الوقت- تشكل الانتخابات الرئاسية في ايران ظاهرة فريدة من نوعها في الدول الاسلامية والعربية، ويأتي العرس الانتخابي الايراني الجديد ليؤكد عمق التجربة الديمقراطية ونزاهتها في الجمهورية الاسلامية التي تأسست قبل 38 عاماً.
ويكفي للزائر الى ايران حالياً، أو الذي يعيش فيها، أن يتجول لدقائق في أحد شوارع العاصمة طهران، ليخلص بانطباع واضح يعكس إرادة وحيوية الشعب الايراني ويرى بأم العين حجم المنافسة القوية والديمقراطية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الايرانية وأيضا بين المرشحين للانتخابات البلدية، في ظاهرة ربما قل نظيرها في المنطقة.
ومن بين ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية وافق مجلس صيانة الدستور عليهم، وهم الرئيس الايراني الحالي حسن روحاني ونائبه اسحاق جهانغيري، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وسادن العتبة الرضوية (ضريح الإمام الرضا (ع) في مشهد) السيد ابراهيم رئيسي، بالاضافة الى الوزيرين السابقين مصطفى مير سليم ومصطفى هاشمي طبا، فان رحى المعركة الانتخابية تنحصر بشكل عام بين روحاني ورئيسي خاصة بعد انسحاب جهانغيري لصالح روحاني (التيار الاصلاحي) وانسحاب قاليباف لصالح رئيسي (التيار المحافظ أو المبدئي).
توقعات بنسب مشاركة عالية بسبب احتدام المنافسة
وقبل يومين من الانتخابات الرئاسية الايرانية في دورتها الـ12 منذ انتصار الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (ره) تتوقع أغلب استطلاعات الرأي أن المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات ستشكل علامة فارقة لجهة قوة المنافسة بين المرشحين (رئيسي وروحاني) وسعي كل تيار سياسي لاستقطاب الناخب الايراني لصالح هذا المرشح أو ذاك، اذ تؤكد مجمل الاستطلاعات أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات ستفوق ال60 بالمئة.
ويشكل العامل الاقتصادي، أبرز النقاط الداخلية التي يركز عليها كل من السيد ابراهيم رئيسي والرئيس الايراني المنتهية ولايته حسن روحاني لكسب أصوات الناخبين الايرانيين، وهذا العامل بطبيعة الحال هو من أكثر الأمور التي تجذب الناخب الى صناديق الاقتراع في جميع المنافسات الانتخابية حول العالم ، حيث يعد المرشح ابراهيم رئيسي، وهو مرشح محسوب هو الآخر على التيار المحافظ، بتوفير 6 ملايين فرصة عمل جديدة، و بمضاعفة المساعدات المالية المقدمة الـ 30 في المئة من الايرانيين.
أما روحاني فيستند اقتصاديا في حملته الانتخابية على الاتفاق النووي التاريخي الذي وقعته طهران في عهده عام 2015، وهو الاتفاق الذي وضع حدا لأزمة مع الغرب استمرت لعدة سنوات، وتمكن بشكل جزئي من وضع حد للتضخم الاقتصادي في ايران، اذ يؤكد روحاني وحكومته ان التضخم انخفض الى أقل من 10 بالمئة هذا العام، كذلك يعد روحاني في حملته الانتخابية باحياء النمو الاقتصادي وخفض نسبة التضخم وتحويل العجز التجاري الى فائض.
هذه الآمال والوعود الاقتصادية تدفع بقوة الناخب الايراني وخاصة فئة الشباب الى تحديد خياره والتصويت لهذا المرشح أو ذاك، حتى وصل الأمر الى احساس جماعي ملموس في الشارع الايراني الا وهو اعتبار أن كل صوت سيؤثر على نتائج العملية الانتخابية مما يعني أن المعركة الديمقراطية حامية الوطيس.
مفارقة لا يمكن التغاضي عنها
وما يلفت الانتباه ايضاً في هذه الانتخابات حرص الدولة الايرانية، على الظهور بالمظهر الحيادي المنظم فقط، وعدم ممارستها أي نوع من الدعاية لأي من المرشحين، حتى أنه تم تقسيم الدعاية الاعلامية للمرشحين في وسائل الاعلام التي تتبع للدولة بشكل متساوي ( بالدقيقة) بينهم، كما يكفل الدستور الايراني، بالاضافة الى وجود حرية مطلقة للناخب في اختيار الرئيس واعضاء المجلس التشريعي والمحافظين واعضاء مجالس البلديات، بالاضافة لاختيار اعضاء مجلس الخبراء الذي يختار قائد الثورة الاسلامية، مما يشكل مفارقة كبيرة عن أغلب دول المنطقة والعربية منها على وجه التحديد، التي تفتقر للحق الانتخابي بالمجمل، ناهيك عن تخصيص أغلب وسائل الاعلام أغلب بثها للتعظيم والتبجيل للحاكم.
الانتخابات الايرانية بلغة الارقام
ستجري انتخابات إيران الرئاسية ۲۰۱۷ و هي الدورة الثانية عشر من الإنتخابات الرئاسية في إيران في التاسع عشر من شهر مايو المقبل، وذلك تزامنا مع الدورة الخامسة لانتخابات المجالس البلدية والقروية والانتخابات التكميلية لمجلس الشوري الإسلامي.
وبحسب الاحصائيات الرسمية الايرانية يوجد 56 مليونا و410 آلاف ناخب يحق لهم الادلاء بأصواتهم في الدورة الـ12 للانتخابات الرئاسية الايرانية من بينهم مليون و3500 ألف ناخب سيدلون بأصواتهم للمرة الاولى اثر بلوغهم السن القانونية للتصويت مما يدل على ان المجتمع الايراني مجتمع فتي وللشباب دور كبير في حسم المعركة الانتخابية لصالح أحد المرشحين.
وسيتولى أكثر من 250 الف شرطي ضمان امن الانتخابات وفي كل مكتب اقتراع، وأينما استدعت الحاجة تتم الاستفادة من القوات الاخرى بالتنسيق مع هيئة الاركان العامة للقوات المسلحة من اجل توفير الامن، والى جانب مندوبي وزارة الداخلية ومجلس صيانة الدستور، سيحضر مندوبون عن هيئات اخرى في الدولة لا سيما الشرطة، ويمكن للمرشحين ان يوفدوا مراقبين.
وبغض النظر عن من يتم انتخابه، فان نسبة المشاركة هي الأهم، اذ يعتبر الايرانيون أن هذا الموضوع سيؤثر بشكل كبير على الأمن القومي للبلاد، وبالتالي نسبة المشاركة العالية ستسبب في زيادة الامن القومي في مواجهة المؤامرات المحاكة ضدها وفي ظل جوار غير مستقر بالمجمل.