الوقت - ستبدأ محادثات آستانة التي تأجلت يوماً بسبب تأخر وفد المعارضة، أو ما يوصف حقيقة بممثلي المعارضة المتشرذمة. وهو ما ينطبق أيضاً على الوفد التركي الذي وصل متأخراً. فيما يمكن الربط بين الطرفين لمعرفة مدى الجدية في مقاربة المشكلة السورية وحلها سياسياً ليكون الجواب واضحاً. أما المهم، فهو بروز تلكؤ واضح لدى ممثلي المعارضة، وغياب المشروع السوري عنهم. فماذا في المحادثات والتأخير الذي حصل؟ وكيف يجب مقاربة الأزمة السورية؟
تأجيل المحادثات حتى اليوم والسبب: تأخر الوفد التركي وممثلي المعارضة!
تأخر موعد انعقاد مؤتمر الآستانة الى اليوم. فيما كانت الأسباب فنية وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية. تأخر وصول الوفد التركي بالإضافة الى وفد ما يُسمى بالمعارضة، والتي أعلنت مشاركتها بوفد مُصغَّر. بينما أكد رئيس الوفد السوري الحكومي بشار الجعفري، بحث المعطيات التي تخص الأزمة السورية بين الوفد السوري والطرفين روسيا وإيران.
محادثات آستانة ومقاربة الأزمة السورية
عدة نقاط يمكن الإشارة لها عبر التالي تتعلق بأهم المسائل التي يمكن الإستدلال عليها حتى الآن فيما يخص الأزمة السورية ومحادثات آستانة:
أولاً: يبدو واضحاً تلكّؤ الوفد المعارض والذي سعى لنقل ملف التفاوض من الآستانة الى محادثات جنيف. وهو ما يعكس أيضاً حالة التشرذم التي تسود المعارضة وعدم قدرتها على صياغة تمثيل موحَّد لها، وذلك لأسباب تتخطى الخلافات بينها لتصل الى الخلافات بين داعميها الإقليميين.
ثانياً: من الواضح أن ممثلي المعارضة ليسوا بمستوى تمثيل المصلحة السورية. حيث أن عدم وجود نهج موحَّد يحفظ مصالح سوريا من قبل وفد المعارضة، أمر يُسقط أصل الرهان على هذه الأطراف فيما يخص المصلحة السورية. حيث باتت جهات المعارضة بإختلافها وتبايُنها تعتمد على التدخل الخارجي والغربي لضمان استمرارية مشروعها، ما يعني غياب وجود أجندة سورية خاصة بها.
ثالثاً: إن خيار الشعب السوري واضح بدعم دولة سورية موحَّدة لا مكان فيها للفيدرالية أو الكيانات المُقسمة. وهو ما يعني أن احترام إرادة الشعب السوري تقضي برفض أي مشروع تقسيمي قد يُهدد وحدة سوريا. الأمر الذي يجب التنبيه له والعمل على منعه. حيث أن ما لم يُؤخذ في الميدان لا يمكن السماح بأخذه على طاولة المحادثات.
رابعاً: إن السياسة التركية تجاه الملف السوري وسعي أردوغان لتشكيل مناطق آمنة والمضي قُدماً في عمليات الباب والرقة العسكرية، هي من الأمور التي تخالف الحل السياسي للأزمة في سوريا. الأمر الذي يجب التأكيد على تعارضه مع المصلحة السورية.
خامساً: إن استخدام المسلحين للسلاح الكيميائي ضد الشعب والجيش السوري في ظل حماية أمريكية هو من الأمور التي باتت مؤكدة. الأمر الذي يتناغم مع المساعي الأمريكية الجديدة والقديمة لإسقاط النظام وتدمير سوريا. وهو ما تبيَّن مؤخراً من خلال وثيقة سرية تعود للعام 1986 تم تسريبها منذ أيام، حول المحاولات القديمة لأمريكا من أجل إسقاط النظام في سوريا عبر تحريك الداخل السوري. حيث أكدت الوثيقة وجود تعاون إسرائيلي غربي من أجل إسقاط نظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.
سادساً: إن دعم مصلحة الدولة السورية، يقضي مراعاة خيارات الشعب السوري. وهو ما يبدو واضحاً أن الطرفين الروسي والإيراني يضعانه ضمن أولوياتهم السياسية. في حين يجب الإنتباه الى خيارات تركيا التي مازالت تفكر بمصالحها بعيداً عن المنطق والواقع السياسي الحقيقي. وهو ما يبدو واضحاً من خلال دعمها ممثلي المعارضة، البعيدين عن خيارات الشعب السوري ويتبنون أجندات خارجية.
سابعاً: أخيراً، يتبيَّن حتى الآن أن محادثات الآستانة والتي راعت حضور ممثلين عن ما يُسمى المعارضة، تُثبت مرة جديدة حقيقة نوايا كل طرف. حيث أن المشروع السوري الذي يراعي مصلحة الشعب والدولة السورية، والذي حمله الوفد السوري الحكومي، واضح المعالم. الأمر الذي يغيب عن ممثلي الطرف المعارض، والذين مضوا في ممارسة سياسة التلكؤ والإعتماد على الخارج.
إذن تعود الأزمة السورية لتتصدر الحدث الإقليمي والدولي. ويعود معها وضوح المشهد السوري. دولة سورية تسعى لإعادة ما كان قبل الحرب الكونية عليها، ومعارضة تصل متأخرة في محاولةٍ لشراء وقتٍ لن يكون إلا على حساب الشعب والدم السوري. ناهيك عن أن مشروعها يخدم أجندة خارجية. فيما يجب انتظار المحادثات لمعرفة ما ستؤول الأمور اليه.