الوقت- قبل نحو شهر من الآن أبلغ الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر زعماء الاتحاد أن منطقة اليورو تحتاج إلى تغييرات جوهرية لطريقة عملها أو أن تواجه بطالة منتشرة ونموا اقتصاديا ضعيفا لسنوات قادمة ، وهي تصريحات تكشف حجم المأزق الاقتصادي في اوروبا فيما يتجاهل القادة الاوروبيون ان للأزمات السياسية والتوترات مع باقي الدول مثل روسيا وايران وغيرهما تاثير كبير على الاوضاع الاقتصادية في بلدانهم.
وحذّر يونكر من ان الفشل في التحرك سيؤدي الي سقوط منطقة اليورو في مصيدة من نمو ضعيف وركود لاسعار المستهلكين وقدرة محدودة على خلق الوظائف.
وطالب الزعماء بالاجابة على اسئلة غير مريحة مثل هل تحتاج منطقة اليورو في نهاية المطاف الي وزارة للمالية وهي فكرة لم تكون متصورة في وقت ما لكن ازمة الديون 2009-2012 دفعت الزعماء الى دراستها ، كما تسائل يونكر " ما هي الادوات التي تحتاجها المؤسسات التي تستمر فيها السياسات الوطنية في السير بشكل منحرف على نحو مضر؟"
ويبدو ان ذلك السؤال موجه في جانب منه إلى فرنسا وهي مبعث قلق منذ وقت طويل للمفوضية الأوروبية حيث تطالب المفوضية باريس بخفض الانفاق العام واصلاح اقتصادها.
وبالنظر الى الاوضاع الاقتصادية المتردية في فرنسا نرى ان معدل البطالة وصلت إلى 10% من القوى العاملة في فرنسا بنهاية العام الماضي، بعد ارتفاعه بنسبة 1% خلال الربع الأخير من العام، بحسب ما نشره المعهد الوطني للإحصاء .
وخلال آخر ثلاثة أشهر من 2014 بلغ إجمالي عدد العاطلين بفرنسا مليونين و877 ألف شخص وبذلك تقترب نسبة البطالة في فرنسا من أكبر معدل تاريخي لها، والذي سجلته عامي 1994 و1997 بوصولها إلى 10.4 بالمئة .
وعلى أساس سنوي، ارتفعت البطالة في فرنسا بمقدار 124 ألف شخص، بما يوازي 0.4% مقارنة بعام 2013 فيما كانت حكومة هذا البلد الأوروبي قد تعهدت بأن يقل معدل البطالة عن 10% أواخر 2014.
وارتفعت البطالة فقط بين الفئة التي تتراوح أعمارها بين 25 و49 عاما مقارنة بالربع الثالث من العام الماضي، ولكنها سجلت ارتفاعا كبيرا أيضا بين من تقل أعمارهم عن 25 عاما لتصل إلى 23.7% منهم بما يوازي 630 ألف شخص.
وبسبب هذا التردي في الاوضاع الاقتصادية في فرنسا قرر وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي مؤخرا منح هذا البلد عامين إضافيين لكي تخفض العجز في موازنتها الحكومية دون المعدل المطلوب بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لقواعد الاتحاد ، وكانت هذه الخطوة متوقعة على نحو واسع النطاق، كما أن هذه هي المرة الثالثة منذ عام 2009 التي يتم منح فرنسا فرصة لخفض العجز في الموازنة إلى المعدل المستهدف.
ومن المتوقع أن يبلغ العجز في الموازنة الفرنسية هذا العام 4.1% من الناتج المحلي وقد حذر خبراء من أن منح الحكومة الفرنسية فرصة ثالثة للسيطرة على عجز موازنتها من شأنه التأثير سلبياً على مصداقية الأسواق الأوروبية.
وفي بيان صدر عن وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 28 عضواً، تم مد المهلة المحددة لفرنسا من أجل خفض العجز في الموازنة لعامين إضافيين في ضوء الجهود المالية التي تبذلها الحكومة منذ عام 2013 بالإضافة إلى الأحوال الاقتصادية الصعبة وعوامل أخرى في البلاد .
في هذه الاثناء قرع ممثلو الاقتصاد الألماني جرس الإنذار مجددًا للتحذير من الآثار المالية والاقتصادية السلبية على اقتصاد البلد ودول أوروبية أخرى الناتجة عن تنامي التوتر بين الغرب وروسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على موسكو وإمكان توسيعها.
وحذروا من أن مصير عشرات آلاف العمال الألمان مرهون بالعلاقات الاقتصادية مع روسيا، لافتين إلى أن 60 ألفا من أصل 300 ألف ألماني يعيشون من التجارة مع هذا البلد خسروا عملهم حتى الآن.
وقال رئيس هيئة الشرق في الاقتصاد الألماني إكهارد كوردس، إن العامين الحالي والمقبل سيكونان صعبين جدًا مطالبًا حكومته بالابتعاد عن المواقف المنحازة والعمل على دعوة طرفي النزاع إلى الجلوس حول طاولة مفاوضات للتوصل إلى حل للنزاع القائم، وحذر من أن الخطر لا يكمن في خسارة روسيا كسوق تجارية فقط بل كشريك أوروبي أيضًا.
ولفت كوردس إلى أن استطلاعًا أجري أخيرًا بين الشركات الألمانية المتعاملة مع روسيا أظهر أن نحو 755 من مسؤوليها أعربوا عن عدم اقتناعهم بجدوى العقوبات الغربية المفروضة على موسكو وأشار إلى أن الصادرات الألمانية إلى السوق الروسية تراجعت حتى الآن بمعدل 20% تقريبًا.
وتشير تحذيرات الخبراء الاوروبيين هذه الى الاخطاء السياسية التي يرتكبها الزعماء الاوروبيون في معاداة دول كبيرة واطراف اقتصادية مؤثرة في العالم خدمة للسياسات الامريكية ما يترك تاثيرا سلبيا كبيرا على الدول والشعوب الاوروبية.