الوقت- توجهت أنظار العالم أجمع في اليومين الماضيين نحو العاصمة الكازاخستانية "أستانة" التي استضافت مؤتمراً للتفاوض بشأن الأزمة السورية وتداعياتها، بحضور وفدي الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، ولأول مرة منذ بداية الصراع يجلس الوفدين حول طاولة حوار واحدة، الأمر الذي اعتبره بعض المحللين خطوة إيجابية نحو بداية إيقاف نزيف الدم في سوريا، بينما شكك البعض الأخر بإمكانية تطبيق بنود الإتفاق في ظل وجود معارضة مسلحة يزداد انقسامها عند كل لحظة، أما السوريون الذين ذاقوا مرارة هذه الحرب وويلاتها فإنهم يترقبون تطبيق نتائج هذا المؤتمر وانعكاساته على حياتهم.
وفيمايلي أبرز الأراء والتحليلات السياسية حول نتائج هذا المؤتمر:
كتب عبدالباري عطوان رئيس تحريرصحيفة "رأي اليوم" : ان نتائج المؤتمر المذكور "الآستانة" حققت"اختراقات" كبيرة، ورسمت صورة جديدة للمشهد السوري، وبتحديد هوية اللاعبين الأساسيين في الجانب السوري من ناحية "الحكومة والمعارضة المسلحة"، وفي الجانب الإقليمي "تركيا وايران"، وروسيا كقوة عظمى، مثلما وحد جميع الأطراف الضامنة والمشاركة في جبهة واحدة، في مواجهة "عدو مشترك" هو الجماعات الاسلامية المتشددة.
وتابع عطوان، الحرب بين الفصائل المسلحة المصنفة كمعتدلة، والمنضوية تحت الخيمة التركية، وبين الحكومة السورية، قد تكون تقترب من نهاياتها، لتبدأ حرب أخرى، ربما تكون اكثر شراسة بين هذه المنظمات، و"الدولة الإسلامية" وجبهة "النصرة" او "فتح الشام".
وأضاف أنه من غير المستبعد ان تقوم الأطراف العربية والدولية التي جرى تهميشها واقصاؤها من "طبخة" الآستانة، ببذل محاولات لافشالها، من خلال تقديم دعم مباشر او غير مباشر للفصائل الأخرى المستهدفة، او غيرها التي ينضوي آلاف المقاتلين تحت لوائها، كردية كانت او إسلامية، كرد على محاولات الاقصاء والتهميش، وتبني اجندات تتعارض مع اجنداتها الاصلية، في تعزيز الدور الإيراني، وارتكاز أي حل سياسي للازمة على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته.
واعتبر عطوان أن هناك عبارة على درجة كبيرة من الأهمية وردت في المؤتمر الصحافي للسيد بشار الجعفري، رئيس الوفد السوري في ختام اعمال المؤتمر وهي "ننتظر من المعارضة المسلحة الانضمام الى الجيش العربي السوري في قتال النصرة وداعش"، علق عطوان على هذه العبارة قائلاً لا بد من التوقف عندها لأنها تلخص الهدف الحقيقي من مؤتمر الآستانة، وترسم خريطة التحرك المستقبلي، في رأينا على الأقل.
من جهته كتب ابراهيم حميدي في جريدة الحياة اللبنانية أن روسيا نجحت بالتعاون مع إيران وتركية وفي غياب أميركا، بخروج اجتماعات آستانة ببيان ثلاثي نعى ضمناً «بيان جنيف» والحديث عن «مرحلة انتقالية» في سورية، ما يشكل مرجعية سياسية جديدة لدى إطلاق مفاوضات السلام في جنيف في 8 الشهر المقبل، يضاف إلى ذلك حديث عن تسليم موسكو أطرافاً سورية نسخة عن «دستور جديد» يتضمن تعديلات لصلاحيات الرئيس بشار الأسد ورئيس الحكومة والمجالس المحلية، ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
من جانب أخر انقسمت أراء المعارضين حول المؤتمر حيث رأى المحلّل السياسي المعارض، عمر الشيخ، أن " مؤتمر أستانة من شأنه تمهيد الطريق للتوصّل إلى حلّ سياسي على قاعدة القرارات الدولية المتعلقة بسوريا، وصولا إلى مفاوضات جنيف التي قد تشكّل المنصّة الأخيرة للصراع الدامي في سوريا".
أما فنان الكاريكاتير السوري المعارض، موفق فرزات، اعتبر أن"مفاوضات أستانة تمثل خطوة جيدة"، غير أنه "من الأفضل عدم المبالغة في حجم المتوقع منها، حتى وإن كانت أطراف تلك المفاوضات تبحث عن صيغ مختلفة للحل".
وبالنسبة لفرزات فإن السؤال الأهم في تلك المفاوضات هو "هل تستطيع المعارضة السورية المكونة من مجموعات متفاوتة في مواقفها أن تجتمع على موقف واحد، خاصة وأن عددا كبيرا من الدول لها مصالح متضاربة في الحرب السورية؟".
وفي خطوة لافتة طالب مثقفون مصريون في النمسا بعد نجاح مؤتمر الأستانة من وجهة نظرهم بمشاركة سوريا بالقمة العربية، حيث قال بهجت العبيدي الكاتب المصري المقيم بالنمسا إن محادثات أستانة تأتي نقطة مفصلية في طريق حل الأزمة السورية التي شارفت على ست سنوات والتي كان ضحيتها الأول هو الشعب السوري المسالم، وإن كان قد غاب عن هذه المباحثات، العنصر العربي، في حالة تدعو إلى الأسى، فإنه لابد وأن تعود العربية السورية لتشغل مقعدها في جامعة الدول العربية.
يذكر أن البيان الختامي لمفاوضات مؤتمر الأستانة أكد أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وشدد على ضرورة الالتزام بسيادة واستقلالية ووحدة الأراضي السورية، موضحا أن سوريا دولة ديمقراطية تحتضن الجميع دون تمييز ديني أوعرقي.
كما نص بيان أستانة على أن "الوفود المشاركة" تصر على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام"جبهة النصرة سابقا"، على أن يفصَلا عن مجموعات المعارضة المسلحة.