الوقت- أثارت زيارة رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي الى السعودية، موجة اعتراضات واسعة في لندن، على خلفية استمرار الدعم المقدم للرياض في حربها على اليمن، أمرٌ اعتبره البعض اسهاماً مباشراً من قبل الحكومة البريطانية في الكارثة الانسانية اليمنية.
تيريزا ماي علقت على تردي الأوضاع الانسانية في السعودية، واشارت قبل وصولها الى الرياض الى عدم وجود صعوبة في "إثارة قضايا صعبة مع من نلتقي بهم سواء في السعودية أو في أي مكان آخر في أنحاء العالم"، حسب وصفها، معتبرة أن "التقليد البريطاني القوي للدفاع عن حقوق الإنسان موجود والتقليد البريطاني القوي للدفاع عن المصالح الوطنية البريطانية موجود"،وادعت بإنها ستدافع عن حقوق الإنسان ومصالح بلادها خلال زيارتها للرياض، مؤكدة أن الأولوية لديها الان للاقتصاد والتجارة.
بدورها رأت صحيفة التايمز البريطانية، في افتتاحيتها، أن زيارة ماي الى الرياض هي تجارية بامتياز، داعية في الوقت ذاته رئيسة الوزراء البريطانية الى فرض سياسة الأمر الواقع من أجل حماية القيم الغربية في أنظمة قمعية، وأفادت الصحيفة أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قالت عن زيارتها الأولى للسعودية إنها ستكون مثالاً لما يمكن أن تحققه المرأة، ولكن الحقيقة أنها من أجل التجارة والأمن، أكثر مما هي بشأن حقوق الإنسان، معتبرة في الوقت ذاته أنه ينبغي على الحكومات الديموقراطية أن لا تتعامل مع كل الدول بالطريقة نفسها، بغض النظر عن القيم التي تمثلها كل دولة، بل عليها أن تختار الدول التي تتعاون معها من أجل أهداف معينة.
حقوقيون: ماي تعطي أولوية لعلاقتها مع الرياض على ملف حقوق الانسان
زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، طالب من تيريزا ماي بوضع حقوق الإنسان والقانون الدولي في محور محادثاتها مع حكومة السعودية، قائلاً:"ما لم تواجه رئيسة الوزراء النظام السعودي بشأن انتهاكاته هذا الأسبوع فسيكون من الواضح أنها مستعدة للتضحية بحقوق الإنسان والأمن على مذبح تجارة الأسلحة"، وطالب كوربين بوقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض فورا والدفع نحو فرض وقف لإطلاق النار في اليمن، حيث تشن السعودية منذ 26 اذار 2015 عدواناً متواصلاً على الشعب اليمني أدى بحسب الاحصائيات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة إلى تدمير هائل في جميع المرافق الخدمية والبنى التحتية في البلاد بالإضافة إلى استهداف المقاتلات السعودية للمدنيين اليمنيين في المدارس والمستشفيات في البلاد، وهو ما دفع بعض المنظمات الحقوقية الدولية إلى اتهام الرياض بارتكاب جرائم حرب واطلاق دعوات متواصلة لمنع تزويد الرياض بالأسلحة.
الدعوات لوقف بيع أسلحة للرياض لم تلق اذاناً صاغية في لندن
وتمثل تجارة الأسلحة حجر الأساس في العلاقات البريطانية مع دول مجلس التعاون، على الرغم من الاعتراضات الشعبية وتنديد المنظمات الحقوقية بهذه التجارة بسبب تردي أوضاع حقوق الانسان في تلك البلدان من جهة واستخدام تلك الأسلحة من قبل بعض هذه الدول في تمويل الجماعات الارهابية لا سيما في سوريا والعراق وقتل المدنيين اليمنيين من جهة ثانية، اذ يعتبر المدافعين عن حقوق الانسان أن تحالف "الديمقراطيات الغربية" في العالم مع أعتى الانظمة الديكتاتورية ولاسيما النظام السعودي أمر معيب ويفقد تلك الدول الغربية مصداقيتها.
وكانت منظمة "أوكسفام" للإغاثة الإنسانية اتهمت قبل أشهر، الحكومة البريطانية بـ"الإنكار والتضليل" بسبب موافقتها على بيع أسلحة للسعودية قد تستخدم في الحرب الدائرة في اليمن، وتقول أوكسفام إن بريطانيا تحولت من "داعم متحمس" لمعاهدة الحد من تجارة الأسلحة إلى "واحدة من أبرز المنتهكين" لها.
كما دعا البرلمان الأوروبي دول الاتحاد الى فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى السعودية، ودعا البرلمان بريطانيا وحكومات دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى التوقف عن بيع الأسلحة إلى دولة تتهم باستهداف المدنيين في اليمن، باعتبار أن الرياض أهم زبون لشركات صناعة الأسلحة العسكرية البريطانية.
وتتزامن زيارة تيريزا ماي الى الرياض ايضاً، مع فتح قسم "أسكتلند يارد" التابع للشرطة البريطانية تحقيقا في إمكانية ارتكاب السعودية لجرائم حرب في اليمن، فضلاً عن وجود مراجعة قضائية في لندن حول مشروعية بيع اسلحة حربية للرياض لاستخدامها في قتل المدنيين اليمنيين.
وكانت تيريزا ماي سبقت زيارة السعودية، بزيارة رسمية الى الأردن التقت خلالها الملك الاردني عبد الله الثاني، وناقشته معه مبادرة بريطانية-أردنية جديدة لمكافحة خطر الإرهاب وتطوير قدرات جديدة لضرب صميم معاقل داعش، حسب زعمها.