميع الطوائف لانجاح المشروع ؟
18ـ من حقنا ان نسأل عن دور المرجعية في ذلك، وهي التي طالما حلمت بالتغيير وبح صوتها من المطالبة؟
19ـ ما ذا لو استشعرت الحكومة بخطر التهديد وقامت بنقل مكان المؤتمر الى اربيل ؟ اما يعد هذا نصرا للحشد وبداية لعملية التغيير فيما هو سعادة لبارزاني بانه حاضنة "للسنة المهمشين" الذين طردتهم بغداد فلاذوا بالاكراد؟
20ـ هل يمكن استخدام حيلة من قبلهم واعتماد اليه كأن تبقي العناصر المطلوبة خارج العراق ليشاركوا عبر (الدائرة التلفزيونية )؟
تقديري الخاص الى كل المحاولات التي من شأنها ان تقود التغيير ليس مجرد شعارات وتصريحات، انما الاستفادة من جميع الظروف التي مرت بالبلد وتجارب الشعوب التي سبقتنا في ذلك وان العراق لايتحمل التجريب فقد ذاق من المرارة الكثير وثقل حمله ومن يفكر ان يقف معه، ان يقدر حجم المهمة وشرف النهوض بها وان يدرك ان البلد يحتاج الى كل الطاقات دون استثناء وانه بلد المكونات وان في التشاور منجاة من الخطأ.
الكاتب والمحلل السياسي محمود الهاشمي