الوقت- المتابع للسياسة السعودية تجاه جارتها الجنوبية " اليمن " يرى بوضوح ان هذه السياسة استهدفت وعبر عقود طويلة تمزيق هذا البلد من خلال التدخل في شؤونه الداخلية أو دعمها للتيارات والجماعات الارهابية والتكفيرية والانفصالية للعب بمقدرات ومصير الشعب اليمني خدمة لأغراض ومآرب تصب في صالح المشروع الامريكي – الصهيوني في المنطقة .
فخلال الأشهر الأخيرة أعربت الرياض مراراً عن قلقها إزاء تمكن الحوثيين من تسلم مقاليد الامور في اليمن وهزيمة نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي الموالي لها والذي اتهم مؤخراً بتهريب عناصر تنظيم " القاعدة " الارهابي من سجن عدن لتنفيذ أجندة أمريكية وسعودية في داخل البلاد .
والسلطات السعودية التي لم يرق لها رفض الشعب اليمني لهيمنتها، ومحاولته أن يرسم مصيره بعيداً عن إرادتها تعتبر نفسها الخاسر الاكبر من التحولات الكبيرة التي حدثت في اليمن ما دفعها للتشبث بكل السبل للعبث بمقدرات هذا البلد عسى ان تتمكن من إبعاد شبح الثورة اليمنية عن اراضيها، خصوصا وان حركة " انصار الله " تسعى الى تشكيل حكومة قائمة على اساس الانتخابات والاستفتاء الشعبي وهذا ما تخشاه الرياض والكثير من العواصم العربية خصوصاً في دول مجلس التعاون .
وقد اكدت حركة " انصار الله " على لسان المتحدث باسمها محمد عبدالسلام ان السعودية تدعم انتشار الارهاب والقاعدة خصوصاً في جنوب اليمن لخلق فتنة طائفية في اطار معركة شاملة تهدف الى فرض اجندة جديدة يراد منها اخضاع الشعب اليمني والزعم بأن هذا الشعب غير قادر على ادارة البلد لتبرير تدخلها وتدخل الدول الاخرى لاسيما امريكا في شؤونه .
وعقب هذا التغيير حذر الكثير من المراقبين من أن السعودية سوف تطلق يد عناصر القاعدة و"داعش" وباقي الزمر التكفيرية، لمهاجمة الشعب اليمني، بعد محاولاتها الحثيثة لإشعال حرب طائفية في صفوف هذا الشعب ، من خلال استخدام الإعلام الطائفي وتحريض اليمنيين ضد بعضهم البعض، والسعي لتقسيم البلاد عبر " عبد ربه منصور هادي " من خلال توطينه في عدن وإعلانها عاصمة جديدة لليمن، ونقل سفارات الدول التي تدور في الفلك الامريكي - السعودي إليها .
وبدأت السعودية بتنشيط ذراعها العسكري المتمثل بالقاعدة و"داعش" وباقي الزمر الارهابية ، وسوّقتها على أنها قبائل رافضة لجماعة " انصار الله " ، فأخذت هذه الزمر باستهداف الشعب اليمني، وكان آخر ضحاياها الصحافي والناشط الحقوقي عبد الكريم الخيواني، الذي اغتيل أمام منزله في 18 آذار/مارس الحالي . وبعد يومين وتحديداً في يوم الجمعة 20 آذار/مارس، أرسلت الرياض موالين لها من التكفيريين لتفجير بيتين من بيوت الله في صنعاء والذي أدى الى استشهاد وجرح المئات من المصلين .
وقبل نحو اسبوعين ذكرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أن السعودية تنشط في تسليح القبائل الموالية لها في محافظة مأرب، شمالي اليمن، لدعمهم ضد الحوثيين . والمعروف أن مأرب وهي منطقة صحراوية غنية بالطاقة، توجد فيها جماعات سلفية وقبلية مقربة من السعودية منذ فترة طويلة، وهي موطن لعدد كبير من المسلحين من تنظيم القاعدة الارهابي .
ويعتقد المراقبون ان ما تقوم به السلطات السعودية تجاه اليمن في الوقت الحاضر يهدف في الاساس الى وضع العصي في دولاب الثورة اليمنية ، لحرفها عن مسارها او إيقافها ، للحيلولة دون الوصول الى اهدافها في التحرر من الهيمنة السعودية وبناء البلد اعتماداً على قدرات أبنائه بعيداً عن الأجندة الخارجية التي يراد فرضها من جديد على الشعب اليمني دون الأخذ بنظر الاعتبار المصالح المشروعة لأبنائه وحقهم في الحياة الحرة الكريمة دون أي تدخل اجنبي .
ولابد من القول إن من يتابع الخطوات التي تتخذها السعودية ازاء اليمن على جميع الاصعدة السياسية والإعلامية والعسكرية يخرج بنتيجة مفادها ان الرياض أعلنت الحرب الشاملة على هذا البلد، مستخدمة سلاحها التقليدي " المجموعات الارهابية والتكفيرية " التي تحمل الفكر الطائفي الهدّام وفي مقدمتها القاعدة و "داعش" ، دون الاخذ في الحسبان التداعيات الكارثية لهذه السياسة على اليمن والمنطقة برمتها .
ولكن تبقى ارادة الشعب اليمني هي الفيصل في تحقيق ما يطمح اليه ولن تفت في عضده المؤامرات التي تحيكها السعودية واطراف اقليمية اخرى بدعم من دول غربية في مقدمتها أمريكا . وقد اثبتت التجربة ان الشعوب هي دائما أقوى من المؤامرات شريطة التحلي بالوعي والتوحد والتلاحم وفق ثوابت استراتيجية قادرة على إنقاذ البلد من التشرذم والضياع في أتون النزاعات الطائفية والمناطقية التي تشعلها الجماعات الارهابية والتكفيرية وتمولها القوى الخارجية التي لاتريد لهذه المنطقة الخير وأن تنعم بالامن والاستقرار وتستثمر طاقاتها وإمكاناتها للعيش بحرية واستقلال وعزة وكرامة .