الوقت- هو تخبط السياسة الأمريكية من جديد يظهر إلى العلن فأمريكا اليوم بين طرفي كماشة لا تدري ما تصنع. الحزب الديموقراطي القائد للبلاد والذي ينتمي إليه الرئيس أوباما يؤيد المفاوضات النووية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويرى فيها الحل الأنسب لهذا الملف، بينما نرى الحزب الجمهوري وخصوصاً الأعضاء ذوو الميول الصهيونية فيه نراهم يغردون خارج سرب الرئيس أوباما فيرفضون المفاوضات النووية مع إيران أصلاً ويدعون إلى ممارسة المزيد والمزيد من العقوبات في حق الجمهورية الإسلامية الأمر الذي يتناغم مع الرغبة الإسرائيلية. عقوباتٌ لم تفلح في منع إيران من تطوير ملفها النووي بل على العكس كان لها الأثر الإيجابي في تقوية اعتماد الشعب الإيراني على قدراته الذاتية وخلق تحدٍ أمام العلماء الإيرانيين استطاعوا خلاله إثبات قدرتهم ووجودهم في كافة الصعد .
فخلال جلسة لرؤساء الهيئات الدبلوماسية أشار جون كيري وزير الخارجية الأمريكية في كلمة له إلى استمرار إيران في عمليات التخصيب في حال فشل المفاوضات وأضاف كيري: " في حال فشلت المفاوضات الجارية مع إيران، ستعاود إيران تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتعلقة ببرنامجها النووي ولن يكون بإمكان العقوبات الاقتصادية الاستمرار إلى ما لا نهاية "
وأضاف وزير الخارجية الأمريكية في كلمته: "إذا تراجع أولئك الذين يعتقدون أن خيار الاستمرار في العقوبات الاقتصادية هو الخيار الصائب عن موقفهم وقالوا قوموا أنتم بإنجاز عملكم، سوف نقوم نحن بأداء عملنا أنتم لا تريدون أن تكونوا منطقيين نحن سوف ننجز ما نعتقد أنه الخيار الصائب وبالتالي لن يبقى أي نظام عقوبات اقتصادية في الوجود "
وأشار رئيس الدبلوماسية الأمريكية إلى أن في حال فشلت المفاوضات مع إيران لن يكون هناك أي نوع من الرقابة على البرنامج النووي الإيراني وأكد بقوله: "أعتقد أننا فرضنا هذه العقوبات لأجل أن نتمكن من إجراء عمليات التفتيش لنشاطات هذا البرنامج بموافقة الطرف المقابل "
وأكد كيري على دور التفاهم مع إيران في سبيل إجراء عمليات ضبط البرنامج النووي الإيراني بقوله: "يجب عليكم في البداية أن تعرفوا على ماذا اتفقتم، عليكم أن تعرفوا هل لديكم القدرة لإنجاز هذا الاتفاق، هل لديكم المعلومات الكافية ... وهذا هو واجبنا أن نصل إلى اتفاق يكون في مستوى من الجودة تتناسب مع الوعود التي قطعناها "
ثم ذكَّر كيري بأن الاتفاق الجيد مع ايران هو الاتفاق الذي يسد الطرق الأربعة أمامها والتي من الممكن أن تصل بها إلى ما أسماه الأسلحة النووية وادعى كيري أن مفاعلات نطنز وفوردو واراك وما أسماه الطريق الخفي هي الطرق التي تصل بإيران إلى امتلاكها الأسلحة النووية،على حد ادعائه،
وأثناء إشارته إلى أن المفاوضات النووية الجارية حالياً ليست عبارة عن اختيار بين إيران الحالية وإيران العهد الماضي قال كيري: " هو اختيار بين نظام تمكن من إثبات قدرته على امتلاك وتطوير دورة الوقود النووي وأثبت قدرته فيما يتعلق بعمليات التخصيب أيضاً "
وكدليل على قدرة إيران النووية لفت كيري إلى أن هذا البلد استطاع أن يصل من 160 جهاز طرد مركزي عام 2003م إلى أكثر من 19 ألف جهاز طرد مركزي اليوم والتي من المؤكد أن جميعها ليست في حال فعالية حالياً مما يثبت قدرة هذا البلد النووية وطاقاته الذاتية الهائلة .
وفي جزء آخر من كلمته خاطب كيري مخالفي المفاوضات النووية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقوله عليكم تقديم حل أفضل لهذا الملف .
إذاً فأمريكا مستمرة في مفاوضاتها مع الجمهورية الإسلامية على رغم رفض الجمهوريين لهذه المفاوضات، فالسياسي الأمريكي يرى في المفاوضات الحل الأمثل لضبط الملف النووي الإيراني ومنع الإيرانيين من التقدم في هذا الملف. لجوء الأمريكي إلى هذا الحل يظهر اعتراف الدبلوماسية الأمريكية بعجز العقوبات الاقتصادية عن منع إيران من التقدم في كافة المجالات العلمية وزيادة اعتمادها على نفسها الأمر الذي يهدد مصالح الغرب ويقض مضجعه .