الوقت- بينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقضي عطلة نهاية الأسبوع بفلوريدا مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي يزور أمريكا، أطلقت كوريا الشمالية، الأحد، صاروخاً بالستياً باتجاه بحر اليابان.
تعد عملية الإطلاق هذه لصاروخ متوسط المدى أولى اختبارات ترامب في القضيّة الكوريّة حيث سيؤجج الصاروخ البالستي الكوري التوتر الدولي في شرق آسيا أكثر مما هو عليه اليوم.
ردود أفعال
الخطوة الكورية الجديد في بحر اليابان، أو ما يعرف أيضا بالبحر الشرقي، أثارة حالة من السخط لدى العديد من الأطراف الدوليّة التي وجدت في ذلك انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. ففي حين اكتفى ترامب بالقول"أود أن يفهم الجميع وأن يعرف تماما أن أمريكا تقف وراء اليابان، حليفتنا العظيمة، 100 بالمئة"، قال رئيس الوزراء الياباني تشينزو آبي في نفس المؤتمر الصحفي المشترك بأن إطلاق الصاروخ أمر "غير مقبول مطلقا".
كذلك، أثارت خشية كوريا الجنوبية التي ندّدت بالتجربة واعتبرتها تهديدا خطيرا للسلام والسلامة في شبه الجزيرة الكورية وانتهاكا واضحا لقرارا مجلس الأمن، في حين أن الصين لم تعلّق على الحادث.
ظروف العلمية
لا يمكن التغافل عن الظروف التي تمّت بها عملية الإطلاق هذه والتي تعدّ تحدّياً لأمريكا وحلفائها لا سيما بعد الاجتماع الأخير لترامب مع رئيس وزراء اليابان، وكذلك تأكيد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس خلال زيارتة إلى كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي أن أي استخدام للأسلحة النووية من جانب كوريا الشمالية سيقابله ردٌ "فعلي وساحق".
أيضاً، تأتي العملية بعد مكالمة هاتفية لترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي توتّرت علاقات بلاده مع واشنطن خلال الآونة الأخيرة.
في التوقيت أيضاً، تأتي عملية الإطلاق بعد إعلان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مؤخراً أن بلاده "في المراحل الأخيرة" قبل اختبار صاروخ بالستي عابر للقارات، مؤكدا أن بيونغ يانغ اكتسبت في عام 2016 "صفة القوة النووية" وباتت بذلك "قوة عسكرية لا يستطيع أقوى الأعداء المساس بها"، حسب زعمه ورغم وجود شكوك واسعة حول القدرة الحقيقية لكوريا الشماليّة.
اختبار لترامب
ورغم أن بيونع يانغ تواصل منذ فترة تجاربها الصاروخية والنوورية المتكررة غير آبهة بالتهديدات الأمريكية وقرارت مجلس الأمن، إلا أنّه لا يمكن فصل التجربة الصاروخية الجديدة عن الرئيس الأمريكي ترامب الذي تجاهل السؤال حول الموضوع خلال ظهور مقتضب له قبل عشاء مع آبي وزوجتيهما.
وتأتي التجرية التي تسببت في اجتماع عاجل لمجلس الأمن في ظل أوضاع متوتّرة دولية بشكل عام، وفي شرق آسيا على وجه الخصوص، وهنا نذكر التالي:
أوّلاً: إن التجربة الأخيرة ترفع من منسوب التوتّر القائم في شرق آسيا بين أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية مع الجارة الشمالية، فضلاً عن التوتّر القائم مع الصين، إلا أن اختيار صاروخ"موسودان" (كشف عنه خلال عرض عسكري في تشرين الأول 2010) الذي قطع 500 كلم قبل سقوطه في البحري يعزّز من فرضية "بالون الإختبار" لترامب، ولكن بالتأكيد إن حكومة كوريا الشمالية ليست مهتمة كثيرا باختبار الرئيس الأمريكي الجديد بقدر اهتمامها باختبار الصواريخ والأسلحة النووية .
ثانياً: يمكن القول أن ترامب سقط الاختبار الكوري عندما تجاهل سؤال الصحفيين رغم أنها كانت فرصة ذهبية بسبب وجود رئيس الوزراء الياباني إلى جانبه، وهو ثاني مسؤول أجنبي يستقبله ترامب بعد تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية. ضعف ترامب دفع بالبيت الأبيض في وقت لاحق لإصدار بيان جاء فيه: أكد المسؤولان أن البند الخامس من المعاهدة الامنية الاميركية اليابانية ينطبق على "جزر سينكاكاو" المتنازع عليها بين طوكيو وبكين، معربين عن رفضهما "لأي عمل أحادي يهدف إلى منع إدارة اليابان لهذه الجزر".
ثالثاً: ردّ الفعل العجيب للرئيس الأمريكي الذي اكتفى بالشكر للصحفي الذي سأله عن التجربة الصاروخية كان محط أنظار الجميع، فهل هو خوف أم تعقّل باعتبار أننا اعتدنا على إطلاقه تصريحات متسرعة. قد لا ندري الإجابة الصريحة، إلا أن ما نعلمه هو تأكيد النائب الأمريكي، تيد ليو، أنه سيقدم إلى الكونغرس مشروع قانون يلزم البيت الأبيض بتوظيف طبيب نفسي "بسبب القلق الذي ينتابه وآخرون حول الصحة العقلية لدونالد ترامب"، وذلك بعد مطالبته مطلع الشهر الجاري، عبر حسابه على موقع "تويتر"، بعرض ترامب"على طبيب للتأكد من عدم معاناته من أمراض عقلية".
رابعاً: لا نعتقد أن رد الرئيس الأمريكي الجديد سيختلف كثيراً عن سلفه أوباما، وبالتالي من غير المستبعد ان تلجأ بيونغ يانغ في الفترة المقبلة إلى تكرار التجربة الصاروخية "الناجحة" ولكن بصواريخ بعيدة المدى، خاصّة أن الجلسة المرتقبة في مجلس الأمن لن تخرج بجديد في ظل وجود العملاق الصيني الذي لن يسمح بأي عمل عسكري ضد كوريا الشماليّة، فهل سيحيل ترامب هذا التحدّي إلى الصين، كما اقترح خلال حملته الانتخابية؟ وهل هذا هو السبب في ردّه الفاتر؟
تحدّ جديد يضاف إلى تحديات الرئيس الأمريكي وهو التحدّي الأكثر وعورة، خاصّة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الرؤية الصينية التي ترى لزوال كوريا الشمالية تأثيراً على مصالحها القوميّة.