الوقت- كتب موقع كاونتر باونش الأمريكي في مقال للكاتب "باتريك كوكبورن": إن مجزرة مانشستر التي ضربت بريطانيا كانت بمثابة حدث مروع وإشارة إلى أن العنف المشتعل في منطقة واسعة تمتد من باكستان إلى نيجيريا وسوريا إلى جنوب السودان، سوف يمتد إلى بريطانيا.
حيث قال الكاتب في مقاله: إنه من المستغرب إذا وصلت شرارة الإرهاب المنبعثة جراء هذه الصراعات الوحشية، إلى بلدان أوروبية، حيث يتصرف بقية العالم كما لو كانت الحرب هي حالة طبيعية في ليبيا والصومال وسوريا والعراق واليمن وجنوب السودان وشمال شرق نيجيريا وأفغانستان، ولكن اليوم وفي أعقاب مذبحة مانشستر، يجب أن نلفت الانتباه الشعبي في بريطانيا حول ظروف القتل الجماعي وما يمكن القيام به لوقف ذلك قبل أن يحدث مرة أخرى، ولكي نقوم بتفسير ما حدث، يجب كشف وتحييد عدد من المتعصبين السلفيين الجهاديين الذين باتوا اليوم ينتشرون بكثرة في بريطانيا.
واستطرد الكاتب الأمريكي الشهير بالقول: إنه من الضروري في هذه المرحلة الإقرار بعدم فائدة المعارك التي تخوضها بريطانيا بحجة هزيمة تنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش" دون معرفة المكونات السياسية والدينية والعسكرية التي تأتي من انتشار هؤلاء السلفيين والوهابيين في المنطقة، فالتقارير تشير إلى أن العنف الفوضوي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم يتم ذكره على الإطلاق في وسائل الإعلام الغربية، حيث تم التعاطي مع مجزرة المدنيين في بغداد ومقديشو بشكل طبيعي وحتمي كما لو أن الأعاصير في منطقة البحر الكاريبي أو الانهيارات الجليدية في جبال الهيمالايا هي التي قتلتهم، وخلال الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، فإن أمراء الحرب الليبية، الذين يدفعون الأموال لمقاتليهم من عائدات النفط يشاركون وبكثافة في إرسال المهاجرين جنوب الصحراء إلى البحر في قوارب الغرق، حيث يتم التغاضي عن هذه الأنشطة وعادة يتم تجاهلها، كما لو أنها كانت تجري في كوكب منفصل.
وحول الدور البريطاني في هذا المجال قال الكاتب: لعبت بريطانيا دوراً محورياً في إسقاط معمر القذافي عام 2011 دون النظر إلى أمراء الحرب المتبقيين الذين حلوا محل نظامه، فلقد كنت في بنغازي وطرابلس في ذلك الوقت، ورأيت بعيني العصابات المتمردة، التي تمولها دول الخليجیة النفطية حيث كان من الواضح أيضاً في مرحلة مبكرة أن هؤلاء سيستفيدون من هذا الفراغ بتكوين تنظيم القاعدة ومستنسخاته السلفلية الإرهابية، لكن ومنذ يوم الاثنين الماضي أصبحت بريطانيا مجبورة بأن تدرك أن ما حدث في ليبيا في عام 2011 يؤثر بشكل كبير على الحياة في بريطانيا اليوم التي باتت من الممكن أن تصبح معقل تنظيم "داعش" الإرهابي.
وقال الكاتب في مقاله: إنه يوجد هناك ارتباط لا يمكن إنكاره بين منفذي هجمات 11سبتمبر الدامية في أمريكا والدعم السعودي للجهاديين، فكذلك هي أيضاً العلاقة بين أحداث مانشستر واستخدام الحكومة البريطانية للجهاديين السلفيين في ليبيا، فهناك صلة واضحة بين السياسة الخارجية البريطانية التي سعت لتغيير النظام في العراق وسوريا وليبيا وتمكين تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" الإرهابي في هذه الأماكن، فالسم والهستيريا انتشر في المجتمع البريطاني مع تفجيرات مانشستر وهو جزء من تراث التدخلات العسكرية البريطانية التي فشلت في الخارج، ولكن هذا التاريخ يمكن أن يكون مفيداً في منع كوارث مثل مانشستر من أن تحدث مرة أخرى.
واختتم الموقع: إن القضاء على الملاذات الآمنة للإرهاب أو الإجراءات الأمنية داخل بريطانيا لن تكون كافية لأن أهداف تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" الإرهابي هي الشعب البريطاني بأسره، أي إن المهاجم عندما يريد أن ينفذ فعلته يمكنه وبسهولة الحصول على سيارة أو سكين مطبخ، وبهذا المعنى، فإن المهاجم يحصل دائماً على الأدوات للقيام بفعلته، لكن لماذا اعتنق هذا المهاجم هذا الفكر الإرهابي؟ ولماذا لا يتم التعاطي مع هذا الملف في بريطانيا التي باتت مهددة بانتشار هذا الفكر فيها؟