الوقت - وقّع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اتفاقا يهدف إلى إرساء هدنة عسكرية ابتداءً من يوم غد الإثنين أول أيام عيد الأضحى. لمعرفة أبعاد وأهداف هذا الإتفاق، وإمكانية تطبيقه أجرينا مقابلة مع الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد الدكتور امين حطيط جاء فيها التالي:
الوقت: بعد موافقة الدولة السورية والفصائل المسلّحة على هذا الإتفاق، ما هي إمكانية أو فرص تنفيذ الاتفاق الروسي الأمريكي حول الهدنة في سوريا نظراً للتشابك الميداني الحاصل بين جبهة فتح الشام وما يسمّى بالمعارضة المعتدلة، خاصّة أن الوضع يفتقر حتى الساعة إلى أي حل سياسي؟
العميد حطيط: نحن نرى أن هذا الإتفاق طلبته ضرورات الإتفاق الأمريكي والروسي على عجل، وبالتالي نرى أن العقبات التي تعترض التنفيذ هي أكثر بكثير من قدرات الأطراف على فرضه وتنفيذه. وهناك ثلاث عقبات رئيسية تحول دون التنفيذ الصحيح، العقبة الأولى تتصل بآلية مراقبة الإتفاق، صحيح أنهم أنشأوا غرفة عمليات مشتركة، ولكن الآلية التي تخوّل كلا الطرفين تنفيذ الإتفاق غير موجودة. المسألة الثانية فيما يخص فصل الإرهابيين عما يسمى بالمعارضة المعتدلة. أيضاً، هناك عقبة كبيرة تتعلّق بعملية الفصل، من الذي يحدّد ومن الذي يفصل في ظل التداخل الكبير بين الطرفين، وفي ظل قدرة الإرهابي على أن يغيّر جلده واسمه بلمح البصر. وبالتالي تعتبر عملية الفصل والتغيير نوعاً من أنواع الخداع. المسألة الثالثة تتعلّق بتحديد مجال عمل الطيران السوري، وهذه أول مرّة تقدم فيها أطراف دوليّة مقاربة الحظر الجوي، وكيف سيتم التعامل مع هذا الموضوع؟ وهل هذا الأمر هو عمل دائم أو مؤقت، أي خلال أسبوع مدّة وقف إطلاق النار. أضف إلى ذلك، هنالك أسئلة تطرح فيما لو أقدمت المعارضة المسلّحة التي تعتبرها أمريكا معتدلة، على الإستفادة من تراجع الجيش السوري عن ممرّ الكاستيلو فمن الذي سيخرجها؟ وهل الجيش العربي السوري وحلفاؤه سيدفعون ثمناً جديداً من أجل إعادة السيطرة على الكاستيلو وتذهب أرواح الـ200 والـ300 شهيد الذين دُفعوا ثمناً لهذا المعبر هباءً منثورا. لذلك، أعتقد أن هذا الإتفاق فيه من الصعوبات وفيه من مخاطر التطبيق أكثر بكثير مما يؤمن من مصالح، ومع ذلك هذا الإتفاق فيه إيجابيات للطرفين الروسي والأمريكي. الأمريكي استطاع بهذا الإتفاق أن يحقق هدفه الأساسي من تجميد العمليات العسكرية في حلب ويمنع الجيش العربي السوري وحلفائه من استكمال عملية التطهير. وفي هذه النقطة بالذات تعتبر أمريكا أنها حقّقت مكسباً استراتيجياً وعسكرياً كبيراً ، لا يمكن أن تحقّقه في الميدان. في الجانب الروسي نجد أن روسيا استطاعت أن تنتزع من أمريكا اعترافاً بها في الميدان السوري، وأن تنشئ غرفة عمليات ترتقي بالتنسيق من التنسيق السلبي القائم على عملية عدم الصدام في الأجواء إلى عملية التنسيق الإيجابي ضد هدف مشترك، كـ"داعش" وجبهة النصرة.
الوقت- جاء في أحد بنود الإتفاق ينسحب الطرفان من طريق الكاستيلو شمالي مدينة حلب، وفي بند آخر يطلب الاتفاق من فصائل المعارضة المسلّحة النأي بنفسها كليّاً عن جبهة فتح الشام وتنظيم داعش الإرهابي، فلماذا هذا الغموض في الإتفاق؟ مع العلم أن رياض حجاب ممثل الموقف السعودي في المعارضة السورية أبدى إمتعاضه من الإتفاق؟
العميد حطيط: أولاً إن بعض فصائل المعارضة ورياض حجاب لا قيمة لها ولا وزن في السياسة الأمريكية، هم أدوات رخيصة تستعمل. أما حول نقطة الإنسحاب من معبر الكاستيلو، فمعبر الكاستيلو على عرض 2 كلم هو بكامله بيد الجيش العربي السوري، ولا يوجد فيه لا معارضة معتدلة ولا معارضة متطرّفة، وبالتالي صحيح ان الإتفاق شمل المعارضة والجيش، لكن حقيقةً في التنفيذ لم يكن موجّها إلا إلى الجيش العربي السوري، لأن المعارضة غير موجودة هناك. أما إمكانية الفصل، فهذه نكتة وبدعة كبيرة لأننا لا نرى إمكانية حقيقيّة للفصل، طالما أنه لا يوجد من يستطيع أن يضبط الإرهابيين، ويستطيعون أن يبدلوا جلودهم وأسمائهم بلمح البصر، وبالتالي، عند طلوع الشمس يكون عنصراً من جبهة النصرة، وعند الظهر عنصراً من المعارضة المعتدلة أو الجيش الحرّ الذي ترعاه أمريكا. في لحظة من اللحظات سنجد كل من كان يسمّى جبهة نصرة، سيصبح معارضة معتدلة وهنا لا تكون امريكا قد خسرت شيئاً.
الوقت- يأتي الإتفاق الجديد مع وصول الجيش السوري إلى مستودعات خان طومان، وإعادته لـ"طوق حلب" على المسلحين، مع العلم أن البعض تحدّث عن تكرار ما حصل في درايا ولكن مع مسلحي حلب، فلماذا جاء الإتفاق في هذا الوقت تحديداً؟ وما هي الخطوة الأمريكية اللاحقة؟
العميد حطيط: أنا أعتقد أن هذا الإتفاق شاءته أمريكا لتقطع الطريق على الجيش العربي السوري وحلفائه في معركة حلب، ولكن في هذا الإتفاق ممرّ أو ثُغرة يمكن للجيش العربي السوري أن يستغلّها في هذا الإطار خاصّة أنه نصّ على مقاتلة جبهة النصرة وداعش. جبهة النصرة هي التي تشكّل العمود الفقري لجيش الفتح الذي يعمل في حلب، وبالتالي، ضمن هذا الإطار يستطيع الجيش العربي السوري أن يعمل، لأن الإتفاق لا يشمل داعش أو النصرة وعلى قوات الجيش العربي السوري وحلفائه استكمال العمليات ومن كان من المعارضة المعتدلة عليه أن ينأى بنفسه عن النصرة، فإن لم يفعل سيكون مستهدفاً بالقتال.