الوقت- مع اقتراب الحصار المفروض على أهالي منطقة الدراز من الـ300 يوم، وسط تشديد أمني كبير ونشر المزيد من الجدران التي تقطّع البلدة أكثر وأكثر، لايزال أبناء الدراز متمسكين بثورتهم مدافعين عن حقوقهم وعن رموزهم الدينية حتى الرمق الأخير، ورغم استخدام كل أساليب العنف من قمع واعتقالات بالجملة وصولا للإعدامات وغيرها من الوسائل الإجرامية لم تستطع سلطات آل خليفة ثني البحرينيين عن عزيمتهم في الدفاع عن ثورتهم وعن الزعيم الروحي للثورة البحرينية آية الله الشيخ عيسى قاسم.
حيث نجد أبناء البحرين متحصنين ليلا و نهارا أمام منزل المرشد الأعلى لهم مانعين اعتقاله أو المساس به من قبل عملاء النظام في البحرين، وفي هذا الصدد أصدر علماء البحرين في الأمس وبمناسبة مرور 300 يوم على حصار الدراز بياناً، ثمنوا فيه صمود المرابطين في ساحة الدراز وصبرهم ودفاعهم عن آية الله الشيخ عيسى قاسم، وتابع العلماء في بيانهم بالقول إن الجرائم التي ارتكبها نظام آل خليفة في البحرين ما هي إلا وصمة عار في جبين هذا النظام وعلامة خزي ودليل ضعف وخيبة أمل.
أسباب الحصار
محاصرة منطقة الدراز وسعي آل خليفة للمساس بالشيخ عيسى قاسم لما له من مكانة عظيمة في قلوب البحرينيين وأهمية دوره في الحفاظ على سلمية الثورة وإبقائها حية حتى تحقيق كامل المطالب بالحرية والعدالة والمساواة. لهذه الأسباب وغيرها تحاول السلطات البحرينية اعتقاله بأي طريقة وتحت أي ظرف وهذا ما لم يستطع آل خليفة تحقيقه على مدار السنوات الست من عمر الثورة البحرينية ولن يستطع، لأن الشيخ عيسى قاسم رمز وطني كبير كما إنه الأب الروحي لواحدة من أكبر المؤسسات السياسية في البلاد المعروفة باسم "جمعية الوفاق"، بالإضافة إلى التفاف أبناء البحرين حول القائد الرمز.
ووفقا لهذه المؤشرات، ولأن نظام آل خليفة واجه حراك شعبي كبير منذ اليوم الأول لإعلان الانتفاضة وبسبب عجزه عن مواجهتها سارع إلى طلب المساعدة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والدول المنضوية تحت درع الجزيرة لقمع المواطنين البحرينيين الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة.
وعلى الرغم من القمع والقتل والتهجير والحرمان من الجنسية وجميع الجرائم التي فعلها نظام آل خليفة بحق أبناء البحرين، لايزالون محافظين على ثورتهم التي تجذرت في قلوبهم أكثر وأكثر ولاقت انتشارا أوسع على عكس ما كان يتوقع النظام البحريني.
وفي هذا السياق وبسبب فشل النظام البحريني في قمع الثورة، حاول آل خليفة تضييق الخناق على الشيخ عيسى قاسم من خلال إسقاط الجنسية عنه ومحاصرة منزله في الدراز حيث يتحصن البحرينيون للدفاع عن مرشدهم الأعلى وغيرها من الانتهاكات بحق الرموز الدينية على أمل إضعاف الثورة وتقويضها وإخراجها عن مسارها.
جريمة دولية
هذه الإجراءات التي أقدم عليها النظام البحريني تعتبر من الناحية القانونية، جريمة دولية. وهذا ما أكدت عليه المتحدثة باسم مكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة رافينا شامداساني، حيث أعلنت في وقت سابق أنه ليس هناك أي مبرر لإسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم وفقا للقانون الدولي.
من جهة أخرى وبالرغم من مرور حوالي 10 أشهر على قيام النظام البحريني بتجريد الشيخ عيسى قاسم من الجنسية تحت ذريعة كاذبة، لم يستطع هذا النظام اعتقاله أو ترحيله.
أسباب عدم فك الحصار
مما لا شك فيه أن النظام البحريني يعلم جيداً بأنه لايستطيع اختراق هذه الجموع المحتشدة في محيط منزل الشيخ عيسى قاسم، ولكنه في الوقت نفسه لا يريد أن يفك الحصار الذي فرضه على منطقة الدراز لسببين:
الأول: لأن الإفراج عن الشيخ عيسى قاسم يعتبر هزيمة لنظام آل خليفة كما إنه سيصعد الاحتجاجات ويجعل البحرينيين أكثر تصميا على مواصلة الثورة.
الثاني: يبدو أن نظام آل خليفة يخضع لأوامر المملكة العربية السعودية، ومن الواضح أن الأخيرة وحدها قادرة على اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة، كما أن آل سعود يعملون ليل نهار لمنع النظام البحريني من إجراء أي تغيير للوضع الراهن في البلاد، بما في ذلك تنازلات سياسية للشيعة.
وفي الختام، يمكن القول أن محاصرة منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم لن تنتهي على مايبدو في المدى القريب، لأن الشعب لن يسمح لآل خليفة بالمساس بزعيمهم الروحي، وكذلك آل خليفة ليس لديهم الجرأة على القيام بفك الحصار لأسباب آنفة الذكر، لذلك في مثل هذه الحالة لا بد من لفت انتباه وسائل الإعلام وجماعات حقوق الإنسان لنقل ما يحدث داخل البحرين وإيصاله إلى الرأي العام العالمي، لربما يتحقق أحد مطالب أبناء البحرين بفك الحصار عن منطقة الدراز.