الوقت- أتم ابراهيم سعيه مع اسماعيل ومن ثم قام بالطواف. وفي مقامه (مقام ابراهيم) قام بدورين الطواف والعبادة. ومن ثم اخذ الحبل والسكين الحاد والقماشة البيضاء و راح مسرعاً الى المذبحة مع ولده اسماعيل. فمشى بخطوات كبيرة ومتسارعة لانه كان يعتقد بأنه يجب أن يسارع في القيام بالأعمال التي أمره الله بها.
عيد الاضحى، هو ذكرى الملحمة الكبرى للنبي ابراهيم وولده اسماعيل عليهما السلام. لأنه يظهر الاعتزاز الذي احس به النبي اتجاه هذا الامتحان الالهي الذي اتخذته جميع الفرق الاسلامية عيداً لهم. فاحدى الاعمال في هذا العيد الكبير التي تؤكد عليها السنن هو التضحية التي لا تخص فقط حجاج بيت الله الحرام بل عامة المسلمين "المقتدرين مالياً".
فكل شيء ابتدأ من رؤية فقط، رؤية الهية، منام صادق. ليس بمنام عادي وليس بحالم عادي و غير معروف. بل هو حلم رائع الذي رآه "الخليل"؛ فالخليل هو "حبيب الله" الذي يصبح عاشقاً بالله. كان ابراهيم عليه السلام متعلقاً بالله كثيراً لدرجة انه كان يعلم كل شيء من الله و يعمل كل شيء لله.
كانت حياته لوجه الله دائماً. فباعتقاد هذا "الخليل"، ليس لأي شيء وجود خارجي بل لكل شيء سبب ومسبب من الله تعالى. فالله تعالى وضع له كل العقبات ليمتحنه، فقد كان امتحان صعب و تعجيزي. رغم ذلك، انجز العمل باعتزازٍ ونال اعلى الدرجات.
»إِنِّی أَرَی فِی الْمَنَامِ أَنِّی أَذْبَحُک» «فَانظُرْ مَاذَا تَرَی» «یا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِینَ»
اراح ابراهيم عليه السلام باله وسلم ولده لله بافتخار. في تلك اللحظه اخذ ولده بلطف ومحبة وضمه الى صدره وقبله على رأسه وأخذ يمسح على رأسه بتحنن.
أتم ابراهيم سعيه مع اسماعيل ومن ثم قام بالطواف وفي مقامه (مقام ابراهيم) قام بدورين. ومن ثم اخذ الحبل والسكين الحاد والقماشة البيضاء و راح مسرعاً الى المذبحة مع اسماعيل. لقد مشى بخطواتٍ كبيرة ومتسارعة لانه كان يعتقد بأنه يجب أن يسارع في القيام بالأعمال التي أمره الله بها.
في الطريق حاول ابليس عدة المرات عبر وسواسه أن يبعده عن طريق الحق ويجره الى طريق الباطن. لكن هل بقدرته أن يبعد ابراهيم عليه السلام عن هذا الطريق! ولكن بكل ارادته رمى ابراهيم عليه السلام الجمرات على الشيطان.
وصل ابراهيم عليه السلام الى المنى، وبسرعةٍ ربط يدي ولده خلف ظهره وهو يتأمل سيماهه لآخر مرة وابتدأ ببسملةٍ .
نظر الى رقبة ولده اسماعيل ووضع السكين الحاد على حنجرته. ولكن كلما كان يمرر السكين على رقبته لم يحدث أي شيء. شدّ على السكين الحاد بكل قوته وحاول مرة أخرى لكن من دون جدوى.
فجأة من شدة الغضب ضرب السكين على الحجر فانقسم الحجر الى نصفين. نظر ابراهيم بتعجب فخاطب السكين قائلاً:"ايها السكين اتقطع الحجر ولا تقطع رقبة ولدي من اجل الله !؟" فردّ السكين: "أنت تريد ولكن الله لا يريد."
سجل الله تعالى " التضحية" التي قام بها في كتاب الخليل ابراهيم، في الحقيقة جعل سيرة حياته من ولادته حتى مماته نوراً ليتخذه البشرية. لأن الانسان مسافراً فيوماً ما سيعود الى ربه ويلاقيه. «یا أَیهَا الْإِنسَانُ إِنَّک کادِحٌ إِلَی رَبِّک کدْحًا فَمُلَاقِیهِ» (انشقاق: 6)
ربنا جعل الدنيا دار فناء، داراً يستعد فيه العبد في ظل العلائم والبراهين ليجمع عدته للسفر الى دار البقاء. فلقد اصبح الخليل ابراهيم مرآةً يٌعلم كل البشر كيف يكبر ويرتقي ليصل الى القمة و الى المعراج.
ففي عيد الاضحى صور لنا الله تعالى العبادة والتسليم الخالص له، وهذا ما سيعيه الانسان بالابتعاد عن النفس الهوى، واتخاذ ابراهيم عليه السلام اسوة، فيقوم بما كان يقوم به الخليل ابراهيم. فهذا العيد عيد ابراهيم عليه السلام الذي تغلب بارادته و بعبوديته و وفائه لله تعالى على الشيطان.