الوقت- في تأكيد جديد على عمق الخلافات الأمريكية التركية حول الأزمة السورية ولا سيما قضية ملف الأكراد وتسليحهم، تواصل واشنطن تقديم المساعدات العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي لتنقل من مرحلة الأسلحة الخفيفة الى مرحلة تقديم الاسلحة الثقيلة، مما يثير حفيظة تركيا ويعمق الشرخ بين البلدين الذي لم يفلح الرئيس التركي رجب طيب أرودغان في ردمه.
حيث كشفت وكالة الاناضول التركية الرسمية للأنباء، أن واشنطن ارسلت خلال شهر ايار الجاري 100 شاحنة محملة بأسلحة ثقيلة الى وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا وذلك بعد موافقة الرئيس الامريكي دونالد ترامب على تزويد الأكراد بالأسلحة.
وتضم القافلتين أسلحة ثقيلة ودبابات ومدرعات وصواريخ موجهة، باتت بيد وحدات حماية الشعب المنضوية ضمن قوات سوريا الديمقراطية التي تتقدم نحو الرقة بالتنسيق مع واشنطن.
وكان البيت الابيض أكد في وقت سابق أن دونالد ترامب وافق على تسليح "المقاتلين الأكراد" في سوريا (وحدات حماية الشعب) بذريعة محاربة تنظيم "داعش" وأشارالى ان تمويل وتوفير الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية تم اقراره"، وأضافت ان هذه الموافقة "سارية فورا، لكن تحديد جدول زمني لتسليم الاسلحة ما زال يتطلب وضع اللمسات الاخيرة".
تسليح الاكراد بأسلحة مخصصة لجيوش
وبعد قرار ترامب الأخير، كشفت وسائل اعلام أمريكية أن واشنطن قامت بتزويد الوحدات الكردية في سوريا بأسلحة نوعية جديدة، لا تمتلكها سوى بعض الجيوش، مشيرة الى أن البنتاغون سلم الأكراد شحنة من المعدات الفردية النوعية متضمنة خوذ للعمليات القوات الخاصة ثمنها الواحدة 942 دولاراً، ومناظير الرؤية الليلية بقيمة 3400 دولار للقطعة، بالاضافة مصابيح إنارة لتوجيه النار Surefire Flashlight ومصابيح الإنارة بالأشعة تحت الحمراء AN/PEQ-2 ثمن القطعة 1100 دولار، ومناظير هوليغرافي مع مكبر EOTECH ثمن الواحد 1079 دولاراً.
وبالاضافة الى الأسلحة السابقة التي تم تزويد الاكراد بها، تؤكد تركيا أن الأكراد في سوريا حصلوا من واشنطن على أسلحة أمريكية نوعية أبرزها صواريخ مضادة للدبابات "تاو"، كما تظهر بعض الصور أن حزب "ب ي د " يمتلكون مجموعة من مرابض إطلاق قاذفات الصواريخ، وقذائف هاون عيار 80 و120، وقذائف قنابل يدوية (أم كي 19)، وبنادق "ام 16"، وسيارات عسكرية نوع "هاموي" (Humwe)، وناقلات جند مدرعة "كوغار"، وطائرات مراقبة صغيرة بدون طيار، وغيرها من الأسلحة والذخائر، وجميعها أمريكية الصنع.
ولا تجيز القوانين الأمريكية نقل مثل هذه الأسلحة للقوات غير النظامية، وفي بعض الحالات ( تحديداً حالة المناظير الليلية المتقدمة ) هناك قوانين تنفيذية عسكرية أمريكية تمنع بيع مثل هذه المعدات سوى لقائمة محدودة من حلفاء أمريكا.
بالاضافة الى الدعم الأمريكي للأكراد بالمال والسلاح، هناك دعم بالافراد أيضا فقد أرسلت واشنطن نحو 900 مستشار عسكري أمريكي لتدريب القوات الكردية في شمال شرق سوريا، كما انتشرت عشرات الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر تجول قوات امريكية مدججة بكامل أسلحتها في مناطق سيطرة الأكراد.
واشنطن تقر بتوتر علاقتها مع أنقرة
وفي هذا السياق ايضاً أكد عدد من المسؤولين الأمريكيين، وجود خلاف أمريكي تركي بسبب سياسية واشنطن اتجاه تنظيم "ب ي د" الذي تعتبره أنقرة الذراع السوري لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، ومن بين هؤلاء المسؤولين مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية دان كوتس، ومدير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكي فنسنت ستيوارت الذين أكدا أن الاستراتيجية الامريكية في معركة الرقة تعتمد بشكل شبه كامل على الأكراد و عناصر "ب ي د"، على وجه التحديد وهو ما تسبب بخلاف أمريكي مع تركيا.
خلاف قديم متجدد
الخلاف الأمريكي التركي ليس وليد اللحظة أو مرتبط بوصول دونالد ترامب الى سدة الحكم، اذ اتخذت واشنطن منذ بداية الأزمة السورية قرارها بدعم الأكراد، ومنذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما اثر الموضوع خلافات بشأن دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد في سوريا، ولكن هذه المخاوف تعززت مع قرار الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بارسال شحنات الأسلحة بشكل علني للأكراد وتحديداً الى وحدات حماية الشعب التي تعتبرهم تركيا بأنهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا داميا داخل تركيا منذ العام 1984.
كذلك فشل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في زيارته الأخيرة الى واشنطن في اقناع ترامب بالعدول عن رأيه فيما يتعلق بتسليح الأكراد، ورغم أن تركيا وأمريكا منضويتان في حلف شمال الأطلسي، إلا أنه ينظر إلى تضارب الأهداف بينهما في الشرق الأوسط وفي سوريا تحديداً على أنه عامل يدفع أنقرة إلى التقارب من روسيا وايران، اذ تشير التحاليل الى أن السياسة الأمريكية اتجاه الملف الكردي تقوم على أساس استراتيجية طويلة الأمد لدعم الحكم الذاتي الكردي في الشمال السوري كما هو حاصل في العراق اذ أن نوعية الأسلحة الأمريكية المقدمة للاكراد تؤكد بلا ما يدعو للشك أن واشنطن تريد تأسيس قوة قادرة على القتال بشكل مستقل ليس أمام جماعات ارهابية فحسب بل وحتى القتال ضد جيوش، بعد اعلان الاستقلال في المدى المستقبلي.