الوقت- تحدثت مصادر وتقارير إعلامية خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، عن وقوع مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من مئة مدني وعشرات المصابين في محافظة ادلب في الشمال الغربي من سوريا وبالتحديد في بلدة خان شيخون التي تقع تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة.
وعلى وقع الأنباء المتسارعة التي تناولت الحدث، يتبادر إلى الذهن عدة أسئلة شديدة الضبابية ومبهمة حتى هذه اللحظة، بالنسبة لتوقيت هذه الحادثة وتداعياتها خصوصا بعدة دعوة كل من فرنسا وبريطانيا والسويد إلى عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن صباح اليوم.
وسارعت المعارضة المسلحة السورية بتوجيه أصابع الإتهام كعادتها وحملت الدولة السورية وحليفتها روسيا مسؤولية هذه المجزرة، الأمر الذي نفاه الجيش السوري في بيان رسمي أكد من خلاله بأن "الجيش السوري لايملك أي نوع من أنواع السلاح الكيميائي وأنه لم ولن يستخدمه في أي مكان أو زمان لا سابقاً ولا مستقبلاً وحمّل البيان المجموعات الإرهابية ومن يقف خلفها مسؤولية استخدام المواد الكيماوية والسامة والاستهتار بحياة المواطنين الأبرياء لتحقيق أهدافها وأجنداتها الدنيئة، كما نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، أن تكون الطائرات الروسية قد أغارت على بلدة خان شيخون في سوريا، مصرحا بأن القوات الجوية السورية قصفت مستودعا للذخيرة تابعا للإرهابيين في خان شيخون بريف إدلب، يحتوي على أسلحة كيميائية وصلت من العراق.
الأهداف والدلالات
1- تقدم الجيش السوري
يبدو أن أصداء تحرير الجيش السوري لـ 16 قرية في ريف حماه، كان له أثر مدمر على أعداء سوريا في الداخل والخارج، وكعادتها سارعت الجماعات المسلحة إلى الإستقواء بالخارج لعله يشكل لها مخرجا من الوضع الميداني الحرج الذي وصلت إليه بعد الانكسارات والهزائم التي منيت بها في الأشهر القليلة الماضية.
هذه الجماعات التي امتهنت القتل لها باع وتاريخ طويل في الفبركة واختلاق الأزمات لتحقيق أجندتها التخريبية ولو على حساب المدنيين الأبرياء، وليس من المستبعد والغريب أن تكون لهذه الجماعات الإرهابية يد في هذه المجزرة، وخير دليل على ذلك زلة قائد مايسمى بـ" جيش الإسلام"، محمد علوش، الذي يبدو أنه يملك ملف توثيقي كامل عن أساليب الوقاية من الحرب الكيميائية وخبرة كيميائي محترف في تحديد نوع الغاز المستخدم، حيث شرح في تغريدة له نشرها صباح الأمس على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، طرق الوقاية من الغاز السام المتسرب، ووصفه بـ "الجديد"، السؤال الذي يطرح نفسه من أين جاء علوش بكل هذه المعلومات؟!.
وفي الآونة الأخيرة كان لافتا التحول المفاجئ الذي طرأ على سياسة البيت الأبيض، الذي لم يعد يطالب برحيل الرئيس الأسد، وحمّل الإدارة الأمريكية السابقة مسؤولية تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط وخصوصا فيما يتعلق بالشأن السوري.
2- تكثيف الغارات في ادلب
تأتي هذه الضجة الإعلامية في حين يقوم الجيش السوري وحليفه الروسي بشن غارات جوية كبيرة على مناطق الإرهابيين في إدلب، فقد قامت الطائرات الروسية بأكثر من مئتي غارة خلال اليومين الماضيين على مدينة إدلب، استهدفت خلالها مقرات الجماعات الإرهابية وإثر ذلك قام الرئيس التركي بإتصال هاتفي مع نظيره الروسي معبرا عن مخاوفه البالغة من تداعيات هذا الحدث على محادثات الأستانة.
3- أزمة كفريا والفوعة
ومع اقتراب حل مسألة الأزمة الإنسانية التي تعيشها كل من قريتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف إدلب على الإنفراج، رغم تأجيل موعد انطلاق عمليات الإخلاء الذي كان مقررا أن يبدأ في يوم أمس على خلفية خلافات داخلية بين الفصائل المسلحة متمثلة بكتائب الأقصى التي وافقت على الإتفاقية بينما رفضها جيش الإسلام، وجاء هذا الكلام على لسان المفاوض الرسمي للجماعات المسلحة والمتمثل بدولة قطر.
فالمجموعات المسلحة وعلى رأسها جبهة تحرير الشام و جيش الإسلام ترى أن حصار القريتين يمثل بالنسبة لهما ورقة ابتزاز وضغط قوية على الدول السورية وحلفائها ولا سيما حليفها الاستراتيجي إيران.
هذه التحولات والتغيرات الدراماتيكية المتسارعة لن تمر مرور الكرام بالنسبة للأطراف الدوليين والإقليميين الذي لا يفتأون في إزكاء نار الحرب المستعرة أصلاً، يضاف إليها عدم جدية هذه الدول في مساعيها لحل الأزمة السورية بالطرق السياسية والدبلوماسية، وهذا ما لاحظناه في ردود الأفعال التي تلت وقوع الحادثة وتحديدا من الشمال السوري، فما زالت تركيا تلعب دورا مشبوها في الصراع السوري.
في الختام، يبدو أن افلاس المشروع الغربي في سوريا وفشل أذرعه في تحقيق أي هدف يذكر، أجبر بعض الأطراف على استخدام أسلحة محرمة دوليا، بهدف خلق ضجة إعلامية والاستمرار في تمثيل دور الضحية لعل وعسى يتحقق مشروعهم الذي بدأ قبل سبع سنوات بجلب ديمقراطية على النموذج الأمريكي قادمة على ظهور الدبابات.