الوقت- قبل نحو شهر من الآن أوردت وسائل الاعلام العالمية نبأ الهجوم السعودي على اليمن دون اية مقدمات حيث تبادر الى الاذهان سؤال عن مبرر هذا العدوان وكيفية السماح للسعودية وحلفائها بشن هذا العدوان ومن الجهة التي سمحت للرياض وحلفائها بذلك.
وتساءل الراي العام العالمي عن موقف ودور مجلس الامن الدولي الذي تعتبر مهمته الاولى إرساء الامن في العالم، فحسب الفصل السابع والفصل الثامن يجب عدم استخدام القوة العسكرية ضد اية دولة من الدول الا باذن من مجلس الامن الدولي، والسؤال الاهم هو لماذا اختار المجتمع الدولي والدول الكبرى الصمت حيال العدوان على اليمن دون اذن من مجلس الامن الدولي.
وليست هذه هي المرة الاولى التي يتم فيها الهجوم على دولة من دول العالم دون اذن من مجلس الامن الدولي، فعلى سبيل المثال يمكن الاشارة الى الحرب التي شنها النظام العراقي السابق على ايران في عام 1980، لكننا هنا في صدد البحث عن سبب القيام بمثل هذه الافعال وسبب الصمت ازاء الاطماع السعودية في الشرق الاوسط وكذلك سبب شن العدوان على اليمن دون اخذ موافقة دولية.
وللاجابة على هذه الاسئلة يجب ان نقول ان الجهة الوحيدة التي يمكنها ان توافق على استخدام القوة العسكرية هي مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة وان قيام السعودية بشن العدوان على اليمن عمل يتنافى مع القوانين الدولية ولذلك فان الهجوم السعودي على اليمن يعتبر عدوانا.
وما من شك ان في اي عدوان هناك دولة معتدية وهناك دولة تقع ضحية هذا العدوان وهنا يمكن لمجلس الامن الدولي ان يعلن اسم الدولة المعتدية ومن ثم يتم معاقبة الدولة المعتدية حسب القوانين الدولية، لكن في الحقيقة وعمليا لم نر تحقيق اي شيء مما ذكرناه وان سبب تجاهل العدوان على الدول الاخرى هي دعم القوى الكبرى للدولة المعتدية. فعندما تقوم امريكا وهي احد الاعضاء الرئيسيين في مجلس الامن بدعم العدوان السعودي على اليمن لن يبقى هناك مجال لتطبيق القانون .
وهنا يجب الانتباه إلی ان اول من قام بتشكيل تحالفات وتجاهل مجلس الامن الدولي في شن العدوان على باقي الدول هي امريكا التي شكلت تحالفا في بداية العقد المنصرم وهاجمت العراق. وفي الحقيقة أعطت امريكا للآخرين الاذن بتشكيل تحالفات وتجاهل مجلس الامن الدولي في مهاجمة الدول الاخرى.
ان ما ذكرناه آنفا يدل بان النظام العالمي الحالي الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية قد أصبح باليا ولم يستطع الاستجابة لحاجات المجتمع الدولي، ولم يعد مجلس الامن الدولي قادرا الان على إيجاد امن عالمي بل ان اعضائها الرئيسيين الذين يتمتعون بحق النقض ايضا هم من يزعزعون الامن في العالم.
وهناك قضية اخرى تتعلق بصعود قوى عالمية جديدة مثل البرازيل والمانيا والهند والدول الاسلامية وبعض الدول الاخرى التي زادت قدراتها ويجب النظر الى هذه القدرات وأخذها بعين الاعتبار في المعادلات العالمية الجديدة.
وهكذا يبدو واضحا ان الظروف قد تغيرت وان الآليات الدولية التي كانت متبعة في السابق لم تعد قادرة على تلبية حاجات المجتمع الدولي ولذلك نرى ان هناك مساع لإيجاد مؤسسات دولية جديدة ويمكن الاشارة على سبيل المثال الى إنشاء البنك الآسيوي لتنمية البنى التحتية الى جانب المؤسسات المالية القديمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ومن جهة اخرى نرى المقترحات الجديدة لايجاد نظام امني عالمي جديد والتي طرحت في قمة الدول الآسيوية – الافريقية المنعقدة في باندونغ وهذا يدل على الرغبة الدولية لتغيير هيكلية النظام الدولي وتحديثها.
وهكذا يظهر جليا ان المنظمات الدولية القديمة ومنها مجلس الامن الدولي عاجزة عن إرساء الامن في العالم وان حق النقض الذي هو بيد الاعضاء الرئيسيين في مجلس الامن يقيد يد دول العالم في تحديث النظام العالمي وهذا ما يدعو الى ضرورة تظافر جهود الدول المتضررة من النظام العالمي القديم من اجل صياغة نظام جديد.