الوقت- قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية اليوم في مقال للكاتب الشهير " باتريك كوكبورن": إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيجتمعان الأسبوع المقبل، حيث يرى كثيرون أن دونالد ترامب هو أخطر رجل على كوكب الأرض، لكنه سيتجه الأسبوع المقبل إلى السعودية في زيارة تستغرق ثلاثة أيام يلتقي خلالها رجلاً يعدّ مصدراً لعدم الاستقرار في العالم.
وتابع الكاتب في مقاله: هذا هو نائب ولي العهد "محمد بن سلمان"، والذي يبلغ من العمر 31 الحاكم بحكم الأمر الواقع في السعودية، والذي يحظى بسمعة سيئة تتمثل بالعدوان وسوء الحكم، ففي وقت مبكر قام بتصعيد الدور السعودي في سوريا، وشنّ حرباً في اليمن والتي ما زالت مستمرة حتى الآن، حيث يعاني اليوم 17 مليون شخص من المجاعة، وبالرغم من جميع إخفاقاته تلك سيلتقي به ترامب، الرجل الذي بات يعرف أيضاً باللامبالاة وعدم معرفة عواقب أفعاله، حيث يشكل الاثنان اليوم خليطاً متفجراً يهدد المنطقة الأكثر تقلباً على وجه الأرض.
واستطرد الكاتب البريطاني: إن الأمير محمد والذي هو أيضاً وزير الدفاع، ليس بالرجل الذي يتعلم من أخطائه، فبعد أقل من عام من تولي والده أمور المملكة في كانون الثاني / يناير 2015، أصدرت وكالة الاستخبارات الألمانية (بند) تحذيراً من أن السعودية تبنت "سياسة تدخل متهورة" في الخارج، وألقت باللوم في ذلك على نائب ولي العهد الذي بات يعرف بأنه يقود مقامرة سياسية ساذجة، وكان يجب أن تكون درجة الإنذار حول تأثيره على المنطقة مرتفعة بالنسبة لهذه الوثيقة التي سحبت بسرعة بإصرار من قبل وزارة الخارجية الألمانية، حيث كان ينبغي إجراء تحقيق حول التوقعات الكارثية للثمانية عشر شهراً المقبلة.
وتابع الكاتب: إن نائب ولي العهد تحول ليس فقط إلى مقامر، ولكن إلى شخص يثير المشكلات ويضع الآخرين في ورطة، والدليل على ذلك حين جاء في مقابلة غير عادية بثت على قناة العربية والتلفزيون السعودي، هدد فيها بالتدخل العسكري في إيران، حيث قال: " نحن لن ننتظر حتى اندلاع المعركة داخل السعودية، ولكننا سوف نعمل على المعركة هناك في إيران"، حيث يزعم أن القادة الإيرانيين يخططون للاستيلاء على مكة المكرمة، وإرساء حكمهم على جميع المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار نسمة في العالم، ومن السخف أن نتخيل أن عدداً من الدول لديها طموح أو قدرة على تولي "السنة" في العالم، على الرغم من أن الأصوليين السنة يتهمون الأقليات الشيعية الصغيرة في بلدان مثل مصر وتونس واندونيسيا بالتآمر على القيام بذلك، فيبدو أن الأمير يعطي مصداقية لنظرية المؤامرة الكبيرة المعادية للسنة قائلاً إنه منذ الثورة الإيرانية في عام 1979، تحاول إيران "السيطرة على المسلمين في العالم الإسلامي".
وقال الكاتب: إن الأمير السعودي يقوم بالكثير من اللعب، حيث يلعب على وتر المشاعر الدينية والقومية في السعودية لتأمين قاعدة سلطته الخاصة ودرء منافسيه داخل العائلة المالكة، ولم يحقق أياً من مشاريعه الأجنبية حتى الآن، ففي سوريا وفي ربيع عام 2015، قدمت السعودية الدعم لما يسمى بـ "جيش الفتح" الذي يتألف أساساً من جبهة النصرة التابعة للقاعدة وحليفتها أحرار الشام، والذي حظي بسلسلة من الانتصارات ضد القوات الموالية للرئيس الأسد في محافظة إدلب، لكن نجاحها أدى إلى تدخل عسكري روسي في وقت لاحق من العام نفسه، والذي كان نقطة تحول في الحرب فقد تم تهميش النفوذ السعودي، وفي الواقع، كانت السعودية تأمل في التدخل العسكري الأمريكي لفرض تغيير النظام في سوريا على غرار العراق في عام 2003 أو ليبيا في عام 2011، فكان أوباما ينتقد بشكل خاص الأعمال السعودية وتقليد مؤسسة واشنطن الخارجية للسياسة بتقديم الدعم التلقائي للسعودية وحلفائها، ومع ذلك، في اليمن دعم أوباما حتى الأيام الأخيرة من رئاسته حملة القصف التي تقودها السعودية والتي دمرت البلاد منذ مارس 2015 لكنها فشلت حتى الآن في كسب الحرب للحلفاء السعوديين المحليين، وأدى ذلك إلى معاناة فادحة للسكان اليمنيين البالغ عددهم 27 مليون نسمة، حيث تقدر الأمم المتحدة أن 17 مليوناً منهم "يعانون من انعدام الأمن الغذائي"، بمن في ذلك 3.3 مليون من الأمهات الحوامل والمرضعات والأطفال، وحوالي 462 ألفاً دون سن الخامسة، وهم يعانون من سوء التغذية أو بعبارة أخرى "التجويع"، ومن المتوقع أن تهاجم القوات المدعومة من السعودية ميناء الحديدة على البحر الأحمر، الذي يأتي من خلاله 80 في المئة من واردات اليمن التي تشكل معظم إمداداتها الغذائية، وفي حال إغلاق الميناء، سيواجه اليمنيون أسوأ مجاعة من صنع الإنسان، ومن الجانب الآخر فإن آلاف الجنود السعوديين يمكن أن يسقطوا، وستكون هناك جنازات في جميع المدن السعودية.
واختتمت الصحيفة بالقول: إن الزعماء السعوديين شعروا بسعادة غامرة بانتخاب ترامب الذي يرون أنه متعاطف معهم ومع قادة الخليج الذين سيلتقون به بعد وصوله إلى السعودية في 19 أيار / مايو قبل التوجه إلى إسرائيل، وفي الواقع إنها تحية تقشعر لها الأبدان لانتشار الغرائز الاستبدادية لترامب في زيارته الخارجية الأولى كرئيس، لملك تعسفي ودولة لا يسمح فيها للمرأة بالقيادة.