الوقت- يُعتبر هجوم إيران على مجمع "غاف يام" التكنولوجي، ذو الأهمية الخاصة للصهاينة نظرًا لحساسيته العالية، ضررًا بالغًا بأمن الكيان الصهيوني، وتتجاوز أبعاده ما يُقال.
خلال الحرب المفروضة على إيران والكيان الصهيوني، والتي استمرت 12 يومًا، والتي بدأت في الـ 23 من يونيو/حزيران 1404، شنّت إيران هجمات صاروخية واسعة النطاق على مواقع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، بدأت هذه الحرب، التي تُعدّ أشدّ مواجهة مباشرة بين إيران والكيان الصهيوني، وأصعب معركة خاضها الكيان الصهيوني في تاريخه الممتدّ لسبعة وسبعين عامًا، بهجمات إسرائيلية عدوانية على إيران.
بعد أن شنّ الكيان الإسرائيلي هجماته، ردّت إيران على العدوان الإسرائيلي بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على أهداف في الأراضي المحتلة، بما في ذلك تل أبيب وحيفا، ومناطق استراتيجية مثل مرتفعات الجولان، وقواعد عسكرية وأمنية، ومراكز اقتصادية، ومراكز تكنولوجية.
ورغم جهود أنظمة الدفاع التابعة للكيان، مثل القبة الحديدية و"بايكان"، لاعتراض هذه الهجمات، إلا أن حجم ودقة الصواريخ الإيرانية أعاقا فعالية هذه الأنظمة، وخلال هذه الهجمات، لحقت أضرار جسيمة بمراكز استراتيجية، ما وجّه ضربة قاضية للكيان، ودُمّرت قواعد عسكرية رئيسية، بما في ذلك قاعدة نوفاتيم الجوية ومنشأة الرادار في جيلسوز، وأُضرمت النيران في البنية التحتية العلمية مثل معهد وايزمان ومراكز التكنولوجيا في رخفوت.
ولم تسلم مراكز القيادة في تل أبيب من الهجمات، حيث تكبّد الكيان خسائر بشرية ومادية فادحة، وقدّرت مصادر مستقلة الخسائر الاقتصادية للكيان بعشرات المليارات من الدولارات، وكشفت عن ضعف دفاعاته في مواجهة القوة الصاروخية الإيرانية.
هذا الاستعراض للقوة الإيرانية، الذي نُفذ بتنسيق وقيادة متقنة للقوات المسلحة، لم يُسقط الكيان الصهيوني فحسب، بل حطم هيمنته العسكرية أمام العالم، انتهت الحرب في بوقف إطلاق نار توسطت فيه الولايات المتحدة، لكن عواقب هذه الهزيمة على الكيان والتفوق الاستراتيجي لإيران لا تزال تتردد أصداؤها في المنطقة والعالم.
قال جون ميرشايمر، الباحث البارز في العلاقات الدولية في العالم، ومنظر الواقعية العدوانية، والمحلل الأمريكي، ردًا على حرب الـ 12 يومًا بين إيران والكيان الصهيوني: "في حرب الـ 12 يومًا، أظهرت إيران نموذجًا للقوة الصلبة المحلية التي لم تكتفِ بسحق إسرائيل، بل أضعفت أيضًا الردع الأمريكي في المنطقة، كان تدمير البنية التحتية الاستراتيجية لإسرائيل، مثل معهد وايزمان ومصانع إنتل، ضربة غير مسبوقة لاقتصاد إسرائيل وسمعتها".
كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضًا عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية: "تعرضت إسرائيل لضربة موجعة، وخاصةً في الأيام القليلة الماضية، تضررت بشدة، يا إلهي، لقد دمرت تلك الصواريخ الباليستية الكثير من المباني".
سعت هذه السلسلة من التقارير إلى عرض النطاق الكامل للأهداف التي تضررت خلال هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية وأهميتها من خلال جمع الوثائق والتقارير المنشورة.
تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه، وكما أقرت وسائل الإعلام الدولية وكذلك الخبراء والمستخدمون الناطقون بالعبرية، تواصل هيئة الرقابة العسكرية الإسرائيلية فرض رقابة مشددة على تفاصيل ومدى الأضرار التي لحقت بالكيان جراء الهجمات الإيرانية، وذلك حتى لا يتم الكشف عن النطاق الكامل للأضرار الناجمة عن الهجمات الإيرانية.
مركز غاف يام التكنولوجي
يُعد مركز غاف يام التكنولوجي في بئر السبع، "إسرائيل"، أحد المراكز الرئيسية للبحث والتطوير التكنولوجي في الكيان الصهيوني، وتكتسب أهمية خاصة نظرًا لدورها الاستراتيجي وعلاقتها الوثيقة بالجيش الإسرائيلي، فيما يلي وصف تفصيلي لموقع المركز وأهميته بناءً على المعلومات المتاحة
موقع مركز غاف-يام التكنولوجي
الموقع الجغرافي والهيكل: يقع مركز غاف-يام التكنولوجي في منطقة النقب، بالقرب من جامعة بن غوريون ومستشفى سوروكا في بئر السبع، يتيح هذا الموقع الاستراتيجي تعاونًا وثيقًا بين المراكز الأكاديمية والصناعية والعسكرية.
تبلغ مساحة المركز حوالي 50,000 متر مربع، وتضم ثلاثة مبانٍ رئيسية، يعمل فيها أكثر من 2,500 شخص؛ ويجري العمل على خطة توسعة لتشمل 200,000 متر مربع، بسعة استيعابية تزيد على 10,000 شخص.
يُعرف المركز بأنه واحد من أكثر مراكز البحث والتطوير تقدمًا في إسرائيل، ويلعب دورًا محوريًا في التكنولوجيا العسكرية نظرًا لقربها من مجمع القيادة والتحكم والاتصالات والاستخبارات (C4I) التابع لجيش الدفاع الإسرائيلي.
الارتباط بالجيش الإسرائيلي: يُعد مركز غاف يام مقرًا لوحدة القيادة والتحكم والاستخبارات (C4I) التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، وهي إحدى وحدات النخبة المعتمدة على التكنولوجيا، تعمل الوحدة في مجال الاتصالات والعمليات السيبرانية وأنظمة القيادة والتحكم الرقمية (C4ISR)، وتُعرف باسم "العقل الرقمي" لجيش الدفاع الإسرائيلي. يُعد المركز هدفًا استراتيجيًا للهجمات العسكرية لاحتوائه على آلاف العسكريين وأنظمة متطورة.
الأنشطة التجارية والتكنولوجية: بصفتها مركزًا تكنولوجيًا، يستضيف مركز غاف يام مكاتب شركات تكنولوجية كبرى، مثل مايكروسوفت، التي تُجري مشاريع بحث وتطوير هناك، يُسهّل المراكز التواصل بين قدامى وحدات التكنولوجيا النخبوية في الجيش، وخريجي جامعة بن غوريون، والمستثمرين، ويُساعد في تطوير تقنيات متقدمة وابتكارات تجارية.
أهمية مركز غاف-يام التكنولوجي
دوره في البنية التحتية العسكرية والسيبرانية: يلعب مركز غاف-يام يام دورًا حيويًا في الحفاظ على الأمن السيبراني وإدارة البنية التحتية العسكرية، مثل نظام القبة الحديدية، حيث يستضيف مراكز القيادة والاستخبارات التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، وباعتباره جزءًا من منظومة التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، يُشارك المركز في تطوير تقنيات دفاعية وسيبرانية متقدمة.
هدف استراتيجي في الهجمات الإيرانية: استُهدف مجمع غاف يام التكنولوجي بهجمات صاروخية إيرانية في عام 2025، وكان الهدف الرئيسي لهذه الهجمات هو مقر القيادة والاستخبارات (C4I) التابع للجيش الإسرائيلي والبنية التحتية المعلوماتية الموجودة فيه، ما أدى إلى تضرر مستشفى سوروكا، الواقع بالقرب منه، بشكل بالغ جراء موجة الهجمات الصاروخية الإيرانية، في الواقع، يُعد مجمع غاف يام التكنولوجي أحد المشاريع الإسرائيلية المتقدمة والرئيسية في مجالات التقنيات الجديدة والسيبرانية والذكاء الاصطناعي.
من بين الأهداف الرئيسية لهذا المركز إنشاء منظومة تكنولوجية قوية في مجال الأمن السيبراني والتقنيات المتقدمة، بالتعاون الوثيق مع الجيش الإسرائيلي والجامعات والشركات الخاصة، ولذلك يُعرف هذا المركز، إلى جانب "سايبر سبارك"، بأنه أكبر تجمع للأمن السيبراني في العالم.
تسببت هذه الهجمات في أضرار جسيمة للبنية التحتية التكنولوجية للمجمع نظرًا للأهمية الاستراتيجية للمركز ودوره في العمليات العسكرية والسيبرانية الإسرائيلية.
التأثير الاقتصادي والتكنولوجي: بصفته مركزًا للابتكار، يُعد مركز غاف يام مهماً ليس فقط في القطاع العسكري، ولكن أيضًا في القطاعين التجاري والاقتصادي، وقد جعل وجود شركات التكنولوجيا العالمية وارتباطها بجامعة بن غوريون المركز واحد من مراكز الابتكار في المنطقة، وكان للهجوم على المركز تأثير واسع النطاق على النظام البيئي التكنولوجي الإسرائيلي والمشاريع الدولية ذات الصلة.
تنشط في مجمع غاف يام أكثر من 70 شركة تقنية، منها:
باي بال، ديل إي إم سي، آي بي إم، أوراكل، ويكس، ميلانوكس، مايكروسوفت، إنكوبيت، أول سكريبت، أوديو كودز، دويتشه تيليكوم
كتب المحلل السياسي مايك ويتني، المقيم في واشنطن، في هذا الصدد: في الهجمات الصاروخية الإيرانية على جنوب إسرائيل (فلسطين المحتلة)، استُهدف مجمع غاف يام التكنولوجي في النقب بالقرب من بئر السبع، والذي يضم شركات تعمل في مجال الحرب السيبرانية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العسكرية، تعمل هذه الشركات بشكل وثيق مع الجيش والموساد.
لماذا استهدفت إيران مجمع غاف يام؟
يُعتبر مجمع غاف يام التكنولوجي أحد الأهداف الاستراتيجية في الصراعات الإقليمية نظرًا لدوره المزدوج في تطوير التقنيات العسكرية والتجارية، إن الروابط الوثيقة التي تربط المركز بالجيش الإسرائيلي، وخاصةً وحدة C4I، جعلتها هدفًا عسكريًا قيّمًا.
من ناحية أخرى، يُبرز وجود شركات تكنولوجية كبرى ودورها في الابتكار المدني الأهمية الاقتصادية والعلمية للمجمع، تشير التقارير عن هجمات إيرانية على المركز عام 2025 إلى محاولة لتقويض البنية التحتية التكنولوجية والعسكرية لـ"إسرائيل"، على الرغم من أن هذه الهجمات أثارت جدلًا حول العواقب المدنية نظرًا لقربها من مستشفى سوروكا.
ووفقًا لوسائل الإعلام الدولية، يُعرف المركز بأنه موقع عمليات مشترك بين وحدات الاستخبارات الإسرائيلية والمتعاقدين العسكريين وشركات التكنولوجيا الخاصة.
كما كتب خبير عسكري ناطق باللغة الإنجليزية على صفحته على تويتر بشأن الهجوم الإيراني على المركز: "يُعد مركز غاف يام التكنولوجية في مدينة بئر السبع أحد المراكز الرئيسية في المنظومة العسكرية الإسرائيلية، ولم يقتصر هجوم إيران عليها على إتلاف حفنة من الزجاج والخرسانة فحسب، بل إنه المكان الذي تُطوّر فيه تقنيات متقدمة مثل الطائرات دون طيار، والذكاء الاصطناعي للاستهداف، وأنظمة الاعتراض الكهرومغناطيسي، وتخطيط العمليات متعددة الأطراف".
في هذه المباني، تتعاون شركات الدفاع والأمن السيبراني مع مختبرات الجامعات، وترسل إنجازاتها مباشرةً إلى شركات عسكرية كبرى مثل رافائيل، وصناعات الفضاء الإسرائيلية، والوحدة 8200.
في هذا المركز، تُصمَّم وتُختَبَر أنظمة الاستطلاع الجوي، وخوارزميات الاستهداف الذكية، والطائرات دون طيار ذاتية القيادة، والذخائر المتسكعة، وتقنيات الاستشعار.
سيؤدي الهجوم على ماشية يام إلى تعطيل القدرة على معالجة المعلومات المهمة، وإحداث تأخيرات كبيرة في معالجة البيانات، وتعطيل دقة التوقيت للتنبؤ والوقاية.