الوقت- بعد مرور ثلاثة أسابيع من العدوان السعودي على اليمن، نجحت الرياض في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي ضد "أنصار الله" والرئيس السابق علي عبدالله صالح، من دون أن يشترط القرار الأممي أي وقف للعملية العسكرية السعودية "الدمع المرتعد" أو ما يسمي بعاصفة الحزم رغم وصول عدد الشهداء إلى2571 والجرحى 3897 .
القرار الجديد الذي قدّمه الأردن تحت الفصل السابع، وتمّت الموافقة عليه بأغلبية 14 صوتا مع امتناع دولة واحدة هي روسيا، يطلب من أنصار الله "الكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة الإضافية التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات ضد الدول المجاورة، والإفراج عن اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع في اليمن، وعن جميع السجناء السياسيين، وجميع الأشخاص الموضوعين رهن الإقامة الجبرية أو المحتجزين تعسفيا، وإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم وتسريح جميع الأطفال المجندين في صفوفهم ".
الغريب أن القرار الأممي لم يتطرق إلى العدوان السعودي على الشعب اليمني والذي راح ضحيته2571 شهيدا من المدنيين بينهم 381 طفلا وطفلة و214 امرأة فيما بلغ عدد الجرحي 3897 جريحاً بينهم 618 طفلا وطفلة و455 امرأة، ما يعيد إلى الأذهان موقف هذا المجلس من الشعب الفلسطيني أثناء العدوان الإسرائيلي .
لكن الأغرب في قرار مجلس الأمن أنه يحث جميع الأطراف على حضور مؤتمر يعقد في الرياض (لم تحدد له موعداً)، متجاهلاً الضربات الجويّة السعودية للبنى التحتية وبيوت المدنيين في اليمن، فكيف يحضر اليمنيون على أراضٍ كانت منطلقاً لاستهداف بلادهم؟ ألا يعبّر القرار عن مهزلة كبرى عندما يدعوا أنصار الله للحضور في الرياض؟
قراءة أبعاد القرار من الناحية السياسية تؤكد أن مجلس الأمن الذي لطالما كان ملاذاً لحياكة المؤامرات الصهيوأمريكية ضد الشعب الفلسطيني، وعاد اليوم لحياكة المؤامرات تجاه الشعب اليمني بنكهة سعودية-أمريكية، أعطى من خلال إدانته لأقوى المكونات السياسية على الساحة اليمنية ضوءاً أخضر للسعودية كي تستمر لا بل ترفع من حدّة عدوانها العسكري. ناهيك عن أن قرار مجلس الأمن لم يلحظ تنظيم القاعدة والدور الذي تلعبه حالياً في اليمن، ولربما غاب عنه أو تجاهل ان هذا التنظيم الإرهابي هو المستفيد الاكبر من الوضع القائم في اليمن، كما تجاهل الحملة العدوانية لتجويع الشعب اليمني وحصاره اقتصاديا وتهديده في لقمة عيشه من خلال فرض حصار جوي وبحري وبري على الشعب، وكذلك ضربها أكثر من 1200منشأة مدنية ومرفق خدمي ومستشفيات ومرافق صحية ومساجد تم هدمها ومساواتها بالأرض .
الكثير من أبناء الشعب اليمني صدموا بالقرار الذي شرعن بصورة غير مباشرة العدوان السعودي على شعب أعزل جُلّ ما اقترفه هو المطالبة بالعيش الكريم، ولم يحمل أي إدانة لحصار الشعب اليمني. لكن المضحك المبكي أن هذا القرار ينافي حتى مبادئ الأمم المتحدة التي تعطي أي شعب الحق في المقاومة والدفاع عن نفسه في حال تعرّض لأي عدوان خارجي كما هو الحال في اليمن اليوم .
رغم استمرار الغارات السعودية منذ عشرين يوماً، لم تحقّق قوى التحالف أي تقدّم يذكر سوى إمعانها في قتل المدنيين لاسيّما النساء والأطفال، وهدمها للبنى التحتية. لم تعد المعركة حالياً ضد أنصار الله فحسب، بل باتت معركة الشعب اليمني للدفاع عن السيادة والاستقلال ومواجهة العدوان .
إن مصادقة مجلس الأمن على قرار يدعم قتل اليمنيين يمثل وصمة عار في جبينه تضاف إلى الوصمات الإسرائيلية، كما أن هذا الاصطفاف المنحاز بشكل سافر إلى جانب المعتدي يثبت أن هذه الهيئة تحكمها شريعة الغاب، لذلك إن مشروعية الشعب اليمني ستبقى فوق مجلس الأمن .