الوقت- أشعلت لقاءات مسؤوليین في إدارة ترامب بالسفير الروسي في واشنطن سراً، حرب الفضائح بين السياسيين الأمريكيين. الأمر الذي بات مادة الإعلام الأساسية والتي سببت فضائحه استقالة الجنرال "مايكل فلاين". ما يطرح العديد من التساؤلات حول ما سينجم عن هذه الفضائح التي تزداد كل يوم بحق إدارة الرئيس الأمريكي. فماذا في حرب الفضائح الأمريكية؟ وما هو دور الإعلام؟ ولماذا يُعتبر النظام السياسي الأمريكي مُهدد كما الرئاسة؟!
ترامب يُشعل الحرب مع الديمقراطيين
على خلفية الهجوم الذي يتعرض له وزير العدل لفشله في الكشف عن اتصالاته مع السفير الروسي، اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معارضيه السياسيين أمس بالنفاق داعياً إلى التحقيق مع زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ "تشاك شومر" لعلاقته مع روسيا. وكان قد نشر ترامب في تغريدة له على موقع التواصل الإجتماعي صورة لشومر وهو يتناول حلوى الدونات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي تغريدة أخرى نشر ترامب صورة لزعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب "نانسي بيلوسي"، على طاولة كبيرة تضم كبار المسؤولين الروس، ودعا إلى التحقيق معها أيضاً.
ويتزعم شومر وبيلوسي دعوات المعارضة الديموقراطية في الكونجرس، لاستقالة وزير العدل "جيف سيشنز" الذي لم يكشف خلال جلسات الإستماع لتأكيد تعيينه في كانون الثاني الماضي، عن لقاءاته مع السفير الروسي في واشنطن "سيرجي كيسلياك" في العام 2016.
إدارة ترامب ليست بعيدة عن عاصفة الإتهامات!
منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى رئاسة البيت الأبيض تعرَّض وفريقه الى انتقادات حول العلاقة بين فريقه وروسيا. الأمر الذي أثبتته حتى الآن التحقيقات الأمنية التي فضحها الإعلام الأمريكي، وطالت ثلاثة من فريقه. حيث أنه:
أولاً: وسط الأسبوع المنصرم خرج الحديث الإعلامي في أمريكا ليفضح تورط النائب العام الأمريكي "جيف سيشنز" بدورٍ مشبوه في التعاطي مع روسيا، لم يُفصح عنه خلال جلسة القسم التي سُئل فيها عن علاقته بموسكو، فأنكر ذلك. الأمر الذي جعله يتنحى عن الإشراف على التحقيق في الملف، بعد أن كشفت التحقيقات الأمنية تورطه في لقاءاتٍ مع السفير الروسي بعيدة عن الأضواء.
ثانياً: كشفت التحقيقات الأمنية الأمريكية والتي باتت حديث الإعلام الأمريكي، كيف كان مستشار الأمن القومي الجنرال "مايكل فلاين" يقوم بإجراء مباحثات مع السفير الروسي في واشنطن "سيرجي كيسلاك" لترتيب سياسات البلدين وتحسين العلاقات خلال مرحلة العهد الجديد. وهو ما دفع فلاين بحسب الخبراء الأمريكيين، الى تقديم استقالته منذ أسبوعين تحت تأثير الضغط الإعلامي والأمني.
ثالثاً: سرَّبت صحيفة "بوليتيكو" الخميس عن علاقات مشبوهة بين "كارتر بيغ" مستشار ترامب الإنتخابي والسفير الروسي في واشنطن. كما فضحت "نيويورك تايمز" اللقاءات العديدة بين صهر الرئيس الأمريكي والسفير الروسي.
الميديا الأمريكية تجعل من الفضائح مادتها!
باتت حرب الفضائح التي أشعلتها علاقة المسؤوليين الأمريكيين مع روسيا مادة أساسية في الحياة السياسية الأمريكية. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: كانت الحرب الإعلامية سبباً في في استقالة الجنرال "مايكل فلاين" خصوصاً بعد تسريبات صحيفتي "واشنطن بوست" و "نيويورك تايمز". كما كان لها الدور في في فضح ما قدمناه حول علاقات النائب العام الأمريكي وصهر الرئيس ترامب.
ثانياً: يجري الحديث اليوم عن فضح علاقات مشبوهة وخطيرة، لوزير الخارجية الأمريكية الحالي "ريكس تيليرسون"، والذي تربطه علاقات متينة مع موسكو. وهو ما سيرفع عدد أعضاء فريق ترامب المتهمين بالعلاقة المشبوهة مع موسكو.
النظام السياسي الأمريكي مُهدد: تحليل ودلالات
عدة مسائل يمكن الإشارة لها بناءاً لما تقدم:
أولاً: إن ظهور العلاقات السرية لفريق إدارة دونالد ترامب مع الإستخبارات الروسية والتي حصلت عبر سفارة موسكو في واشنطن، والحديث عن ذلك في الإعلام يُنبئ بكارثة سياسية تنتظر أمريكا. فيما سيجعل هذا الوضع ترامب ضعيفاً في المستقبل مهما كانت النتائج.
ثانياً: يُحظَّر في القانون الأمريكي، على السياسيين إجراء اتصالات بجهات خارجية خاصة خصوصاً تلك التي تقع في خانة الأطراف "المعادية أو الخصمة". وهو ما يحتم الحصول على ترخيص مُسبق أو إذن يسمح بذلك، من الجهة الأمنية الخاصة في وزارة الخارجية. الأمر الذي لم تفعله أي من الشخصيات التي نالتها الفضائح.
ثالثاً: تواجه الشخصيات التي تنالها الفضائح حرباً قاسية. من الناحية القانونية فمن الواضح أنهم مُدانون. الأمر الذي يُسهِّل عمل الإعلام الأمريكي الذي جعل الفضائح مادته الأساسية بالإضافة الى مطالبات السياسيين المحسوبين على الأحزاب الديموقراطية في الكونغرس. كما تمضي الأجهزة الأمنية في تحقيقاتها والتي تتحدث عن مفاجآت مستقبلية صادمة!
رابعاً: لم يعد الحديث اليوم عن صورة النظام السياسي الأمريكي. بل إن الفضائح كانت كفيلة لتشويه ذلك. فيما بات المُنتظر ما سينتج عن هذه الفضائح أمريكياً، على الصعيدين المحلي والدولي. وهو ما قد يُلحق أذى بالإدارة الجديدة للبيت الأبيض وصولاً الى إمكانية استقالة الرئيس.
إذن، يبدو أن فضائح لقاءات مسؤوليين من إدارة ترامب بالسفير الروسي، أحدثت عاصفةً قد تؤدي لإنتهاء مستقبل ترامب السياسي. حيث ليست الإستقالة مُستبعدة، بعد أن فعلها في السبعينات الرئيس الأمريكي السابق "ريتشارد نيكسون"، حين تورط في فضيحة التجسس على الحزب الديمقراطي. حينها كانت صحيفة "واشنطن بوست" خلف الفضيحة. واليوم يعود الإعلام الأمريكي ليُدير حرباً ضروساً مع البيت الأبيض ومسؤوليه. فماذا ستكون النتائج؟