الوقت - ربّما اعتاد المسلحون في سوريا على مواصلة تمردهم، وعلى الإحتماء خلف بيوت المدنيين حتى يحملوا الدولة السورية فظاعة جرائمهم، لكن ما لم يعتادوه هو الوضع المتأزم في تركيا، الذي يُعطّل الدعم الواصل إلى مناطق سيطرة المسلحين، ويهدّد بخنقهم تمامًا.
وقد رصد تقريرٌ بجريدة «الإيكونوميست» الخطر الذي يتهدّد الإرهابيين في سوريا وعلى وجه الخصوص المتواجدون في حلب، في أعقاب محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا مؤخرًا، على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الصحيفة قالت في تقريرها: بعد فشل محاولة الانقلاب، ينصبّ تركيز الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» حاليًا على مجابهة عدوه الداخلي. يقول معلّق تركي إن قائد الجيش الثاني التركي المسؤول عن تأمين حدود تركيا الجنوبية يقبع الآن في السجن، بالإضافة إلى أكثر من 100 جنرال وآلاف العسكريين من رتب مختلفة، وتغلق الحكومة التركية معبر باب الهوى، المتنفّس الرئيسي لمناطق سيطرة المعارضة السورية، بين الحين والآخر. هذه النظرة الداخلية المنطوية تحدّ من قدرة الجيش على بسط النفوذ التركي إقليميًّا، كما يقول المعلّق.
وأضافت الإيكونوميست: لكن ما زاد الطين بلّة هو استضافة الولايات المتّحدة لـ«فتح الله غولن»، الزعيم الديني الذي يتّهمه أردوغان بأنّه العقل المدبّر وراء محاولة الانقلاب، وهو ما يؤدي إلى توتر العلاقات الأمريكية التركية، ويحدث شرخًا في بنيان التحالف الدولي الداعم للمسلحين في سوريا، وفقًا للتقرير. وهو ما ردّ عليه أردوغان بقطع الكهرباء مؤقتًا عن قاعدة إنجرليك الجوية، وتعطّل عمليات قصف مناطق تنظيم داعش.
تدهور العلاقات يهدّد أيضًا عمل الشركات الأمريكية الخاصة المتعاقدة على إيصال الدعم إلى المسلحين في سوريا، وسط مخاوف بأن تطالهم آثار استضافة أمريکا لغولن، وتؤدي إلى توقّفهم عن العمل.
وبينما ينسحب الدعم الدولي عن المسلحين، يتقدم الجيش السوري وبدعم روسيا في ضرباتها الجوية وقوات المقاومة، على أرض سوريا. ويقول التقرير إن حصارًا شاملًا تم إحكامه على منطقة شرق حلب بعد يومين من الانقلاب، حيث قطعت القوات السورية طريق الكاستيلو، آخر شرايين الحياة إلى حلب المسلحين.
وتتوقّع وكالات الأمم المتحّدة أن يبدأ مخزون الغذاء في النفاد بعد شهر من الآن لدى المسلحين. لكن الإرهابيين يقولون إنهم توقعوا الأمر واستعدوا له، وإنّ بإمكانهم، بمعاونة تنظيم جبهة النصرة الارهابي والذي غيَّر اسمه إلی "جبهة فتح الشام"، قطع آخر الطرق الموصلة إلى غربيّ حلب، الواقعة في قبضة الدولة السورية.
وينتهي التقرير إلى أن المسلحين يأملون في التفات «أردوغان» للداخل السوري، كجزءٍ من ردّه على محاولة الانقلاب، وتعزيزه للسيادة السنّية. لكن القيادات المنفية في غازي عنتاب، والأمريكيين من منظمي الدعم اللوجستي، ينتشر بينها جوّ من فقدان الأمر والإحباط. يقول أحدهم: لقد خسر المسلحون اللعبة بالفعل.