الوقت- لاشك بأن أمريكا قد أيقظت الدب الروسي "كما يقال" بعد أن أثارت جلبة بالقرب من وكره في بولندا، ولهذا عليها أن تتحمل ضربات مخالبه وغضبه، فالنارا التي أشعلتها واشنطن لن تحتمل حرارتها وأيدي الأوروبيين هي التي ستحترق بهذه النار لا أيديها هي.
فما يجري على الأرض لايبشر بالخير في أوروبا الشرقية، وأغلب الظن ان أوباما لاينوي مغادرة البيت الابيض دون إثارة مشاكل بما يكفي لتصعيب إقامة علاقة بين واشنطن وموسكو في حال أراد الرئيس الجمهوري الجديد التوجه نحو هذا الموضوع.
وفي نظر الخبراء يبدو ان أوباما فقد عقله في أيامه الأخيرة باتخاذه قرارات دون معرفة مصيرها وعواقبها الوخيمة، فقد اتخذ الرئيس الديموقراطي المنتهية ولايته عشرات من السياسات في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض من أشدها خطورة قراره بإرسال المزيد من القوات الى بولندا الخاصرة الجنوبية الغربية لروسيا، متجاهلا مالهذا القرار من تداعيات على أمن تلك المنطقة.
استفزاز أمريكي
وجاء الاستفزاز الأكبر لموسكو قيام قادة الحكومة البولندية، يوم السبت، بإجراء حفل لاستقبال القوات الأمريكية الأمر الذي وصفته روسيا بأنه تهديد لأمنها.
وجاء هذا الحفل الذي أقيم في بلدة زاغان غربي بولندا بعد 23 عاما من رحيل آخر جندي سوفيتي من هذا البلد، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر قوات غربية على أساس دائم على الحدود الشرقية ( بولندا) لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وكان في استقبال الجنود الأمريكان رئيسة الوزراء البولندية "بياتا سيدلو" التي وقفت بتكبرها أمام الجنود الأمريكيين والبولنديين قائلة: إنه يوم مهم بالنسبة لبولندا ولأوروبا ولدفاعنا المشترك. باعثة بذلك رسالة معادية الى موسكو من على حدودها الشرقية.
وعلاوة على رئيسة الوزراء قام وزير الدفاع البولندي "أنتوني ماتشيريفيتش" باستقبال هذه القوات التي اعتبرتها موسكو تصعيدا عسكريا على الجانب الشرقي من حدودها،لاسيما بعد الترحيب الحار من قبل ماتشيريفيتش الذي قال عند وصول أول ضابط الى موقع تجمّع قوات الناتو: لقد انتظرناكم لفترة طويلة للغاية.. لعقود، شعرنا في بعض الأحيان أننا تركنا وحدنا، وفي أحيان أخرى فقدنا الأمل، وبين حين وآخر شعرنا أننا الوحيدون الذين يحمون الحضارة من عدوان جاء من الشرق.
كما وأثار ترويج الحكومة البولندية لهذا الحضور العسكري الحاقد على موسكو، قلق الكرملين حيث ندّد بعمليات الانتشار وقال إنه يعتبرها تهديدا لأمنه ومصالحه، فإقامة احتفالات في جميع أنحاء بولندا للترحيب بقوات أمريكية قوامها 3500 جندي جاءت من فورت كارسون بولاية كولورادو، لايبشر بالخير في أوروبا الشرقية.
يذكر أن هذه القوات ستجوب 7 دول من إستونيا إلى بلغاريا للمشاركة في مناورات، على أن تتمركز وحدة تعمل كمقر رئيسي في ألمانيا، وبعد 9 أشهر تحل محلها وحدة أخرى.
إضافة الى ذلك ينوي الناتو نشر 4 كتائب متعددة الجنسيات على أطرافه الشرقية في وقت لاحق من العام الجاري، واحدة في بولندا و3 في دول البلطيق الثلاث التي ستقودها امريكا بشكل مباشر.
إعداد: محمد أبو الجدايل