الوقت- تستخدم وسائل الاعلام الافغانية في هذه الايام مصطلحا جديدا لم يكن يستخدم خلال العقد الماضي وهو مصطلح "تغيير جغرافيا الحرب" لأن هناك الكثير من الجهات التي تعتقد ان الحرب قد انتقلت من جنوب وشرق افغانستان الى شمال هذا البلد، ونظرا الى هذه الحقيقة فهناك تساؤلات عديدة تطرح حول كيفية حصول تغيير جغرافيا الحرب وهل ان هذا التغيير هو ناتج عن تغيير جماعة طالبان لنمط عملها أو ان هناك ظهوراً لجماعات جديدة ؟ كما ان هناك علامة استفهام حول مسؤولية الحكومة الافغانية وعدم قيامها بما يجب لتوسيع دائرة الحرب.
وتفيد التقارير الواردة عن افغانستان ان هناك 5 ولايات في شمالي افغانستان تشهد قتالا ضروسا مع المسلحين وهي ولايات سربل وقندوز وجوزجان وسمنكان بالاضافة الى غور.
ويعتقد المراقبون للشأن الافغاني ان هذا التغيير في جغرافيا الحرب بدأ منذ فترة طويلة وقد ذكر نواب بالبرلمان الافغاني مؤخرا بأن الرئيس الافغاني حامد كرزاي كان قد اعلن قبل 5 سنوات بأن المروحيات الغربية تقوم بنقل المسلحين الى الولايات الشمالية لكن الخبراء لم يركزوا على تصريحات كرزاي في حينها.
ويعتقد النواب الافغان ان من الضروري جلب حامد كرزاي الى البرلمان لكي يشرح تفاصيل هذه القضية لأن مشروع تغيير جغرافيا الحرب قد بدأ ابان فترة حكمه ويتوجب على كرزاي ان يفشي بالحقائق لكي يعلم الشعب الافغاني سبب نقل الحرب الى المناطق الشمالية، كما ابلغ هؤلاء النواب الافغان مستشار الامن القومي الافغاني حنيف اتمر بضرورة ان يضع المعلومات التي يمتلكها حول هذا الموضوع بتصرف النواب الافغان والشعب الافغاني لأنه كان يعلم بهذا الامر.
وهناك موضوع آخر يجب الوقوف عنده وهو هوية الجماعات المسلحة التي تقاتل في شمال افغانستان فقد اعلن الرئيس الافغاني اشرف غني من مدينة جلال آباد مركز ولاية ننغرهار في شرق افغانستان ان الهجوم الكبير الاخير الذي وقع في جلال آباد هو من تنفيذ تنظيم داعش الارهابي كما قال حنيف اتمر في جلسة للبرلمان الافغاني ان تنظيم داعش يتجمع في شمال افغانستان لكي ينطلق منه نحو دول آسيا الوسطى.
وتأتي هذه الادعاءات في وقت يعتقد فيه اكثرية الشعب الافغاني والخبراء وبعض القادة العسكريين انه لا مكان لداعش في افغانستان وان ما يجري في الشمال هو من فعل جماعة طالبان.
واثر هذه التطورات اعلن والي ولاية بلخ في شمال افغانستان "عطا محمد نور" بعد الهجوم الانتحاري الذي وقع في مبنى النيابة العامة في بلخ ان المهاجمين ينتمون الى حكومة الوحدة الوطنية، وكان نور يعني بذلك ان المهاجمين ينتمون الى الحزب الاسلامي الذي يتزعمه قلب الدين حكمتيار والذي ينتمي بعض اعضائه الى الحكومة الافغانية وقد اعلن عطا محمد نور ان عدم اكتراث الحكومة الافغانية ازاء ما يحصل في الشمال سيدفعه نحو اعلان التعبئة العامة للدفاع عن شمال افغانستان.
وانتقد عطا محمد نور الذي يعتبر من مناصري الرئيس التنفيذي للحكومة الافغانية عبدالله عبدالله ما اسماه حرب السلطة في داخل الحكومة وقال انه مضطر للدفاع عن الشعب كما انتقد عطا محمد نور المعاهدة الامنية الموقعة بين كابول وواشنطن قائلا ان المعاهدة لم تنفع الشعب الافغاني وان الغربيين لم ينفذوا التزاماتهم كما لم يزودوا القوات الافغانية بالاسلحة والعتاد اللازم.
وتأتي هذه الانتقادات في وقت اعلن فيه بعض اعضاء مجلس الشيوخ الافغاني ان امريكا تطعن افغانستان في الظهر ويقول هؤلاء ان تزويد باكستان التي تعتبر عدوة لافغانستان بالسلاح من قبل امريكا تدل على نية واشنطن لزعزعة الامن في افغانستان.
وتدل هذه التصريحات على تفاقم الاوضاع في شمال افغانستان وعدم الثقة بحكومة الوحدة الوطنية التي لم تقم بما يجب ازاء ما يحصل في شمال افغانستان حيث ادى هذا التقاعس الى تهجير 600 الف من اهالي ولاية قندوز الى مناطق اخرى.
وفيما يعتقد الخبراء ان الحكومة الافغانية لم تقم بواجباتها ازاء المناطق الشمالية يؤكد هؤلاء ان انعدام الامن في هذه المناطق سيؤدي الى انتفاضة شعبية كما حصل في ولايتي سربل وجوزجان وستكون الحكومة الافغانية امام انتفاضة يصعب السيطرة عليها اكثر من السيطرة على طالبان.