الوقت- تناقلت وكالات الأنباء مؤخراً خبراً مفاده نشر مصدر في وزارة الداخلية العراقية طلب عدم الكشف عن اسمه أسماء 16 عضواً فيما يسمى فدائيي صدام استقدمهم نظام آل خليفة إلى البحرين ليشاركوا في تعذيب السجناء السياسيين هناك.
من هم فدائيو صدام؟ ولماذا يعمد النظام البحريني على جمعهم في البحرين؟ وما هو هدف النظام البحريني من منحهم الجنسية البحرينية؟ أسئلة سنبحث عن أجوبة شافية لها في مقالنا هذا.
فدائيو صدام:
هي إحدى الميليشيات العسكرية التي كانت تتبع لحزب البعث العراقي المنحل والرئيس العراقي السابق صدام حسين، ولم تكن هذه الميليشيا جزءاً من الجيش العراقي بل كانت ترتبط برئاسة الجمهورية بشكل مباشر، وكان قادتها يعينون من قبل صدام حسين مباشرة، حيث كان ابنه عدي يتولى مهمة الإشراف على هذه القوات، وعرف فدائيو صدام بتأييدهم الشديد لصدام حسين فكان يستخدمهم في المهمات الخطرة والدقيقة وخصوصاً قمع المعارضين والمخالفين لسياسات الحكم.
تأسست هذه الميليشيا عام 1994م وكان يتبع لها ما يقارب 25.000 ألف شخص يتوزعون على كافة فئات المجتمع العراقي من طلبة وعمال وفلاحين وموظفين وغيرهم. اشتهرت هذه الميليشيا بقسوتها وهمجيتها وولائها المطلق لنظام البعث العراقي.
بعد سقوط النظام العراقي السابق انحلت هذه الميليشيا حالها في ذلك حال الجيش العراقي وسائر القوى الأمنية الأخرى، وعلى الرغم من انحلالها إلا أن أعضاءها ما زالوا يعرفون بقسوتهم وهمجيتهم المطلقة والتي كان لبعض الأنظمة الديكتاتورية في عالمنا العربي شأن بها.
نعود إلى خبر مشاركة فدائيي صدام النظام البحريني في تعذيب سجناء الرأي في هذا البلد، حيث يبدو أن النظام الخليفي هناك لم يكتف بما مارسه أزلامه في حق المعتقلين، إذ عمد إلى جمع المئات من عناصر ميليشيا فدائيي صدام المنحلة في البحرين واستغلال خبرتهم في القمع والضرب والتعذيب والإهانات من أجل قمع ثورة الشعب البحريني وكسر إرادته وعزيمته وثنيه عن المطالبة بحقوقه المشروعة.
ويضيف المصدر في وزارة الداخلية العراقية: "أن عدد الفدائيين الذين استخدمهم ملك البحرين في تعذيب المواطنين يقدر بالمئات وسيتم نشر كافة الأسماء في وقت لاحق بعد وصول قوائم أسمائهم من مصادرنا في البحرين."
إذاً القائمة تطول والأسماء الستة عشرة التي نشرتها وزارة الداخلية العراقية ما هي إلا غيض من فيض يمارس فنونه اللاإنسانية ويُعمل حقده الطائفي والعشائري في حق شعب البحرين المظلوم.
ويشير مركز البحرين لحقوق الإنسان في مقالة نشرها موقعه على الإنترنت في السادس من إبريل/ نيسان عام 2008م إلى أن أفراد هذه الميليشيا دخلوا البحرين قبل بدء الاحتجاجات الشعبية في هذا البلد، حيث يقول المركز إن النظام البحريني قام بفتح أبواب البحرين أمام منتسبي هذه الميليشيا بعد سقوط النظام العراقي السابق وقدم لهم كافة التسهيلات الكفيلة ببقائهم في البحرين، فمنحهم الجنسية البحرينية ووظفهم في مؤسسات الدولة وخصوصاً الأمنية منها. قام أفراد هذه الميليشيا عبر السنوات الماضية بكثير من الممارسات في حق الشعب البحريني، فأفراد هذه الميليشيا مسلحون، ملثمون، يرتدون الزي المدني، يقمعون المتظاهرين والمحتجين على السلطة، يوجهون السلاح في وجه النساء والأطفال، يسرقون أموال من يعتقلونهم، يتلذذون بالتعذيب، يجبرون المعتقلين السياسيين على ترديد عبارة "صدام رب الجلالة الأعظم"، وإن لم يرددوا فبانتظارهم وجبة تعذيبٍ أخرى.
لم يقتصر الأمر على أفراد ميليشيا فدائيي صدام العراقية بل تعداه ليشمل أعداداً كبيرة من الأردنيين والباكستانيين والهنود وغيرهم، أحضرهم نظام آل خليفة إلى البحرين ووظفهم ضمن أجهزته الأمنية ليساعدوه على قمع شعبه، وإذا ما أضفنا هؤلاء المرتزقة إلى أكثر من ألف جندي سعودي وخمسمئة إماراتي من أفراد قوات درع الجزيرة دخلوا البحرين بناء على طلب حمد بن خليفة ملك البحرين عام 2011م ليساعدوه على التعامل مع الاحتجاجات الشعبية السلمية التي بدأت في ذلك العام، سنخلص إلى نتيجة مفادها أن السلطة الحاكمة في البحرين وبعد أن عجزت عن قمع ثورة الشعب البحريني ودفعه إلى التزام الصمت وعدم المطالبة بحقوقه عمدت إلى استجداء أصدقائها ليساعدوها في ضرب ثورة شعب سلمي لم يكن له ذنب إلا أن قال لا للظلم وللظالمين.
تغيير ديموغرافي متعمد:
لم يكتف النظام البحريني بجلب آلاف العراقيين والأردنيين والباكستانيين وغيرهم إلى البحرين وتوظيفهم ضمن أجهزته الأمنية بل عمد إلى تجنيسهم وعائلاتهم، حيث تشير إحصائيات نشرتها مصادر معارضة بحرينية إلى وجود ما بين 95 ألف إلى 120 ألف مجنس، أكثر الجنسيات التي يتم إعطاؤها من الدول العربية هي الأردنية والسورية والعراقية واليمنية والسعودية ومن غير العرب الباكستاني والبلوشستاني والبنغالي والهندي.
ويهدف النظام البحريني من عمليات التجنيس هذه إلى تغيير التوزع الديموغرافي في البلاد وتغليب طائفة معينة على حساب طائفة أخرى، فجميع من يحصلون على الجنسية البحرينية هم أولئك الذين يكنون الولاء المطلق لآل خليفة، يجلبهم النظام إلى البحرين ويمنحهم الجنسية البحرينية لكي يزيد من قوته وتأييده وليساعدوه على قمع المعارضة والاحتجاجات التي تقوم ضد هذا النظام.
آخر الإحصائيات المنشورة حول ملف التجنيس في البحرين هي تصريحات السفير الباكستاني في المنامة والتي أشار فيها إلى أن عدد الباكستانيين، الذين لديهم جواز سفر بحريني، تقدر ما بين 25 ألفاً إلى 30 ألفاً مع وجود ما يقارب 4000 إلى 5000 شخص ما زالوا على قائمة الانتظار. لم تنف السفارة الباكستانية هذه التصريحات، كما التزمت السلطة الرسمية والصحافة المحلية الصمت تجاهها في إقرار ضمني بصحة ما قاله السفير الباكستاني.
وتصف المعارضة البحرينية عمليات التجنيس في البحرين بالسياسية وترى فيها تهديداً لوجودها ومحاولة من النظام لتغيير تركيبة البلاد الديموغرافية لقلب معادلة الأغلبية وتحويلها إلى أقلية، وبذلك يتم إضعاف الأصوات المعارضة وسلبها مصادر قوتها، فيما يرى القريبون من الحكومة أن عمليات التجنيس هذه تشكل طوق النجاة «سياسياً» لهم للحفاظ على مكتسباتهم، وضمان سيطرتهم على مفاصل الدولة، حتى وإن ضغطت تلك الفئة الجديدة على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وخلقت لهم الكثير من الأزمات والمشاكل والقلاقل، أو أدت كما حدث مؤخراً إلى قبول عوائل بالهجرة من البحرين إلى بلدٍ آخر، أو لتغيير أنماط سلوكهم، وحرف عاداتهم، وغزو مجتمعاتهم بعادات وسلوكيات دخيلة.
مما سبق يبدو أن النظام البحريني لن يتورع عن القيام بأي فعل من شأنه ضمان استمرار سيطرته على البلاد، وإسكات جميع الأصوات المطالبة بالإصلاح والعدالة، حتى لو كان ثمن هذا الأمر غزو البحرين من قبل آلاف العناصر الأجنبية وتحويل البحرين إلى بلد متعدد الجنسيات يمسي فيه المواطنون الأصليون غرباء في بلد آبائهم وأجدادهم.