الوقت - مع بداية الأزمة في سوريا عام 2011 ودعم الغرب وبعض الدول العربية للجماعات المسلحة هناك، اتخذ الکيان الإسرائيلي موقفاً يهدف إلى إطالة أمد هذه الحرب وإضعاف سوريا إلى أقصى درجةٍ ممكنة. ومنذ عام 2014، ولا سيما بعد ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي، أخذ هذا الكيان يروّج عبر قنواته الإعلامية أن النظام في سوريا سوف يسقط خلال فترة وجيزة، وأنّ التقسيم على أسسٍ طائفية وإثنية وجهوية بات أمراً واقعاً. وعلت أصواتٌ تدعو لاستثمار الحرب في سوريا ليس لدفع خيار تقسيمها فحسب، وإنما أيضاً من أجل مطالبة المجتمع الدولي، ولا سيما أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي، للاعتراف بضم الکيان الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية المحتلة ومنح هذا الضم شرعيةً دوليةًّ، لكن جميع هذه المطامح باءت بالفشل بسبب صمود الجيش السوري ودعم محور المقاومة وروسيا له، إلا أن الكيان الإسرائيلي يسعى حالياً عبر حزب اليمين المتطرف إلى صياغة لعبة جديدة لتحقيق مطامعه في الجولان السوري المحتل.
وذكرت صحيفة (الشرق الأوسط) أن بنيامين نتنياهو أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وناقش معه أوضاع المنطقة وخاصة الوضع السوري وطلب منه أن تبذل روسيا جهودها لفرض تسوية تقضي ببقاء بشار الأسد في الحكم، مقابل تحقيق مكسب اسرائيلي في الجولان، يوافق عليه الروس والأمريكيون في عهد دونالد ترامب.
ووفقاً للصحيفة فإن بيان ديوان نتنياهو أثار نقاشاً ساخناً في "اسرائيل" حول مدى صحة استخدام "ناجح" في الحديث عن هذه التسوية، إذ أن خبراء عسكريين إسرائيليين مقربين من الجيش وجنرالات سابقين، يشككون في نجاح هذه التسوية، حيث أنها تكبل أيدي الطيران الإسرائيلي، ويضطر الجيش لإستخدام وسائل أخرى لتحقيق مصالحه في سوريا، إلا أن خبراء استراتيجيين يؤيدون هذه التسوية ويطالبون نتنياهو بأن يجني مكاسب سياسية واستراتيجية منها.
تجدر الإشارة إلى أن الكيان الإسرائيلي نفذ الكثير من الغارات على سوريا منذ اندلاع الحرب، وقام بعدة اغتيالات، ومنها اغتيال الحاج جهاد عماد مغنية الذي أرعب الكيان الاسرائيلي لسنين طويلة وكان له الفضل الكبير في انتصار حزب الله على الکيان الإسرائيلي عام 2000و 2006، كما اغتال هذا الکيان سمير قنطار ومصطفى بدر الدين، وقصف عدة مواقع للجيش السوري، ولكن بعد دخول الجيش الروسي إلى سوريا انخفضت وتيرة النشاط الإسرائيلي.
كما نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" مقالاً اعتبرت فيه أن الرئيس فلاديمير بوتين "صاحب البيت الجديد في سوريا".
واعتبرت الصحيفة أنه عشية رأس السنة الميلادية، نجحت روسيا في صياغة اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بالتعاون مع ايران وتركيا بين الحكومة السورية والمجموعات المسلحة بإستثناء "داعش" و"جبهة فتح الشام".
ويشدد المقال على أن "روسيا كانت مستعدة للعمل بحزم وبعزم، وإظهار القوة وتفعيل القوة العسكرية، الأمر الذي امتنعت عنه الولايات المتحدة". وبذلك "أثبت الروس أنهم يلتزمون أمام حلفائهم خلافاً للأميركيين، وأنهم على استعداد لمنحهم من دون أي تردد ومن دون أي حساب، الحماية في المؤسسات الدولية وكذلك على الأرض".
وكان قد أشار تسفي هاوزر، المقرّب من نتنياهو الذي يعاني في الوقت الحالي من فضائح فساد في وقت سابق في مقالٍ له تحت عنوان "فرصة تاريخية في الجولان"، إلى استغلال الظروف الجديدة التي نجمت عن الحرب في سوريا والتغييرات في الشرق الأوسط، للعمل بكل جهد من أجل أن يعترف العالم بضم "إسرائيل" للجولان ومنحه شرعية دولية. وحاجج هاوزر أنه يتعين على "إسرائيل"، التي عجزت عن إفشال توصّل الدول الكبرى إلى "اتفاق سيء" مع إيران بشأن ملفها النووي، أن تبذل الجهد للحصول على تعويضٍ إستراتيجي ملائمٍ من الولايات المتحدة. وطالب بألا يقتصر هذا التعويض الأمريكي على تقديم الأسلحة النوعية الحديثة لـ"إسرائيل"، وإنما يشمل اعتراف الولايات المتحدة بضرورة بقاء الجولان السوري تحت السيادة الإسرائيلية عبر وعدٍ رئاسي من البيت الأبيض وقانون من الكونغرس.
ومن المعروف أنّ الکيان الإسرائيلي شرّد أهالي الجولان في حرب عام 1967، وكان عددهم حينها نحو 130 ألف نسمة، وقد أقام أكثرهم في أحياء قريبة من العاصمة دمشق مثل جديدة عرطوز والحجر الأسود وغيرها.
وتطالب سوريا بإعادة هضبة الجولان الممتدة من جبل الشيخ شمالا وحتى نهر اليرموك جنوبا، ولا تزال الأمم المتحدة تشير إلى هضبة الجولان باعتبارها "أرضا سورية محتلة"، أما الکيان الإسرائيلي فيطالب رسميا بالاعتراف بضم الجولان إلى الأراضي التي احتلها، وهو أمر مناف للقرارات الدولية.