الوقت- قد لا يكون الحديث عن العلاقة السعودية الإسرائيلية أمراً مستغرباً في ظل ما يجري من أحداثٍ في المنطقة، بعد أن تبينت حقيقة العلاقة الإسرائيلية بتنظيم داعش الإرهابي. فالجميع يعرف أن السعودية كانت الداعم الأول للإرهاب التكفيري في المنطقة على مر السنين. واليوم بعد أن انكشفت حالة الإحتضان الإسرائيلي لتنظيم داعش الإرهابي، يتضح أن المصلحة السياسية قد جمعت الطرفين السعودي والإسرائيلي. مما يعني أن الطرفين التقيا في الرهان على الإرهاب في المنطقة. ولكن الخطير في الموضوع هو خروج التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن حجم التنسيق وتقاطع المصالح بين الطرفين. فماذا في حديث الإعلام الإسرائيلي حول هذا الموضوع؟ وما هي دلالاته؟
أولاً:
حديث الإعلام الإسرائيلي حول العلاقة السعودية الإسرائيلية:
دأبت
وسائل الإعلام الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على نشر تقارير تتصل بالعلاقة
المتنامية بين الكيان الاسرائيلي والسعودية.لكن الأخيرة تتجاهلها بشكل دائم كما
أنه لم يظهر في العلن ما يشير إلى خطوات عملية في ذلك الاتجاه. فقد كشفت صحيفة
"يسرائيل هايوم" المقربة من رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو أن رئيس الموساد تامير باردو زار في شهر ديسمبر الماضي الرياض حيث التقى
نظيره السعودي. ونقلت صحيفة رأي اليوم عن الصحيفة الإسرائيلية، عدم استبعادها أن
تتجه السعودية قريباً إلى تزويد الكيان الاسرائيلي بالنفط، مشيرةً إلى أن ممثلي
الحكومة السعودية يجاهرون باستعدادهم لبيع تل أبيب نفطًاً سعودياً.
وأوضحت
الصحيفة الإسرائيلية أن وزير النفط السعودي علي النعيمي قال إنّ حكومته مستعدة
لتزويد أية دولة في العالم بالنفط، وليس من المستبعد أن تبيع السعودية النفط
لـ"إسرائيل" أيضاً. وأضاف النعيمي، بحسب الصحيفة، قائلاً: "معظم
العالم العربي يعترف بـ"إسرائيل"، ولا يوجد ما يمنع التعاون التجاري
معها. كما وأشارت الصحيفة إلى أن التعاون بين السعودية والكيان الاسرائيلي الذي ظلّ
لسنين طويلة يتم في الخفاء وتحت الطاولة، بات الآن يطفو على السطح".
من
ناحيةٍ أخرى قال البروفيسور يهشوع تتيالباوم، الباحث البارز في مركز بيغن السادات
للدراسات الإستراتيجية في جامعة(بار إيلان): "إنّ التقاء المصالح بين
السعودية والكيان الإسرائيلي يمكن أنْ يُفضي إلى قيام الرياض بتقديم مساعدات مهمة
لـ"إسرائيل" في حال قررت ضرب المنشآت النووية الإيرانية"، حسب
تعبيره.
وفي
دراسة أصدرها المركز أوضح تتيالباوم أنّ السعودية يُمكن أنْ تسمح للطيران
الإسرائيليّ بالتحليق في أجوائها أثناء توجهها لضرب إيران، علاوة على أنّ السعوديين
يُمكن أن يسمحوا بتزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود خلال الطيران، حسب قوله.
ووصل به الأمر الى حد القول إنّ بإمكان السعوديين أن يساهموا في إنقاذ الطيارين
الإسرائيليين في حال تعرضوا لمكروه خلال عمليات القصف، موضحاً أنّ الأمريكيين
لعبوا دورًا مهمًا في التنسيق بين السعوديين والإسرائيليين.
ولفت إلى
أنّه من غير المستبعد أنْ يبحث الطرفان وضع خطط مشتركة لمواجهة تهديد الصواريخ
الإيرانية، قائلا: "ليس من المستبعد أنْ تقوم بطاريات مضادّة للصواريخ يتم
نصبها في السعودية باعتراض صواريخ تطلقها إيران باتجاه إسرائيل"، على حد
قوله.
واستدرك
تتيالباوم قائلاً: "إنّ السعوديين سيُواصلون التعاون مع "إسرائيل"
بقدر ما يتطلّب أمنهم القومي، محذراً من أن القيادة السعودية ستكون حذرة جداً في
علاقاتها مع تل أبيب، على اعتبار أنّ أحد مرتكزات الشرعية للنظام السعودي تتطلب
حالة عداءٍ مع"إسرائيل"، حسب وصفه. وأضاف تتيالباوم أن النظام السعودي
يقدم نفسه كمدافع عن الإسلام، وهذا لا يمكِّنه من السماح بخروج التعاون مع الكيان
الاسرائيلي إلى العلن، علاوة على أنه من الممكن أن يوقف هذا التعاون في حال مسَّ
بصورة السعودية أمام العالم الإسلامي.
ثانياً:
قراءة تحليلية:
وهنا لا
بد من الإشارة الى التالي:
- ليس
مهماً الدخول في صحة أو عدم صحة هذه التصريحات. فإنه من الواضح وجود تقاطع مصالح
بين الطرفين. وبالخصوص فيما يتعلق بمسألة العداء لإيران ودعم الإرهاب. فالسعودية
التي تعمل ضمن السياسة الأمريكية لن تتوانى عن التعامل مع الكيان الإسرائيلي، في
حال رأت في ذلك مصلحةً لها. فالجميع يعرف أن أمن الكيان الإسرائيلي هو على رأس
أولويات السياسة الأمريكية. والسعودية كانت المطيع دوماً لأمريكا. وبالتالي فليس
مستغرباً عليها ذلك.
- لم
تحمل السعودية يوماً هم القضية الفلسطينية، أو الشعب الفلسطيني. بل كانت تزايد
دائماً على حساب الدم الفلسطيني. واقتصر دعمها على المؤن والطعام. ولم يسمع لها
حتى مواقف استنكارٍ من العدوان الإسرائيلي، في أي حربٍ أو اعتداءٍ على
الفلسطينيين.
- لم
تدعم السعودية يوماً المقاومات العربية. بل شاركت في التصدي لنموها، إن عبر وضعها
على لائحة الإرهاب، أو عبر التآمر عليها. وحرب لبنان مع الكيان الصهيوني في تموز
2006، كانت خير دليلٍ على السياسة السعودية بحق المقاومة. وهي التي أصرت على إقصاء
حزب الله اللبناني.
- لم
تعمل السعودية يوماً للنضال ضد الصهيونية، أو لقتال الدولة المزعومة إسرائيل. بل
إن أكبر هما اليوم هو البحث عن دورٍ لها، وإن اقتضى ذلك التعامل مع الكيان
الإسرائيلي. فتعاظم دور إيران التي تساهم في تحرير الشعوب ونهضتها، يقلق السعودية،
أما الإعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وشعوب المنطقة، فطالما أنه لا يمس
بالمصالح السعودية فلا مشكلة في ذلك.
إذاً،
إنها السعودية التي تجاهر بالعداء لإيران الإسلام. وهي الدولة التي طالما مدت لها
يد التعاون لتعزيز الوحدة الإسلامية. لكن الظاهر أن السعودية تحمل راية الإسلام
لتتاجر بها ليس أكثر. فمصلحة السعودية أهم من كل اعتبار. ولو كان ذلك على حساب المبادئ
والقيم العربية.فالسعودية اليوم تعيش أزمة وجود، هي كالتي يعيشها الكيان
الإسرائيلي. فهل من صدفةٍ في ذلك؟ وهنا يأتي السؤال الأخطر: ماذا لو اجتمعت المصالح السعودية
الإسرائيلية اليوم؟